أعلنت شركة «فيرجن هايبرلوب» نجاح أول تجربة لنقل الركاب في كبسولة «هايبرلوب»، وذلك من خلال اختبار أجرته الشركة لمسافة 500 متر في مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا الأميركية، وذلك بعد أن أجرت أكثر من 400 اختبار من دون ركاب.
ويتوقع أن تعيد فكرة «هايبرلوب» هيكلة مفهوم النقل بعد اكتمال المشروع، في الوقت الذي تختصر فيه الوقت بشكل كبير مع وجود معايير سلامة عالية في استخدام هذه التقنية، حيث تتمثل فكرة «هايبرلوب» في دمج أنابيب منخفضة الضغط خالية من الهواء تربط بين محطتين، وداخل هذا الأنبوب كبسولات ركاب تندفع بسرعات عالية على وسادة هوائية مضغوطة، ولا تحتك بجدران الأنبوب بفعل حقل مغناطيسي يولّده مُحرِك كهربائي يستمد قوته من الطاقة الشمسية.
نمط نقل جديد
وقال سلطان أحمد بن سليم، رئيس مجلس إدارة شركة فيرجن هايبرلوب ورئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية: «يسعدنا أن نسهم في صنع تاريخ جديد مع أول ظهور لنمط جديد للنقل الجماعي منذ أكثر من 100 عام. استثمارنا في هذه التكنولوجيا الجديدة إنما ارتكز على ثقة تامة في قدرات فريق فيرجن هايبرلوب لتحويلها من فكرة مستقبلية إلى نظام آمن، وقد نجحنا بتضافر الجهود في تحقيق ذلك من خلال تجربة اليوم، لنقترب خطوة أخرى نحو عصر جديد في عالم النقل المستدام وفائق السرعة للأشخاص والبضائع».
ويمهد هذا الإنجاز مع المراحل المتقدمة التي تمت في مركز هايبرلوب للاعتماد، الطريق أمام تبنّي أنظمة هايبرلوب حول العالم، ما يمثل خطوة جوهرية نحو تطبيق المشاريع في المنطقة لا سيما في كل من السعودية والإمارات.
وأوضح بن سليم في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الإنجاز التاريخي الذي ساهمت موانئ دبي العالمية في تحقيقه مع نجاح أول تجربة تشغيل لنظام «هايبرلوب» بكبسولة على متنها ركاب، يؤكد ريادة الإمارات ودور إمارة دبي في صُنع المستقبل، ويرسّخ موقعها كمركز لانطلاق الحلول التكنولوجية المتطورة كجزء من مسيرتها التنموية، من خلال مؤسساتها العاملة ضمن مختلف المجالات، لتكون بهذا الإنجاز الجديد شريكا في إضافة سطور جديدة ضمن سجل التقدم الإنساني».
مركبة كهربائية
ذاتية القيادة بالكامل
وأضاف بن سليم «حظيت بفرصة مشاهدة الحلم يتحقق في ولاية نيفادا الأميركية، حيث أسعدني أن أكون شاهدا على كتابة فصل جديد من فصول تاريخ التنقّل في العالم بإنجاز لم تشهد له البشرية مثيلا من أكثر من 100 عام، وذلك عندما رأيت أول رحلة ركاب عن طريق (الهايبرلوب) وأدركت ما تحمله هذه الوسيلة المستدامة الجديدة للنقل من أهمية للإنسان، وماذا يمكن أن تعني السرعة لحركة البشر والبضائع، والإمكانات الهائلة الناتجة عن توظيف التقدم الرقمي في تعزيز قدرات البنية التحتية المادية».
وزاد رئيس مجلس إدارة فيرجن هايبرلوب «قبل أشهر، تابعنا والعالم معنا إطلاق (مسبار الأمل) لتشارك به الإمارات في صنع مستقبل البشرية بإسهامها في استكشاف الفضاء عبر رحلة تاريخية لأول مسبار عربي ينطلق في مهمة استكشاف كوكب المريخ، تمهيداً لتحقيق هدفها في إقامة أول مستعمرة بشرية على سطح الكوكب الأحمر بحلول العام 2171... واليوم نتشرف بأن تكون إمارة دبي ومن خلال موانئ دبي العالمية شريكا في إعادة صياغة مفاهيم التنقل بالتكنولوجيا، حيث استثمرنا في موانئ دبي العالمية 4 مليارات دولار على مدار 4 سنوات في مجال التقنيات الرقمية. وعلى الرغم مما شهده القطاع من تراجع، يسعدنا أن نعلن أن حجم أعمالنا للربع الثالث من العام الحالي قد شهد مؤشراتٍ إيجابية عبر مناطقنا الـ3 مع زيادة إنتاجية موانئ دبي العالمية بنسبة 1.9 في المائة حسب المقارنة السنوية».
وبين «نحن اليوم على استعدادٍ تام لاستئناف مرحلة جديدة من النمو والإصرار على البقاء في الصدارة، وربما كانت التجربة الناجحة الأولى لنقل الركاب بتقنية «الهايبرلوب» برهانا على هذا الإصرار، ودليلا على ما وصلت إليه تقنيات «فيرجين هايبرلوب» من تقدم.
وتطرق إلى أن «التقنيات التي صممها هذا الفريق تتخطى حدود أي إنجاز رأيته من قبل؛ فقد يظن البعض أن الهايبرلوب قطارٌ سريع، لكنه في حقيقة الأمر يشبه إلى حدٍ كبير مركبة كهربائية ذاتية القيادة بالكامل تتحرك في مسارٍ مخصصٍ لها. وتتسم حركة الحجرات التي تشبه الكبسولات والعملية اللوجيستية العاملة من خلالها بنظامها الآلي بالكامل، ويمكن أن يتم التوجيه الآلي الفوري للكبسولات باستخدام تحليل (النمذجة التنبؤية)».
التنقل بين مدن الخليج
في أقل من ساعة
وقال بن سليم «تستخدم تقنية (تعلّم الآلة) لتحليل كيفية أداء النظام، واكتشاف طرقٍ جديدة لرفع كفاءته إلى حدها الأقصى، ومعالجة المشاكل حتى قبل حدوثها باستخدام هذه التحليلات التنبؤية. والأهم من ذلك، أن ما توفره هذه التقنية للركاب يعد خدمة استثنائية عند الطلب تفوق كثيرا ما هو مطروح اليوم من خيارات. ولذلك، فإن هذا النظام متعدد الاستخدامات سيُحدث ثورة في سوق السلع المنقولة ذات الأولوية - مثل الأغذية والأدوية».
وأوضح «لنا أن نتخيل أنه مع (هايبرلوب) يمكن التنقّل بين جميع مدن الخليج العربي في أقل من ساعة بلا انبعاثات ودون الاتصال بشبكة الكهرباء على الإطلاق. فضلا عن ذلك، يمكن لهايبرلوب أن ينقل ما يقارب 45 مليون مسافر سنويا في المنطقة معتمدا على الألواح الشمسية التي تغطي مساره المصمم على شكل أنبوب. إننا لا نستثمر فقط في التقنيات الجديدة، بل نعيد الاستثمار في أجيال المستقبل كما نسهم في إيجاد وظائف جديدة ضمن قطاع التكنولوجيا المتطورة في المنطقة».
وأضاف «لا شك أن العالم يمر في الوقت الراهن بأزمة كبيرة صاحبتها تداعيات سلبية ليست بالهينة على الكثير من القطاعات، لكن رغم ذلك، ستبقى مسؤوليتنا تجاه الأجيال القادمة حافزا لنا لمواجهة هذا التحدي وتحويله إلى حلول تصنع الفرص من أجل مستقبلٍ أفضل. فمن يخوض هذا التحدي اليوم هو من سيقود العالم غدا».
أول تجربة
وكان غوش غيغل، الرئيس التقني والشريك المؤسس، وسارة لوشيان، مديرة تجربة الركاب، في فيرجن هايبرلوب أول من خاض هذه التجربة واستقلا هذه الوسيلة الجديدة للنقل. وأجري الاختبار في موقع «ديفلووب» للاختبارات في فيغاس الأميركية.
وقال غوش غيغل: «عندما بدأنا العمل في مرأب منذ أكثر من 6 سنوات، كان الهدف تغيير نمط نقل الركاب، واليوم اتخذنا خطوة كبيرة نحو تحقيق هذا الحلم، إنه حلم جماعي يجمع ملايين الأشخاص حول العالم من أجل تحقيق هذا الطموح».
وقام الراكبان برحلتهما الأولى على متن مركبة «إكس بي - 2» والتي تم الكشف عنها مؤخرا، والتي صممتها مجموعة بيارك آنجلز، ورُوعي في تصميمها كافة الضمانات التي تكفل سلامة الركاب وراحتهم. وقد صُممت المركبة التجريبية ذات المقعدين لإثبات أن الركاب يمكنهم فعليا التنقّل بأمان في مركبة هايبرلوب، في حين أن المركبات في مرحلة الإنتاج ستكون أكبر لتتسع لعدد 28 راكبا.