تجمع الكثير من القراءات والتحليلات على أن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن قد يبادر سريعا إلى وضع أجندته الخاصة بالسياسة الخارجية موضع التنفيذ، فور دخوله البيت الأبيض. لكن هناك ملفات قد تحتل أولوية على أخرى، في الوقت الذي تخوض فيه الولايات المتحدة تنافسا محموما مع قوى دولية صاعدة على رأسها الصين.
ويلخص البعض تلك الملفات بالموقف من إيران والعلاقة مع روسيا والعلاقة مع الصين. وفيما يتوقع أن يوقع تمديد معاهدة الحد من الأسلحة النووية الوحيدة المتبقية مع روسيا لمدة 5 سنوات جديدة، قد يبادر إلى إطلاق تصريحات تعيد التأكيد على الالتزامات الأميركية تجاه الناتو، بعد الشكوك التي أحاطت في احتمال خروج الرئيس دونالد ترمب منه لو فاز في الانتخابات مرة أخرى.
ويؤكد البعض أن بايدن سيبادر سريعا إلى إلغاء شعار «أميركا أولا» الذي رفعه ترمب، وأدار علاقاته الخارجية على قاعدته. في المقابل يرى البعض أن بايدن سيتّبع سياسة مختلفة تقوم على تعزيز الانفتاح والتعاون مع الحلفاء لتكوين إجماع دولي لتحقيق نتائج أوسع وأكثر إلزامية، سواء في مواجهة الصين أو روسيا أو إيران. عودة بايدن إلى الاتفاق النووي مع إيران مثلا، يراها البعض غير ممكنة بشكل تلقائي، في ظل الكثير من التغييرات التي طرأت وخصوصا موقف طهران الذي يضع الكرة في ملعبها أكثر من الولايات المتحدة، رغم انسحاب ترمب من الاتفاق، بحسب تصريحات نقلتها «نيويورك تايمز» عن أنتوني بلينكن مستشار الأمن القومي لبايدن. وطرحت تلك التصريحات علامات استفهام عن صحة توقع هذه العودة السريعة للاتفاق وتلقائيته. وقال بلينكن: «إذا قررت إيران أنها لن تعود إلى الامتثال بشروط الاتفاق، فنحن في وضع أقوى بكثير للحصول على الدعم من الحلفاء والشركاء». تصريحاته أتت ردا على طهران التي قالت إن العودة إلى تطبيق الاتفاق النووي معها يحتاج ثمنا على الولايات المتحدة أن تدفعه بعد انسحاب إدارة ترمب منه. كما أن الضغوط التي فرضتها إدارة ترمب والعقوبات التي جاء بعضها متوافقا مع إرادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي ورغبتهما المشتركة في معاقبة الكثير من الجماعات والميليشيات التي تدعمها طهران، لا يمكن العودة عنها إلّا وفق شروط يوافق عليها الحزبان أيضا.
وفي الملف الروسي، أظهر بايدن تغييرا كبيرا في نظرته للعلاقة معها، خصوصا بعد تصريحاته القوية التي تعهد بأن يجبرها على دفع ثمن غال لقاء تدخلها المزعوم في الانتخابات الأميركية منذ عام 2016، واستغل بايدن تقييم أجهزة الاستخبارات الأميركية عن تفضيل روسيا لترمب عليه، قائلا: «بوتين يعرفني وأنا أعرفه ولا يريدني أن أصبح رئيسا». وأضاف في إحدى حملاته الانتخابية «ربما يكون على حق بعد أن أصبحت تفاصيل مدى التدخل الروسي واضحة، وعدم استعداد ترمب لمواجهته». ورغم عدم وضوح المدى الذي سيأخذه موقف بايدن من روسيا، يقول بلينكن إن «الولايات المتحدة يجب أن تكون قد تعلمت من أخطائها عندما تدير ظهرها في عدد من الملفات وتحاول دولة أخرى الحلول مكانها». وأضاف «في كل مرة يحدث ذلك تكون النتيجة أسوأ وينتهي الأمر بفراغ أكبر مع أحداث سيئة أكثر». وغني عن القول إن روسيا قد تورطت في ملفات إقليمية عدة، من سوريا وليبيا وفنزويلا وعلاقاتها مع تركيا وإيران وصولا إلى أوكرانيا في ظل اتهامات لإدارة أوباما أولا ولترمب من بعده، بغض النظر عن تلك التدخلات الروسية. ملف الصين قد يكون هو الملف الأهم في أجندة الرئيس المنتخب بايدن، حيث ينقل عنه إعادة نظره في قراءة استراتيجية الصين الدولية. وتنقل «نيويورك تايمز» عن مسؤولين في فريق بايدن قولهم، إنه ومنذ إدارة أوباما «كان هناك تقليل من شأن السرعة التي سيضرب بها الرئيس الصيني شي جينبينغ للمعارضة في الداخل واستخدامه تقنية الجيل الخامس للاتصالات ومبادرة الحزام والطريق وتحدي نفوذ الولايات المتحدة».
وكتب كيرت كامبل، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون آسيا وإيلي راتنر أحد نواب مستشاري الأمن القومي لبايدن، في مقال نشر في مجلة «فورين أفيرز» عام 2018 أن «المشاركة الدبلوماسية والتجارية مع الصين، لم تجلب الانفتاح السياسي والاقتصادي». وأضافا «أن القوة العسكرية الأميركية والتوازن الإقليمي لم يمنعا بكين من السعي لإزاحة المكونات الأساسية للنظام الذي تقوده الولايات المتحدة». وهذا ما قد يطرح مقاربات جديدة، يقول البعض إنها ستقوم على محاولة تشكيل إجماع دولي لإجبار الصين على الالتزام بالقانون الدولي ووقف طموحاتها في الهيمنة سواء على المستويين الإقليمي أو الدولي، وإلزامها بقوانين التجارة العالمية ووقف سرقة الملكيات الفكرية والتلاعب بعملتها.
ويرى البعض أن تلك الأخطاء تنسحب على سياسات أخرى وقع فيها الرئيس السابق باراك أوباما أيضا في تقييم علاقاته مع إيران وروسيا، وكذلك تقييمه للتعامل مع حركات الإسلام السياسي.
بايدن يستعد لرسم أولويات سياساته الخارجية
على رأسها ملفا الصين وروسيا
بايدن يستعد لرسم أولويات سياساته الخارجية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة