بايدن يستعد لرسم أولويات سياساته الخارجية

على رأسها ملفا الصين وروسيا

الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في مدينة ويلمينغتون بولاية ديلاوير أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في مدينة ويلمينغتون بولاية ديلاوير أمس (أ.ف.ب)
TT

بايدن يستعد لرسم أولويات سياساته الخارجية

الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في مدينة ويلمينغتون بولاية ديلاوير أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في مدينة ويلمينغتون بولاية ديلاوير أمس (أ.ف.ب)

تجمع الكثير من القراءات والتحليلات على أن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن قد يبادر سريعا إلى وضع أجندته الخاصة بالسياسة الخارجية موضع التنفيذ، فور دخوله البيت الأبيض. لكن هناك ملفات قد تحتل أولوية على أخرى، في الوقت الذي تخوض فيه الولايات المتحدة تنافسا محموما مع قوى دولية صاعدة على رأسها الصين.
ويلخص البعض تلك الملفات بالموقف من إيران والعلاقة مع روسيا والعلاقة مع الصين. وفيما يتوقع أن يوقع تمديد معاهدة الحد من الأسلحة النووية الوحيدة المتبقية مع روسيا لمدة 5 سنوات جديدة، قد يبادر إلى إطلاق تصريحات تعيد التأكيد على الالتزامات الأميركية تجاه الناتو، بعد الشكوك التي أحاطت في احتمال خروج الرئيس دونالد ترمب منه لو فاز في الانتخابات مرة أخرى.
ويؤكد البعض أن بايدن سيبادر سريعا إلى إلغاء شعار «أميركا أولا» الذي رفعه ترمب، وأدار علاقاته الخارجية على قاعدته. في المقابل يرى البعض أن بايدن سيتّبع سياسة مختلفة تقوم على تعزيز الانفتاح والتعاون مع الحلفاء لتكوين إجماع دولي لتحقيق نتائج أوسع وأكثر إلزامية، سواء في مواجهة الصين أو روسيا أو إيران. عودة بايدن إلى الاتفاق النووي مع إيران مثلا، يراها البعض غير ممكنة بشكل تلقائي، في ظل الكثير من التغييرات التي طرأت وخصوصا موقف طهران الذي يضع الكرة في ملعبها أكثر من الولايات المتحدة، رغم انسحاب ترمب من الاتفاق، بحسب تصريحات نقلتها «نيويورك تايمز» عن أنتوني بلينكن مستشار الأمن القومي لبايدن. وطرحت تلك التصريحات علامات استفهام عن صحة توقع هذه العودة السريعة للاتفاق وتلقائيته. وقال بلينكن: «إذا قررت إيران أنها لن تعود إلى الامتثال بشروط الاتفاق، فنحن في وضع أقوى بكثير للحصول على الدعم من الحلفاء والشركاء». تصريحاته أتت ردا على طهران التي قالت إن العودة إلى تطبيق الاتفاق النووي معها يحتاج ثمنا على الولايات المتحدة أن تدفعه بعد انسحاب إدارة ترمب منه. كما أن الضغوط التي فرضتها إدارة ترمب والعقوبات التي جاء بعضها متوافقا مع إرادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي ورغبتهما المشتركة في معاقبة الكثير من الجماعات والميليشيات التي تدعمها طهران، لا يمكن العودة عنها إلّا وفق شروط يوافق عليها الحزبان أيضا.
وفي الملف الروسي، أظهر بايدن تغييرا كبيرا في نظرته للعلاقة معها، خصوصا بعد تصريحاته القوية التي تعهد بأن يجبرها على دفع ثمن غال لقاء تدخلها المزعوم في الانتخابات الأميركية منذ عام 2016، واستغل بايدن تقييم أجهزة الاستخبارات الأميركية عن تفضيل روسيا لترمب عليه، قائلا: «بوتين يعرفني وأنا أعرفه ولا يريدني أن أصبح رئيسا». وأضاف في إحدى حملاته الانتخابية «ربما يكون على حق بعد أن أصبحت تفاصيل مدى التدخل الروسي واضحة، وعدم استعداد ترمب لمواجهته». ورغم عدم وضوح المدى الذي سيأخذه موقف بايدن من روسيا، يقول بلينكن إن «الولايات المتحدة يجب أن تكون قد تعلمت من أخطائها عندما تدير ظهرها في عدد من الملفات وتحاول دولة أخرى الحلول مكانها». وأضاف «في كل مرة يحدث ذلك تكون النتيجة أسوأ وينتهي الأمر بفراغ أكبر مع أحداث سيئة أكثر». وغني عن القول إن روسيا قد تورطت في ملفات إقليمية عدة، من سوريا وليبيا وفنزويلا وعلاقاتها مع تركيا وإيران وصولا إلى أوكرانيا في ظل اتهامات لإدارة أوباما أولا ولترمب من بعده، بغض النظر عن تلك التدخلات الروسية. ملف الصين قد يكون هو الملف الأهم في أجندة الرئيس المنتخب بايدن، حيث ينقل عنه إعادة نظره في قراءة استراتيجية الصين الدولية. وتنقل «نيويورك تايمز» عن مسؤولين في فريق بايدن قولهم، إنه ومنذ إدارة أوباما «كان هناك تقليل من شأن السرعة التي سيضرب بها الرئيس الصيني شي جينبينغ للمعارضة في الداخل واستخدامه تقنية الجيل الخامس للاتصالات ومبادرة الحزام والطريق وتحدي نفوذ الولايات المتحدة».
وكتب كيرت كامبل، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون آسيا وإيلي راتنر أحد نواب مستشاري الأمن القومي لبايدن، في مقال نشر في مجلة «فورين أفيرز» عام 2018 أن «المشاركة الدبلوماسية والتجارية مع الصين، لم تجلب الانفتاح السياسي والاقتصادي». وأضافا «أن القوة العسكرية الأميركية والتوازن الإقليمي لم يمنعا بكين من السعي لإزاحة المكونات الأساسية للنظام الذي تقوده الولايات المتحدة». وهذا ما قد يطرح مقاربات جديدة، يقول البعض إنها ستقوم على محاولة تشكيل إجماع دولي لإجبار الصين على الالتزام بالقانون الدولي ووقف طموحاتها في الهيمنة سواء على المستويين الإقليمي أو الدولي، وإلزامها بقوانين التجارة العالمية ووقف سرقة الملكيات الفكرية والتلاعب بعملتها.
ويرى البعض أن تلك الأخطاء تنسحب على سياسات أخرى وقع فيها الرئيس السابق باراك أوباما أيضا في تقييم علاقاته مع إيران وروسيا، وكذلك تقييمه للتعامل مع حركات الإسلام السياسي.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».