آلية لتصميم عقاقير تمنع تكاثر الفيروس

في دراسة أميركية أعدتها كلية الطب بجامعة فلوريدا

TT

آلية لتصميم عقاقير تمنع تكاثر الفيروس

يهاجم فيروس «كورونا المستجد» الجسم في خطوات متعددة، ويعد الدخول إلى الخلايا العميقة داخل الرئتين، ثم اختطاف آلية الخلية البشرية المضيفة لإنتاج نسخ من نفسها، خطوتين من أولى الخطوات، وكلاهما ضروري للعدوى الفيروسية. وتقدم دراسة جديدة قادها باحثون في كلية الطب بجامعة جنوب فلوريدا، ونشرت في دورية «ساينس أدفانسيس» في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، نظرة ثاقبة لتصميم الأدوية المضادة للفيروسات ضد لـ(كوفيد - 19) من خلال «إظهار أن بعض المركبات الموجودة يمكن أن تمنع كلا من البروتياز الرئيسي، وهو بروتين فيروسي رئيسي مطلوب لتكاثر الفيروس داخل الخلايا البشرية، وكاثيبسين البروتياز الليزوزومي، وهو بروتين بشري مهم للدخول الفيروسي إلى الخلايا المضيفة».
وقال الدكتور يو تشن، الباحث الرئيسي المشارك بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة جنوب فلوريدا بالتزامن مع نشر الدراسة: «إذا استطعنا تطوير مركبات تقتل عصفورين بحجر واحد، بحيث تغلق أو تقلل كلتا العمليتين بشكل كبير - دخول الفيروس وتكاثره - فإن مثل هذا التثبيط المزدوج، قد يعزز فاعلية هذه المركبات في علاج عدوى الفيروس».
واعتمد الباحثون على نتائج سابقة لباحثين من جامعة أريزونا حللوا خلالها الكثير من الأدوية المضادة للفيروسات الحالية الواعدة كمرشحين لعلاج (كوفيد - 19)، وتم اختبار قدرتها على منع البروتياز الرئيسي، وهو بروتين فيروسي رئيس مطلوب لتكاثر الفيروس داخل الخلايا البشرية.
فيما أكد مايكل ساكو، المؤلف الرئيسي بالدراسة «وجدنا أن اثنين من المركبات، وهما مثبطات (الكالباين II) و(XII) لم يظهرا نشاطا كبيرا ضد منع البروتياز الرئيس مثل دواء مرشح آخر يسمى (GC - 376)، ومع ذلك، فإن مثبطات الكالبين، وخاصة النوع (XII) عملت بالفعل بشكل أفضل من (GC - 376) في قتل الفيروس في مزارع الخلايا المعملية»، مضيفا: «لقد توصلنا إلى أن مثبطات الكالباين، وإن كانت أقل فاعلية في تثبيط إنزيم البروتياز الرئيسي للفيروس، فإنها تفعل شيئا آخر، حيث يمكن أن تمنع البروتياز الأخرى، بما في ذلك (كاثيبسين البروتياز الليزوزومي) وهو بروتين مهم يشارك في التوسط لدخول الفيروس إلى الخلايا».
وبحسب يو تشن، فإن «هذه تقدم النتائج معلومات هيكلية مفيدة حول كيفية تصميم مثبطات أفضل لاستهداف كل من البروتياز الفيروسي وكاثيبسين البروتياز الليزوزومي، وهناك فائدة أخرى للمثبطات المزدوجة وهي قدرتها على قمع مقاومة الأدوية»، موضحا أن «الفيروس يمكنه أن يتحول أو يغير تسلسله الجيني المستهدف، وتخدع هذه الطفرات الفيروسية الخلية البشرية للسماح للفيروس بالتعلق بغشاء سطح الخلية وإدخال مادته الجينية، ويمكن أن تغير شكل البروتينات الفيروسية وكيفية تفاعلها مع الجزيئات الأخرى بما في ذلك المثبطات داخل الخلية... وعندما يتحور الفيروس حتى يتمكن من مواصلة التكاثر، يمكن أن يصبح مقاوما لمثبط معين، مما يقلل من فاعلية هذا المركب، وبمعنى آخر، إذا تغير التسلسل الجيني للهدف الفيروسي (القفل)، فإن المفتاح المانع لم يعد يناسب هذا القفل المحدد»، مستطردا لكن لنفترض أن «المفتاح نفسه يمكنه فتح قفلين للمساعدة في منع الإصابة بعدوى (كوفيد - 19)، ففي هذه الحالة القفلان هما، البروتياز الرئيس، وهو البروتين المطلوب لتكاثر الفيروس، و(كاثيبسين البروتياز الليزوزومي)، وهو البروتين المطلوب للدخول الفيروسي إلى الخلايا المضيفة».
ووفق يو تشن فإنه «يصعب على الفيروس تغيير القفلين في نفس الوقت، لذا فإن المانع المزدوج يجعل من الصعب تطوير مقاومة الأدوية المضادة للفيروسات، لأنه حتى لو تغير البروتين الفيروسي، فإن هذا النوع من المركب يظل فعالا ضد البروتين البشري المضيف الذي لم يتغير».
من جهته، أثنى الدكتور خالد شحاتة، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط بجنوب مصر على ما توصلت له نتائج هذه الدراسة، كونها «تضع في الحسبان احتمالية تحور الفيروس»، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «بما أن المركبات التي تختبرها الدراسة توجد بالفعل في أدوية معتمدة ومستخدمة على نطاق تجاري، فمن المتوقع أن تأخذ مثل هذه الدراسات خطوات أسرع نحو الاعتماد التجاري، بالانتقال السريع للتجارب الحيوانية، ثم التجارب السريرية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».