قادة العالم يهنّئون الرئيس المنتخب ونائبته

قادة العالم يهنّئون الرئيس المنتخب ونائبته
TT

قادة العالم يهنّئون الرئيس المنتخب ونائبته

قادة العالم يهنّئون الرئيس المنتخب ونائبته

وجّه قادة العالم، أمس، التهاني تباعاً لجو بايدن بعد فوزه في السباق الرئاسي الأميركي، وانتخابه الرئيس الـ46 للولايات المتحدة.
وسارع قادة كل من آيرلندا وكندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا لتهنئة الرئيس المنتخب ونائبته كامالا هاريس، بينما شدد رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية الأوروبية على رغبة الاتحاد الأوروبي في إعادة بناء «شراكة قوية» مع الولايات المتحدة.
وهنّأت آيرلندا الديمقراطي بايدن بصفته «رئيساً منتخباً» للولايات المتحدة وصديقاً وفياً لبلاد أجداده، مبدية ثقتها بأنه سيكون داعماً للسلام في آيرلندا الشمالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فيما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العمل «معاً» من أجل «مواجهة التحديات الراهنة». وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إنها تتطلع للتعاون مستقبلاً مع الرئيس بايدن. وتابعت في تغريدة: «صداقتنا عبر الأطلسي لا غنى عنها إذا كنا نريد التصدي للتحديات الجسام في عصرنا». كما شددت ميركل على حقيقة أن هاريس ستكون أول نائبة رئيس منتخبة في الولايات المتحدة.
بدوره، قال رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون: «أهنئ جو بايدن على انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، وأهنئ كاملا هاريس على إنجازها التاريخي». وأضاف أن «الولايات المتحدة أهم حليف لنا، وأتطلع إلى التعاون عن كثب بشأن أولوياتنا المشتركة، من تغير المناخ إلى التجارة والأمن».
من جانبه، قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو: «بالنيابة عن حكومة كندا، أهنئ جو بايدن وكاملا هاريس على انتخابهما رئيساً ونائبة للرئيس للولايات المتحدة الأميركية. تتمتع كندا والولايات المتحدة بعلاقة استثنائية - علاقة فريدة على المسرح العالمي».
وانضم الأمين العام لحلف «الناتو» ينس ستولتنبرغ، إلى المهنئين، معرباً عن أمله في تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا. وقال ستولتنبرغ عبر «تويتر» إن «القيادة الأميركية لا تقل أهمية عن أي وقت مضى في عالم لا يمكن التنبؤ به، وأتطلع إلى العمل عن كثب مع الرئيس المنتخب بايدن ونائبة الرئيس المنتخب كامالا هاريس والإدارة الجديدة لتعزيز الروابط بين أميركا الشمالية وأوروبا». وتابع أن «الناتو القوي أمر جيد لأميركا الشمالية ولأوروبا».
عربياً، قدم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي التهنئة لجو بايدن الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الأميركية ونائبته بفوزهما في الانتخابات الأميركية الرئاسية. وقال في تغريدة على «تويتر»، إن «علاقاتنا منذ خمسة عقود راسخة واستراتيجية مع الولايات المتحدة، وتمنياتنا لهذه العلاقة المزيد من التقدم والرسوخ مع الرئيس المنتخب الجديد». من جهته، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي في «تويتر» أمس: «خالص التهاني إلى جو بايدن بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية وإلى كامالا هاريس نائبة الرئيس، وأصدق الأمنيات بالتوفيق لهما في تحقيق مزيد من التقدم للشعب الأميركي الصديق، الإمارات وأميركا تربطهما علاقات صداقة تاريخية وتحالف استراتيجي قوي، وسنواصل تعزيزهما خلال المرحلة المقبلة».
من جهته، قدم العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، التهنئة إلى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن. وكتب على «تويتر»: «إنني أتطلع إلى العمل معكم على تعزيز الشراكة التاريخية المتينة بين الأردن والولايات المتحدة، لصالح أهدافنا المشتركة المتمثلة في السلام والاستقرار والازدهار».
كما وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التهنئة إلى جو بايدن، وأكّد التطلع للتعاون والعمل المشترك من أجل تعزيز العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، بما فيه صالح البلدين والشعبين الصديقين، كما نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن السفير بسام راضي المتحدث باسم الرئاسة المصرية.
وهنّأ الرئيس اللبناني ميشال عون الرئيس الأميركي المنتخب، معرباً عن «أمله في أن يعود في عهده التوازن في العلاقات اللبنانية - الأميركية، لما فيه مصلحة الشعبين اللبناني والأميركي الصديقين»، وفق حساب الرئاسة اللبنانية على «تويتر».
من جهته، بعث سلطان عمان هيثم بن طارق ببرقية تهنئة إلى بايدن عبّر فيها عن خالص تهانيه «لحصوله على ثقة الشعب الأميركي وانتخابه رئيساً للفترة الرئاسية المقبلة»، كما ذكرت وكالة الأنباء العمانية.
بدوره، كتب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد على موقع «تويتر»: «تهانينا للرئيس المنتخب جو بايدن ونائبة الرئيس المنتخب كامالا هاريس. أطيب تمنياتي لشعب الولايات المتحدة وأتطلع إلى العمل معاً لمواصلة تعزيز الصداقة بين بلدينا».



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟