مفاوضات ترسيم الحدود تواجه صعوبات

إسرائيل تصف موقف لبنان بـ {الاستفزازي}

TT

مفاوضات ترسيم الحدود تواجه صعوبات

أكدت مصادر إسرائيلية أن المفاوضات مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية وحقوق البلدين في المياه الاقتصادية تواجه مصاعب؛ لأنها بينت أن هناك هوة كبيرة أكثر من المتوقع. وقالت إن اللبنانيين يتهمون الجانب الإسرائيلي بمحاولة السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من منطقة المياه الاقتصادية والاستيلاء على مواردهم الطبيعية، ويعتبرون المقترحات الإسرائيلية استفزازية.
وتحدثت هذه المصادر لصحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، أمس الجمعة، عن تفاصيل الخلافات. فقالت إن لبنان طرح خلال جولة المفاوضات الأخيرة أن يكون خط حدود المياه الاقتصادية إلى الجنوب من الخط الذي كان قد أودعه مندوبون عنه لدى الأمم المتحدة، في عام 2010، بادعاء توسيع منطقتها في هذه المياه، والاقتراب من حقلي الغاز اللذين استولت عليهما إسرائيل، وتطلق عليهما تسمية «كَاريش» و«لِفياتان». ووصفت الصحيفة الموقف اللبناني بأنه «استفزازي».
وأضافت الصحيفة، المعروفة بقربها من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن الوفد الإسرائيلي رد على ذلك بأن وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطاينيتس «فوضنا بإجراء مفاوضات حول المنطقة الواقعة شمالي الخط الأخضر وعدم تجاوزه». و«الخط الأخضر» هو خط حدود المياه الاقتصادية الذي أودعه لبنان لدى الأمم المتحدة عام 2010. وطالبت إسرائيل بالحصول على منطقة في المياه الاقتصادية تقع إلى الشمال من الخط الذي أودعته لدى الأمم المتحدة، عام 2010، علماً بأن الخط الذي أودعه لبنان حينذاك، كان خطاً مستقيماً ينطلق من الحدود البرية بين الجانبين باتجاه البحر، ويمثل حدود المياه الإقليمية بين الجانبين.
وادَّعى الوفد الإسرائيلي أنه معني بالتفاوض حول المثلث المختلف حوله في المياه الاقتصادية، البالغة مساحته 850 كيلومتراً مربعاً، وأنه «إذا استعرض لبنان مواقف متطرفة، فإن بإمكان إسرائيل استعراض مواقف كهذه أيضاً».
وأفادت الصحيفة بأنه خلال مداولات إسرائيلية سبقت جولة المفاوضات الثانية، استعرض شطاينيتس خطي حدود محتملين للمياه الاقتصادية «كي يشكلا استفزازاً مضاداً للاستفزاز اللبناني». الخط الأول يسمى «الخط الأسود» الذي يدخل إلى المياه الإقليمية اللبنانية، بينما الخط الآخر «الخط الأحمر»، يستولي على مساحة واسعة من المياه الإقليمية اللبنانية، ويتجاوز المنطقة البحرية المقابلة لمدينة صور اللبنانية. وتابعت الصحيفة بأن شطاينيتس اعتبر أن «الخط الأسود» يعبر عن موقف إسرائيلي «أكثر اعتدالاً».
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع ومطَّلع على التفاصيل، زعمه أنه «بالإمكان إيجاد مبررات لائقة لخط 310 (أي «الخط الأحمر»)؛ لكن وزير الطاقة أوعز للوفد باستعراض الخط الأكثر اعتدالاً». واعتبر المسؤول الإسرائيلي أنه «فقط في حال تبنى الجانبان توجهاً براغماتياً، سيكون بالإمكان التقدم نحو حل الخلاف»، مضيفاً أن «إسرائيل لن تناقش أي حدود تقع جنوبي الخط الأخضر الذي استعرضه لبنان لدى الأمم المتحدة عام 2010».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم