أنقرة تقيم قاعدة شمال الرقة... وواشنطن تعزز قواتها في دير الزور

دورية روسية ـ تركية جديدة في شمال شرقي سوريا

دورية روسية - تركية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
دورية روسية - تركية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تقيم قاعدة شمال الرقة... وواشنطن تعزز قواتها في دير الزور

دورية روسية - تركية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
دورية روسية - تركية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)

سيرت أمس القوات الروسية والتركية دورية مشتركة في ريف الحسكة في شمال شرقي سوريا، وسط أنباء عن إقامة أنقرة قاعدة شمال الرقة، في وقت بدأت القوات الأميركية في بناء قاعدة عسكرية في بلدة الباغوز التابعة لريف دير الزور الشرقي التي كانت آخر معاقل «داعش» وطرد منها في مارس (آذار) 2019.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن سجل «خروج القوات الروسية ونظيرتها التركية بدورية مشتركة جديدة في ريف الحسكة، حيث انطلقت 4 عربات تركية ومثلها روسية من معبر شيريك الحدودي مع تركيا غرب الدرباسية، وتوجهت الدورية المشتركة إلى قرى دليك وملك وظهر العرب وكسرى بريف زركان، ومن ثم توجهت إلى الريف الجنوبي الغربي لدرباسية وإلى جنوب الدرباسية في العمق السوري، على الطريق الحسكة - الدرباسية وعبرت غنامية الواقعة غرب الدرباسية على الطريق ذاته ومن ثم عادت إلى شيريك عند الحدود السورية - التركية في ريف الحسكة». وتزامن ذلك مع تحليق مروحيتين روسيتين في أجواء المنطقة.
وفي 26 الشهر الماضي، تم خروج القوات الروسية ونظيرتها التركية بدورية مشتركة جديدة في ريف الحسكة.
وقال «المرصد» أمس إنه رصد عبور شاحنات برفقة قوات روسية منطقة عين عيسى شمال الرقة في طريقها نحو تل تمر بريف الحسكة، لافتا إلى إنشاء القوات التركية قاعدة عسكرية جديدة بالقرب من طريق «إم 4» غرب ناحية عين عيسى شمال محافظة الرقة. وقال: «القوات التركية أصبحت تتمركز في 5 قواعد عسكرية قرب طريق (إم 4) هي: كفيفة وعين رمانة وتينة والرابعة على الطريق الواصل بين عين عيسى واستراحة صقر والأخيرة غرب بلدة عين عيسى».
وكان «المرصد» رصد في 21 الشهر الماضي استقدام الفصائل الموالية لتركيا تعزيزات عسكرية إلى ريفي تل أبيض وعين عيسى.
تزامن ذلك، مع بدء القوات الأميركية ببناء قاعدة عسكرية في بلدة الباغوز التابعة، حيث اتخذت تلة مرتفعة مطلة على مناطق خاضعة لسيطرة القوات النظامية ومواقع تابعة للميليشيات الإيرانية، تنتشر في الضفة الجنوبية المقابلة من نهر الفرات والأخير بات نقطة تماس.
والباغوز كانت آخر معقل جغرافي يخضع لسيطرة مسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي، قبل القضاء عليه في مارس العام الماضي. وقال قيادي عسكري بارز مطلع إن القوات الأميركية باشرت بالفعل أعمال البناء والتشييد، ورفعت السواتر الترابية وفرضت طوقاً أمنياً في محيط المنطقة، وانتهت من تجهيز مهبط للمروحيات العسكرية لنقل اللوازم اللوجيستية، أما تأمينها فقد أوكلت حراستها إلى عناصر «قوات سوريا الديمقراطية» العربية الكردية.
ونشرت حواجز أمنية وحراسة مشددة وعززت وجودها في محيط المنطقة، وضمت التعزيزات عشرات العربات المصفحة الكبيرة تحمل صناديق ذخيرة وأسلحة وخزانات وقود، إضافة إلى مستلزمات لوجيستية أخرى من طعام وشراب، ولقد دخلت الشاحنات الأميركية من معبر الوليد الحدودي بين سوريا والعراق المجاور.
وبذلك يرتفع عدد المواقع والمقرات العسكرية التابعة للجيش الأميركي إلى 9 قواعد، تنتشر 4 منها في ريف دير الزور أكبرها حقل العمر النفطي ويضم مهبطا جويا كبيرا لطائرات الأباتشي الأميركية، و5 مواقع مماثلة في ريف الحسكة، وهاتان المحافظتان تعدان من أكبر المدن السورية المنتجة للطاقة والغاز الطبيعي وتتوزع فيها أكبر حقول النفط.
ويتخذ الجيش الأميركي من قاعدة رميلان النفطية بريف الحسكة أهم قواعده في سوريا، وتتضمن مهبطا للطيران العسكري ومركز انطلاق عربات البرادلي التي وصلت 6 منها كدفعة جديدة و100 جندي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد تزايد حالات الاحتكاك مع القوات الروسية المنتشرة بالمنطقة نفسها.
وأشار قيادي عسكري رفيع من قوات «قسد» إلى أن هذه التعزيزات رسالة مباشرة إلى روسيا وإيران: «للالتزام بقواعد إزالة التوتر المتفق عليها بين الطرفين، وبالوقت نفسه لباقي الدول الإقليمية الفاعلة بالحرب السورية مثل إيران لتتجنب التصرفات غير الآمنة والاستفزازية في شمال شرقي سوريا».
وتستمر القوات الأميركية بإدخال المعدات العسكرية حيث وصلت خلال الأشهر الماضية مئات الشاحنات المحملة بمعدات لوجيستية إلى مدينتي دير الزور والحسكة لتعزيز وجودها بشرق الفرات، كما نشرت رادارا من طراز Sentinel، وزادت وتيرة طلعات المقاتلات الأميركية من طراز الأباتشي، كما نشرت 500 جندي مؤخراً من أجل تأمينها واستمرار الهجمات ضد خلايا التنظيم.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».