أنقرة تقيم قاعدة شمال الرقة... وواشنطن تعزز قواتها في دير الزور

دورية روسية ـ تركية جديدة في شمال شرقي سوريا

دورية روسية - تركية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
دورية روسية - تركية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تقيم قاعدة شمال الرقة... وواشنطن تعزز قواتها في دير الزور

دورية روسية - تركية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
دورية روسية - تركية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)

سيرت أمس القوات الروسية والتركية دورية مشتركة في ريف الحسكة في شمال شرقي سوريا، وسط أنباء عن إقامة أنقرة قاعدة شمال الرقة، في وقت بدأت القوات الأميركية في بناء قاعدة عسكرية في بلدة الباغوز التابعة لريف دير الزور الشرقي التي كانت آخر معاقل «داعش» وطرد منها في مارس (آذار) 2019.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن سجل «خروج القوات الروسية ونظيرتها التركية بدورية مشتركة جديدة في ريف الحسكة، حيث انطلقت 4 عربات تركية ومثلها روسية من معبر شيريك الحدودي مع تركيا غرب الدرباسية، وتوجهت الدورية المشتركة إلى قرى دليك وملك وظهر العرب وكسرى بريف زركان، ومن ثم توجهت إلى الريف الجنوبي الغربي لدرباسية وإلى جنوب الدرباسية في العمق السوري، على الطريق الحسكة - الدرباسية وعبرت غنامية الواقعة غرب الدرباسية على الطريق ذاته ومن ثم عادت إلى شيريك عند الحدود السورية - التركية في ريف الحسكة». وتزامن ذلك مع تحليق مروحيتين روسيتين في أجواء المنطقة.
وفي 26 الشهر الماضي، تم خروج القوات الروسية ونظيرتها التركية بدورية مشتركة جديدة في ريف الحسكة.
وقال «المرصد» أمس إنه رصد عبور شاحنات برفقة قوات روسية منطقة عين عيسى شمال الرقة في طريقها نحو تل تمر بريف الحسكة، لافتا إلى إنشاء القوات التركية قاعدة عسكرية جديدة بالقرب من طريق «إم 4» غرب ناحية عين عيسى شمال محافظة الرقة. وقال: «القوات التركية أصبحت تتمركز في 5 قواعد عسكرية قرب طريق (إم 4) هي: كفيفة وعين رمانة وتينة والرابعة على الطريق الواصل بين عين عيسى واستراحة صقر والأخيرة غرب بلدة عين عيسى».
وكان «المرصد» رصد في 21 الشهر الماضي استقدام الفصائل الموالية لتركيا تعزيزات عسكرية إلى ريفي تل أبيض وعين عيسى.
تزامن ذلك، مع بدء القوات الأميركية ببناء قاعدة عسكرية في بلدة الباغوز التابعة، حيث اتخذت تلة مرتفعة مطلة على مناطق خاضعة لسيطرة القوات النظامية ومواقع تابعة للميليشيات الإيرانية، تنتشر في الضفة الجنوبية المقابلة من نهر الفرات والأخير بات نقطة تماس.
والباغوز كانت آخر معقل جغرافي يخضع لسيطرة مسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي، قبل القضاء عليه في مارس العام الماضي. وقال قيادي عسكري بارز مطلع إن القوات الأميركية باشرت بالفعل أعمال البناء والتشييد، ورفعت السواتر الترابية وفرضت طوقاً أمنياً في محيط المنطقة، وانتهت من تجهيز مهبط للمروحيات العسكرية لنقل اللوازم اللوجيستية، أما تأمينها فقد أوكلت حراستها إلى عناصر «قوات سوريا الديمقراطية» العربية الكردية.
ونشرت حواجز أمنية وحراسة مشددة وعززت وجودها في محيط المنطقة، وضمت التعزيزات عشرات العربات المصفحة الكبيرة تحمل صناديق ذخيرة وأسلحة وخزانات وقود، إضافة إلى مستلزمات لوجيستية أخرى من طعام وشراب، ولقد دخلت الشاحنات الأميركية من معبر الوليد الحدودي بين سوريا والعراق المجاور.
وبذلك يرتفع عدد المواقع والمقرات العسكرية التابعة للجيش الأميركي إلى 9 قواعد، تنتشر 4 منها في ريف دير الزور أكبرها حقل العمر النفطي ويضم مهبطا جويا كبيرا لطائرات الأباتشي الأميركية، و5 مواقع مماثلة في ريف الحسكة، وهاتان المحافظتان تعدان من أكبر المدن السورية المنتجة للطاقة والغاز الطبيعي وتتوزع فيها أكبر حقول النفط.
ويتخذ الجيش الأميركي من قاعدة رميلان النفطية بريف الحسكة أهم قواعده في سوريا، وتتضمن مهبطا للطيران العسكري ومركز انطلاق عربات البرادلي التي وصلت 6 منها كدفعة جديدة و100 جندي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد تزايد حالات الاحتكاك مع القوات الروسية المنتشرة بالمنطقة نفسها.
وأشار قيادي عسكري رفيع من قوات «قسد» إلى أن هذه التعزيزات رسالة مباشرة إلى روسيا وإيران: «للالتزام بقواعد إزالة التوتر المتفق عليها بين الطرفين، وبالوقت نفسه لباقي الدول الإقليمية الفاعلة بالحرب السورية مثل إيران لتتجنب التصرفات غير الآمنة والاستفزازية في شمال شرقي سوريا».
وتستمر القوات الأميركية بإدخال المعدات العسكرية حيث وصلت خلال الأشهر الماضية مئات الشاحنات المحملة بمعدات لوجيستية إلى مدينتي دير الزور والحسكة لتعزيز وجودها بشرق الفرات، كما نشرت رادارا من طراز Sentinel، وزادت وتيرة طلعات المقاتلات الأميركية من طراز الأباتشي، كما نشرت 500 جندي مؤخراً من أجل تأمينها واستمرار الهجمات ضد خلايا التنظيم.



خطة ترمب لغزة تنال مباركة أممية واسعة تدفع مسار الدولة الفلسطينية

أعضاء مجلس الأمن يصوتون على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لتفويض قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة (د.ب.أ)
أعضاء مجلس الأمن يصوتون على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لتفويض قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة (د.ب.أ)
TT

خطة ترمب لغزة تنال مباركة أممية واسعة تدفع مسار الدولة الفلسطينية

أعضاء مجلس الأمن يصوتون على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لتفويض قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة (د.ب.أ)
أعضاء مجلس الأمن يصوتون على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لتفويض قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة (د.ب.أ)

وفّر مجلس الأمن غطاء دولياً واسعاً لخريطة الطريق التي أعدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن غزة، فيما يمثل اختراقاً مهماً يعطي بعداً قانونياً يتجاوز مجرد وقف النار وإطلاق الرهائن والأسرى، ليصل إلى إعادة بناء القطاع الذي دمرته حرب إسرائيلية دامت سنتين، والشروع في عملية معقدة لمنح الفلسطينيين حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطين المستقلة.

وعلى الرغم من امتناع روسيا والصين عن التصويت، الذي أجري مساء الاثنين، جاء تأييد مشروع القرار 2803 بغالبية 13 من الأصوات الـ15 في مجلس الأمن بمثابة انتصار دبلوماسي كبير لإدارة ترمب بعد عزلتها الدولية بسبب دعمها غير المشروط لإسرائيل، ليضفي أيضاً مشروعية دولية على الخطة الأميركية المؤلفة من 20 نقطة لاستقرار غزة وإعادة بنائها.

يدعو القرار إلى إنشاء «قوة استقرار دولية» تدخل غزة لحفظ الأمن والنظام العام فيها، وإلى نزع سلاح «حماس» وغيرها من الفصائل، وحكم القطاع بما يشمل الإشراف على الحدود، فيما يشكل المرحلة الثانية من خطة ترمب التي شهدت مرحلتها الأولى وقفاً للنار وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، على أن يتشكل «مجلس سلام» برئاسة ترمب نفسه للإشراف على خطة السلام التي حظيت بتأييد من كبرى الدول العربية والإسلامية، ومن بينها السعودية ومصر والأردن وقطر والإمارات وإندونيسيا وتركيا وباكستان.

وبموجب النص، ينتهي تفويض المجلس والقوة مع نهاية عام 2027.

وعلى الرغم من اعتراضات روسيا، التي قدمت مشروع قرار مضاداً، فقد تجنبت استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة.

وفي إشادة نادرة بدور الأمم المتحدة، احتفل الرئيس ترمب بالقرار 2803 فور صدوره. وكتب في منشور على منصته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي: «أهنئ العالم على التصويت الرائع لمجلس الأمن... الذي أقر وأيد مجلس السلام الذي سأترأسه والذي يضم أقوى القادة وأكثرهم احتراماً في كل أنحاء العالم». وأضاف أنه «سيتم إعلان أعضاء المجلس والعديد من الإعلانات المثيرة الأخرى خلال الأسابيع المقبلة»، شاكراً لدول مختلفة، من بينها روسيا والصين، انخراطها في جهودها عبر الأمم المتحدة، مضيفاً أن التصويت «سيؤدي إلى مزيد من السلام في كل أنحاء العالم»، وأنه «لحظة ذات أبعاد تاريخية حقيقية».

حل الدولتين

جاء القرار بعد مفاوضات استمرت قرابة أسبوعين وشهدت ضغوطاً من العديد من الدول العربية ومن الفلسطينيين لتشديد الصياغة في شأن حق تقرير المصير الفلسطيني.

وفي حين عبَّر ممثلو دول أعضاء في مجلس الأمن، من بينها فرنسا وغوايانا وباكستان وسلوفينيا والصومال، عن استيائهم من عدم تضمين القرار صياغة واضحة وحازمة في شأن الدولة الفلسطينية، فقد أيدوا الاقتراح لدعم الزخم السياسي ومنع تجدد العنف، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية للقطاع. وأكدوا مجدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي غزة مع الضفة الغربية، وأن السلام الدائم يجب أن يرتكز على حل الدولتين.

ويرحب القرار بإنشاء «مجلس السلام» باعتباره «هيئة إدارية انتقالية ذات شخصية قانونية دولية تتولى وضع إطار العمل وتنسيق التمويل لإعادة تنمية غزة وفقاً للخطة الشاملة... ريثما تستكمل السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي بشكل مُرضٍ، على النحو المبين في المقترحات المختلفة، بما في ذلك خطة السلام التي قدمها الرئيس ترمب عام 2020 والمقترح السعودي - الفرنسي، ويكون بمقدورها استعادة السيطرة على غزة بشكل آمن وفعال».

ويضيف أنه «بعد تنفيذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بأمانة»، وإحراز تقدم في عملية إعادة التنمية في غزة، «فقد تتوافر الظروف أخيراً لتهيئة مسار موثوق يتيح للفلسطينيين تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية». ويشدد على أن الولايات المتحدة ستعمل على إقامة حوار بين إسرائيل والفلسطينيين «للاتفاق على آفاق العمل السياسي بغية التعايش في سلام وازدهار».

مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون خلال جلسة مجلس الأمن في نيويورك مساء الاثنين (إ.ب.أ)

ويأذن القرار لـ«مجلس السلام» والدول الأعضاء التي تتعاون معه «بإنشاء قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة تُنشر تحت قيادة موحدة يقبلها مجلس السلام، وتتألف من قوات تساهم بها الدول المشاركة، بالتشاور والتعاون الوثيقين مع جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل، وباستخدام كل التدابير اللازمة لتنفيذ ولاية هذه القوة الدولية بما يتفق مع القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني».

مصر وإسرائيل

وبموجب القرار، ستعمل القوة الدولية على مساعدة «مجلس السلام» في مراقبة تنفيذ وقف إطلاق في غزة، وإعداد الترتيبات التي قد تكون ضرورية لتحقيق أهداف الخطة الشاملة. كما ينص على أن يظل الإذن الصادر لكل من «مجلس السلام» وأشكال الوجود المدني والأمني الدولي سارياً حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2027، رهناً باتخاذ مجلس الأمن إجراءات أخرى، وأن يكون أي تجديد للإذن الصادر للقوة الدولية بالتعاون والتنسيق الكاملين مع مصر وإسرائيل والدول الأعضاء الأخرى التي تواصل العمل مع القوة الدولية.

وجرى تضمين خطة ترمب لتكون ملحقاً للقرار.

وشكر المندوب الجزائري الدائم لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع، الذي كان يفاوض نيابة عن المجموعة العربية لدى المنظمة الدولية، لترمب انخراطه الشخصي في إنهاء حرب غزة. لكنه أكد أنه لا ينبغي إغفال تطلعات الفلسطينيين إلى دولة مستقلة. وقال: «لا يمكن تحقيق سلام حقيقي في الشرق الأوسط من دون تحقيق العدالة، العدالة للشعب الفلسطيني الذي انتظر عقوداً لإقامة دولته المستقلة».

روسيا والصين

في مرحلة ما أواخر الأسبوع الماضي، هددت اعتراضات الصين وروسيا، اللتين عادة ما تنسقان مواقفهما بشأن قرارات الولايات المتحدة، بعرقلة القرار برمته. وصاغت روسيا مشروعاً مضاداً من عشر نقاط، تتضمن دعوة صريحة إلى إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأفاد المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا بأن موسكو أخذت علماً بالدعم العربي والإسلامي لصيغة القرار الأميركية، لكنها امتنعت عن التصويت لأنه لم يتضمن دوراً لمجلس الأمن، ولم يدعم بشكل قاطع قيام دولة فلسطينية، موضحاً أن موسكو لم تستطع دعم القرار الذي لا يؤكد على «حل الدولتين». وأشار إلى تصريحات «لا لبس فيها من أعلى مستويات القيادة الإسرائيلية، تفيد بأنه من غير المقبول إقامة دولة فلسطينية».

وأيده في ذلك المندوب الصيني فو تسونغ الذي قال بعد امتناعه عن التصويت إن «فلسطين غائبة تماماً» عن القرار، مضيفاً: «من دواعي القلق بشكل خاص أن مشروع القرار لم يؤكد صراحة الالتزام الراسخ بشأن حل الدولتين كإجماع دولي».

المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز خلال جلسة مجلس الأمن في نيويورك مساء الاثنين (إ.ب.أ)

في المقابل، وصف المندوب الأميركي مايك والتز القرار بأنه «تاريخي وبنّاء»، مضيفاً أنه يمثل خطوة مهمة أخرى نحو «غزة مستقرة قادرة على الازدهار، وبيئة تسمح لإسرائيل بالعيش في أمان». واعتبر أن القرار يوفر للدول المساهمة بقوات الإطار الذي تحتاج إليه للمضي بتشكيل «قوة الاستقرار الدولية» التي ستدعم «منطقة خالية من قبضة (حماس)»، وهي ستدعم «تفكيك البنية التحتية للإرهاب، ونزع الأسلحة، والحفاظ على سلامة المدنيين الفلسطينيين».

ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالقرار، قائلاً إنه «خطوة مهمة». وشجع كل الأطراف على الالتزام.

وأضاف: «من الضروري الآن ترجمة الزخم الدبلوماسي إلى خطوات عملية وملحة على أرض الواقع».


العليمي يؤكد من عدن الالتزام بمسار الإصلاحات الاقتصادية

رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي عاد إلى عدن لمتابعة تقدم الإصلاحات الحكومية (سبأ)
رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي عاد إلى عدن لمتابعة تقدم الإصلاحات الحكومية (سبأ)
TT

العليمي يؤكد من عدن الالتزام بمسار الإصلاحات الاقتصادية

رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي عاد إلى عدن لمتابعة تقدم الإصلاحات الحكومية (سبأ)
رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي عاد إلى عدن لمتابعة تقدم الإصلاحات الحكومية (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي التزام الحكومة بمسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية، مشدداً على معالجة الاختلالات وتعزيز الإيرادات، مع إشادته باستمرار الدعم السعودي والإماراتي لجهود التعافي الاقتصادي.

تصريحات العليمي جاءت بالتزامن مع عودته إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بعد جولة خارجية شملت لقاءات دبلوماسية واجتماعات مع ممثلي الدول الداعمة لليمن، في سياق الجهود الهادفة إلى استجلاب المزيد من الدعم السياسي والاقتصادي والأمني.

وذكر الإعلام الرسمي أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، عاد إلى عدن، برفقة عضو المجلس عبد الله العليمي، ورئيس الوزراء سالم بن بريك، ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن العليمي أنه أشاد بالتقدم «الملموس» في مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تنفذها الحكومة، بما في ذلك الإجراءات الهادفة إلى ضبط المالية العامة واستدامة الاستقرار النقدي، مؤكداً أن الجهود الحالية تركّز على معالجة الاختلالات في تحصيل الإيرادات وضمان وصول الدولة إلى مواردها السيادية، بما يعزز قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الأساسية.

الحكومة اليمنية تواجه ضغوطاً اقتصادية هائلة بسبب شح الموارد (سبأ)

وأضاف أن مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والبنك المركزي يعملون «كفريق واحد وبانسجام مؤسسي» للدفع بالمشروع الوطني الهادف لاستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء معاناة اليمنيين، محمّلاً الجماعة الحوثية المدعومة من إيران مسؤولية الأزمة الإنسانية والانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.

وأكد العليمي ثقته بقدرة الحكومة والمؤسسات الاقتصادية على تحويل التحديات الحالية إلى «فرصة لتعزيز الاعتماد على الذات»، بما في ذلك ضمان استمرار صرف رواتب الموظفين وتحسين مستوى الخدمات الأساسية للسكان في مناطق سيطرة الحكومة.

وجدد رئيس مجلس القيادة اليمني تقديره للدعم «الأخوي» السعودي والإماراتي لبرنامج الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي، مشيراً إلى أن التدخلات الإنمائية والإنسانية للدولتين تمثل ركيزة أساسية في حماية الاقتصاد اليمني ودعم مؤسسات الدولة.

تعزيز الاستقرار المالي

تأتي عودة العليمي إلى عدن بعد نقاشات مكثفة حول إجراءات تعزيز الاستقرار المالي، وفي ظل تحديات أبرزها تراجع الإيرادات العامة، وتعقيدات تأمين رواتب الموظفين، والانقسام المالي الذي فرضه الحوثيون عبر السيطرة على معظم الموارد في مناطق نفوذهم، فضلاً عن تعطيلهم عائدات النفط بعد الهجمات على مواني التصدير.

وتعمل الحكومة اليمنية منذ أشهر على تنفيذ مصفوفة إصلاحات اقتصادية تتضمن تحديث آليات التحصيل الضريبي والجمركي، وإعادة هيكلة بعض المؤسسات المالية، إضافة إلى تعزيز الرقابة على المنح والمساعدات الدولية.

وقعت السعودية مع الحكومة اليمنية مذكرة تفاهم لتنفيذ مشاريع للطاقة الكهربائية (واس)

يأتي هذا التحرك في وقت تواجه فيه الحكومة اليمنية ضغوطاً متزايدة لضمان بيئة مالية شفافة وإجراءات صارمة لمكافحة الفساد، شرطاً أساسياً لزيادة الدعم الدولي.

ونقل الإعلام الرسمي عن مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة أن العليمي سيعقد خلال الأيام المقبلة سلسلة اجتماعات مع الحكومة ومحافظ البنك المركزي والجهات الاقتصادية المختصة، إضافة إلى لقاءات مع شركاء دوليين لبحث أولويات الإصلاح ومكافحة الفساد، وتطبيع الأوضاع في المحافظات المحررة، وتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لمواجهة التهديدات الأمنية العابرة للحدود.

وأوضح المصدر أن المرحلة المقبلة ستركز على «تعزيز الثقة مع مجتمع المانحين، والبناء على النجاحات المحققة في الإدارة المالية»، بهدف دعم الاقتصاد الوطني وخفض المخاطر التي تهدد الاستقرار في اليمن والمنطقة.


القوات الدولية في غزة... تحفظات فلسطينية تلوّح بتعقيدات أمام الوسطاء

فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
TT

القوات الدولية في غزة... تحفظات فلسطينية تلوّح بتعقيدات أمام الوسطاء

فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)

تواجه القوات الدولية المنتظر نشرها في قطاع غزة تحفظات من عدة فصائل فلسطينية، بينها حركة «حماس»، بشأن نزع السلاح، رغم كونه شرطاً أساسياً في اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعت عليه الحركة.

تلك التحفظات التي تأتي وسط خطوات لتنفيذ نشر تلك القوات، ووسط أحاديث عن ترتيبات مصرية - أميركية لاختيار العريش مركزاً للعمليات، تشي بأن هناك تعقيدات ستواجه الوسطاء فيما يتعلق بتلك القوات، خاصة صلاحياتها، مما يهدد اتفاق وقف إطلاق النار، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وعن موقف مصر إزاء تلك التحفظات، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إنها «تتحرك بشكل مكثف»، وإنها «في قلب التطورات العسكرية والأمنية ولن تبتعد عن المشهد، ولديها تنسيق مستمر مع الولايات المتحدة».

وأضاف أن مشاورات اختيار العريش مركزاً مؤقتاً لإدارة غزة أو عمليات القوات الدولية تجري منذ فترة، «وتؤكد الوجود المصري في جميع الملفات ذات الصلة حرصاً على أمنها أو دعماً للقضية الفلسطينية، لكن من المبكر الحديث عن الحسم في هذا الصدد في ظل العقبات التي تواجه الاتفاق».

فلسطينيون يسيرون تحت المطر بالقرب من مبانٍ مدمرة بشرق مدينة غزة يوم الأحد (إ.ب.أ)

وبحسب نص مشروع القرار الأميركي الذي عُرض على مجلس الأمن، الاثنين، تُشكَّل «قوة استقرار دولية مؤقتة» تعمل مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المُدربة حديثاً للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية ونزع السلاح من قطاع غزة.

تحفظات فلسطينية وإسرائيلية

ورغم أن مشروع القرار، وعلى عكس المسودات السابقة، يُشير إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية، أصدرت فصائل وقوى فلسطينية، الأحد، مذكرة حذّرت فيها من خطورة مشروع القرار الأميركي الخاص بإنشاء قوة دولية في قطاع غزة، وقالت إنه «يشكّل محاولة لفرض وصاية دولية على القطاع».

وقالت فصائل وقوى فلسطينية، في بيان نشرته حركة «حماس»، إن الصيغة المقترحة لمشروع القرار الأميركي تمهد لهيمنة خارجية على القرار الوطني الفلسطيني، مشددة على «رفض أي بند في المقترح الأميركي يتعلق بنزع سلاح غزة أو المساس بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة».

فلسطينيون يلوذون بالخيام في مواصي خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

وأضافت أن أي نقاش في ملف السلاح «يجب أن يظل شأناً داخلياً مرتبطاً بمسار سياسي يضمن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة»، لافتة إلى أنها «ترفض أي وصاية أو وجود عسكري أجنبي أو إقامة قواعد دولية داخل قطاع غزة».

هذا التحفظ استبق تصويت مجلس الأمن، الاثنين، على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة بدعم دولي وإسلامي وعربي لتبني خريطة الطريق الأميركية التي طرحها الرئيس دونالد ترمب بشأن غزة الشهر الماضي، بالتوازي مع مشروع قرار روسي مضاد يدعو الأمم المتحدة إلى تقديم اقتراحات بشأن إنشاء «قوة الاستقرار الدولية»، ويحذف الإشارة إلى «مجلس السلام» بقيادة ترمب.

وعن الجانب الإسرائيلي، تحدثت «هيئة البث»، الأحد، عن أن إسرائيل «تمارس ضغوطاً في اللحظات الأخيرة لتغيير صيغة الاقتراح الأميركي»، خوفاً من بنود منها تضمين التمهيد لمسار يقود إلى «تقرير المصير الفلسطيني»، وفقاً لما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الجمعة.

فلسطينية تحمل حطباً لإشعال النار للطهو في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفي ظل هذه التحفظات، وتصويت مجلس الأمن، يعتقد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشأنين الفلسطيني والإسرائيلي الدكتور طارق فهمي، أن «الأمر يزداد تعقيداً أمام الوسطاء».

وأضاف قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو صدر القرار الأممي بنشر القوات، فإن ذلك لن يحل الإشكالية في ظل تحفظ فلسطيني على نزع السلاح وعدم تشكيل لجنة إدارة غزة للآن، واحتمال مراوغة في تنفيذ الاستحقاقات من جانب إسرائيل قد تقودها للدعوة لانتخابات مبكرة لتجاوز أي التزام لا يوافق رغبتها».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع أن الفصائل لم يعد لديها خيار «وعليها أن تتحمل المسؤولية وألا تعقد جهود الوسطاء لإنجاح الاتفاق».

وفي رأيه، فإن حركة «حماس» وإسرائيل «لا تريدان بدء المرحلة الثانية فعلياً لأن الحركة ترفض نزع السلاح، ودولة الاحتلال تريد استمرار سيطرتها وبقاءها على تقسيم غزة».

تكثيف الجهود

يأتي ذلك وسط أحاديث عن عقد مصر والولايات المتحدة اجتماعاً مشتركاً، الاثنين، لمناقشة اختيار موقع في مدينة العريش بشمال سيناء لإدارة القوات الدولية التي ستنشر في قطاع غزة وفقاً لخطة وقف الحرب، وفقاً لتقارير صحافية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كشفت صحيفتا «هآرتس» الإسرائيلية و«الغارديان» البريطانية عن وثيقة أعدها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، تتضمن تصوراً لإدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، يقوم على إنشاء سلطة انتقالية ذات طابع دولي تمنح الفلسطينيين دوراً محدوداً في إدارة الشؤون اليومية، ويكون مقرها العريش المصرية.

وعن ذلك، قال مصدر مصري مطّلع لـ«الشرق الأوسط» وقتها إن «الأمر متروك للتفاوض» في ظل التدمير بالقطاع، لافتاً إلى أن «مصر مع أي موقف يُمكّن الفلسطينيين من حكم بلادهم دون تعدٍ عليهم أو تجاهل أو تجاوز لهم».

مساعدات مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

والعريش مدينة مصرية استراتيجية متاخمة للحدود مع غزة، وبالقرب منها يقع معبر رفح. وبعد اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر، استخدمت في استقبال المواد الإنسانية والإغاثية من كل أنحاء العالم لتيسير إدخالها القطاع.

وقال فهمي: «ما يثار بشأن إنشاء مركز في العريش يؤكد أن القاهرة حريصة على المشاركة في كل الترتيبات الأمنية والعمل على ضمان نجاح اتفاق غزة، خاصة أن أي فشل للجهود الدولية يعني استمرار تقسيم غزة، وهذا أمر مرفوض تماماً من جانب القاهرة»، متوقعاً زيادة الجهود المصرية لإنهاء تلك التعقيدات قبل أن تتفاقم.

ويعتقد مطاوع أن القاهرة «ستستمر في أدوارها لدعم اتفاق غزة، وستكون حريصة على سد أي ذرائع يمكن أن تهدد صمود الاتفاق. لكن بالأساس يجب على طرفي الحرب الالتزام أولاً بما سبق الاتفاق عليه».