مصر: إيقاف أستاذ جامعي عن العمل لاتهامه بـ«الإساءة للإسلام»

لقطة من فيديو الأستاذ الجامعي
لقطة من فيديو الأستاذ الجامعي
TT

مصر: إيقاف أستاذ جامعي عن العمل لاتهامه بـ«الإساءة للإسلام»

لقطة من فيديو الأستاذ الجامعي
لقطة من فيديو الأستاذ الجامعي

أوقف وزير التعليم العالي المصري، أستاذا جامعيا وأحاله للتحقيق العاجل، لاتهامه بـ«الإساءة للدين الإسلامي»، وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، في بيان صحافي مساء أمس، إن «وزير التعليم العالي والبحث العلمي خالد عبد الغفار، وجه بندب أحد أساتذة كلية الحقوق جامعة الإسكندرية للتحقيق العاجل مع الدكتور محمد مهدلي، الأستاذ بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالإسكندرية (شمال مصر)، مع إيقافه عن العمل لحين ظهور نتيجة التحقيق على أن تعرض نتيجة التحقيق على الوزير خلال 48 ساعة». وفق البيان.
وأضافت الوزارة في بيانها «أنها تابعت ما تم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي والشكوى المقدمة من طلاب الفرقة الثانية بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالإسكندرية، بشأن ما صدر من أحد أعضاء هيئة التدريس بالمعهد». ويُظهر الفيديو نقاشا حادا بين طلاب وأستاذ علم الاجتماع بالمعهد أثناء حديثه عن زنا المحارم والزواج العرفي، إذ قال بعضهم إن آيات القرآن الكريم واضحة وما يقوله الدكتور مخالف لها، ما جعل الأخير يرد عليهم بعبارات اعتبروها تحمل إساءة للدين الإسلامي.
وتطرق الأستاذ الجامعي المصري في المقطع المصور إلى نظرة المواطنين الأوروبيين السلبية تجاه المسلمين، مطالبا الذين يدعون مقاطعة المنتجات الفرنسية من الحاصلين على الجنسية الفرنسية بالتخلي عن جواز سفرهم وتركها، مشيراً إلى أن ماكرون لم يخطئ. بالإضافة إلى تحدثه عن قضايا دينية بشكل غير لائق، بحسب وصف طلابه.
وتداول جمهور «السوشيال ميديا» مقطع الفيديو على نطاق واسع أمس، ما دفع وزارة التعليم العالي باتخاذ قرارها بإيقافه عن العمل والتحقيق العاجل معه في تلك الاتهامات.
في المقابل، رد الدكتور محمد مهدلي على الاتهامات والانتقادات الحادة التي وجهت له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر عدة تدوينات عقب الواقعة من بينها: «أنا شخصياً... لن أتراجع عن الحق والالتزام بقواعد العلم ومناهجه... في دراسة الظواهر والمشكلات... كعقيدة».
وقال: «موقفي الشخصي... يقوم على تحليل ثقافي معرفي... وليس السطحية التي تستند إلى عواطف أغلبية الأصدقاء الذين يحملون ثقافة دفن النعامة لرأسها في الرمال».
وأضاف في تصريحات صحافية أمس، أن الفيديو المنتشر مجتزأ من سياقه بشكل متعمد، لافتعال أزمة، وأشار إلى أن عمله أستاذا لعلم الاجتماع يجعله يناقش كافة القضايا الاجتماعية، موضحاً أنه كان يناقش قضية زنا المحارم والزواج العرفي، وفوجئ ببعض الطلبة يجادلونه بشدة وتطاولوا عليه، ما دفعه لطردهم من المحاضرة.
ووصف المهدلي، الواقعة بأنها مدبرة، قائلا: «هناك أياد خفية تحرك الأمور ضدي»، مؤكداً أنه أبلغ الشؤون القانونية بالمعهد للتحقيق في الواقعة.
ورغم تأكيد أساتذة علم الاجتماع، ومن بينهم الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، على وجود حرية تعبير في الكليات والجامعات، فإنها ترى أنه كان من المفترض ابتعاد أستاذ الإسكندرية عن إثارة البلبلة والجدل في هذا التوقيت الصعب، الذي يشهد احتقاناً بسبب الرسوم المسيئة والالتزام بموضوع محاضرته، وتجنب استفزاز الطلاب والمجتمع،
وتؤكد فايد أن «الأستاذ الجامعي يتحمل مسؤولية اجتماعية أكبر من غيره، لذلك فإنه يجب أن يتحلى بالحكمة وضبط النفس»، مشيرة إلى أن «المشادات الكلامية بين الأستاذ والطلاب في مقطع الفيديو لها دلالات نفسية بالنسبة للأستاذ الجامعي».
وتطالب فايد السلطات المصرية بتبني مشروع ثقافي فكري وتوفير مناخ صحي للثقافة في مصر، والاهتمام ببناء الإنسان على غرار الاهتمام ببناء المدن والعقارات لمواجهة حملات التشكيك التي تعد من عناصر حروب الجيل العربي، بحسب وصفها.
وعبر ملايين المسلمين حول العالم في الشهر الماضي عن غضبهم من تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون، خلال حضوره جنازة مدرس اللغة الفرنسية صمويل باتي الذي ذبح خارج مدرسته لعرضه رسوما كاريكاتورية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أكد ماكرون فيها عدم تخلي بلاده عن «الرسوم الكاريكاتورية»، قبل أنت يتراجع ويؤكد عدم حبه للرسوم الكاريكاتورية المسيئة، موضحاً أن كلامه تعرض للتحريف. بحسب وصفه.
وينتظر طلاب المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالإسكندرية قرار وزارة التعليم العالي بشأن الأستاذ الجامعي الذي تسبب في إثارة موجة من الغضب في مصر.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.