قلق إسرائيلي من «الحضور الإيراني» في الجنوب السوري

TT

قلق إسرائيلي من «الحضور الإيراني» في الجنوب السوري

عاد الوضع في منطقة الجنوب السوري، إلى الواجهة، مع تزايد التقارير التي تشير إلى نشاط إيراني لتعزيز حضور القوات الموالية لطهران في هذه المنطقة، في وقت بدا أن تل أبيب تسعى إلى تعزيز اتصالاتها مع الجانب الروسي في مواجهة هذا التطور.
ونشرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية الواسعة الانتشار، أن العسكريين الإسرائيليين يعولون على التمكن بالتعاون مع روسيا، من «طرد القوات الإيرانية من مناطق جنوب سوريا». ونقلت عن قائد الفرقة 210 في الجيش الإسرائيلي، المتمركزة في هضبة الجولان المحتلة رومان هوفمان، خلال حديثه مع صحافيين روس، أن «مشكلة الوجود الإيراني في المنطقة الجنوبية ما زالت حادة، على الرغم من التزام موسكو قبل عامين بحل هذه القضية».
ورأى الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، أنطون مارداسوف، أن الجهود التي قامت بها روسيا والولايات المتحدة والأردن وإسرائيل قادت قبل عامين إلى تخفيف التوتر إلى حد كبير في هذه المنطقة. وزاد «منذ بدء العملية العسكرية الروسية في سوريا (...) نجحت روسيا في إقامة توازن دقيق سمح لها بالحفاظ على مسافة عن إيران وعدم الارتباط بها مباشرة. وقد شكّل أحد هذه العوامل الموازنة الاتفاق مع إسرائيل على حرية العمل النسبية لطائرات الجيش الإسرائيلي ضد منشآت إيران و(حزب الله) في سوريا».
ولم تستبعد مصادر الصحيفة الروسية، أنه «مع الأخذ في عين الاعتبار الإشارات الصادرة عن قيادة الجيش الإسرائيلي، أن تقوم روسيا وإسرائيل بالبحث عن صيغة جديدة لحل مسألة الوجود الإيراني في المناطق الجنوبية من سوريا». وكان لافتاً أن ذلك، تزامن مع نشر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، معطيات عن استمرار عمليات التجنيد لصالح القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها في كل من الجنوب السوري والضفاف الغربية لنهر الفرات، مع الإشارة إلى «تواصل الحملات بشكل سري وعلني من قبل لتجنيد الشبان والرجال في درعا والقنيطرة وريف دير الزور عند ضفاف الفرات الغربية».
ووفقاً لإحصائيات «المرصد»، فإن تعداد المتطوعين في صفوف الإيرانيين والميليشيات الموالية لها في الجنوب السوري ارتفع إلى أكثر من 8350، كما ارتفع إلى نحو 6700 عدد الشبان والرجال السوريين من أعمار مختلفة ممن جرى تجنيدهم في صفوف القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها، ضمن منطقة غرب نهر الفرات في ريف دير الزور.
في إطار مواز، قال السفير الروسي لدى الأردن، غليب ديساتنيكوف، إن الوفد الروسي الذي زار أخيراً الأردن ضم شخصيات من وزارة الدفاع الروسية «تشارك بدرجة أو بأخرى وبشكل مباشر في حل الإشكالات السورية المعقدة على الأرض». وزاد، أنه «لذلك كان حضورهم المشاورات التي عقدت في عمّان في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مفيداً ومساهماً في مواصلة الارتقاء إلى الأمام بالتنسيق الروسي - الأردني حول سوريا». وزاد ديساتنيكوف «أما بالنسبة لتعاوننا المشترك المذكور فإنه بدوره يتطور بديناميكا عالية وأخذاً بالاعتبار كل التغييرات والمستجدات في عملية التسوية السورية». وكان وفد مشترك من وزارتي الخارجية والدفاع في روسيا، برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الروسي للتسوية السورية، الكسندر لافرينتيف، والفريق أول الركن ميخائيل ميزينتسيف، زار الأردن الأسبوع الماضي، وأجرى جولة محادثات مع وزير الخارجية أيمن الصفدي الوفد الروسي.
ورغم أن الحديث تركز حول الدعوة إلى مؤتمر اللاجئين السوريين الذي تنوي موسكو تنظيمه قريباً، لكن حديث السفير أوحى بأن كل ملفات الأزمة السورية بما في ذلك الوضع في منطقة الجنوب كان مطروحاً للبحث خلال اللقاءات. وقال السفير الروسي «فعلاً نتمتع بالتعاون الفعال والمميز للغاية مع عمّان حول القضية السورية. كما نحرص كل الحرص على مواصلة تعزيز هذا التنسيق، أخذاً بعين الاعتبار الدور البارز بهذا الاتجاه والذي يلعبه الأردن الصديق بكونه جاراً قريباً من سوريا وطرفاً يتحمل الجانب الأكبر من المسؤولية عن استضافة أكثر من 1.3 مليون مواطن سوري».
على صعيد آخر، أعلن نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، ألكسندر غرينكيفيتش، في بيان، أن المركز «تلقى معلومات جديدة حول خطط الجماعات الإرهابية لاتهام القوات الحكومية السورية والقوات الجوية الروسية بالقصف المدفعي والجوي على المراكز الأهلية ضمن الأراضي الواقعة تحت سيطرة التشكيلات المسلحة غير الشرعية في منطقة خفض التصعيد بإدلب».
وأضاف غرينكيفيتش، أن المسلحين يخططون لاستهداف مواقع للبنية التحتية المدنية في قرية نحلة بواسطة طائرة مسيرة، ثم نشر فيديوهات للهجوم على الإنترنت واتهام القوات الحكومية السورية والقوات الروسية.



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً