نتنياهو يتعهد ألا يتدخل في تعيينات قادة سلطات إنفاذ القانون

لقطة عامة لشارع في تل أبيب علق فيه متضامنون مع ترمب لافتة دعماً له (أ.ب)
لقطة عامة لشارع في تل أبيب علق فيه متضامنون مع ترمب لافتة دعماً له (أ.ب)
TT

نتنياهو يتعهد ألا يتدخل في تعيينات قادة سلطات إنفاذ القانون

لقطة عامة لشارع في تل أبيب علق فيه متضامنون مع ترمب لافتة دعماً له (أ.ب)
لقطة عامة لشارع في تل أبيب علق فيه متضامنون مع ترمب لافتة دعماً له (أ.ب)

في خطوة فسرت على أنها من مظاهر الاستسلام أمام مؤسسات إنفاذ القانون، وقّع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على تعهد رسمي خطي، يلتزم فيه بالامتناع عن التدخل في تعيينات الحكومة لوظائف المسؤولية الرفيعة، مثل رئيس النيابة أو قائد الشرطة، ويتعهد أيضاً بالامتناع عن الانشغال بسنّ قانون يتيح له تجميد محاكمته بتهم الفساد فترة ممارسته مهامه رئيسا للحكومة.
جاء هذا التطور بعد خمسة أشهر، حاول فيها رجال نتنياهو ممارسة أقسى الضغوط على المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، كي يتراجع عن طلباته الصارمة. وشملت هذه الضغوط حملة تحريض شديدة من نتنياهو شخصياً ومن بعض وزرائه وكبار موظفيه، ترافقت مع حملة تهديدات ضده وضد أفراد عائلته بالقتل. وهو الأمر الذي جعل الشرطة تعيّن مرافقين دائمين له وحراسة بيته وأفراد عائلته. وقد صمد المستشار في هذه الحملة ورفض الرضوخ، وأعلن صراحة أنه يفهم رسالة من يهددونه، ويعلم أنهم يريدون دفعه إلى إغلاق الملفات ضد نتنياهو، وقال إن كل هذه الجهود لن تنفع، وأنه مصمم على الاستمرار في الإجراءات القانونية، ومستعد لدفع أي ثمن يكلفه هذا الموقف.
ونتيجة لهذا الصراع، الذي بدأ عملياً قبل أكثر من سنتين، بقيت إسرائيل من دون قائد أول للشرطة، ومن دون رئيس للنيابة، ومن دون مفوض عام لمصلحة السجون، وبقيت لأشهر عدة من دون محاسب عام لوزارة المالية، ومن دون مديرين عامين لدوائر حكومية عدة. وقد تسبب ذلك في مشاكل في أداء الحكومة، يضاف إلى المشاكل الناجمة عن عدم إقرار موازنة عامة للدولة عن سنة 2020.
وقد توجه مندلبليت، أمس (الثلاثاء)، برسالة إلى كل من نتنياهو، ورئيس الحكومة البديل، بيني غانتس، يطلب فيها أن تعمل الحكومة فوراً على تعيين الموظفين الكبار في المواقع المذكورة وفق الشروط الجديدة، أي من دون تدخل نتنياهو. وأوضح بأن تأخير هذه التعيينات «يثير مصاعب قانونية كبيرة»، وشدد على أنه لن يتمكن من الدفاع عن الحكومة أمام المحكمة العليا، في حال رفع دعاوى بهذا الشأن. والمعروف أن جهات عدة، بينها جمعية «جودة الحكم»، تقدمت بدعاوى إلى المحكمة العليا يفترض أن يتم التداول فيها خلال الأسبوع المقبل.
يذكر أن نتنياهو كان قد امتنع عن إجراء هذه التعيينات، رغبة في تعيين رجال مقربين منه يستطيعون مساعدته في الإفلات من قبضة محاكمته بتهم الفساد الثلاث، ومن جهة ثانية خشي الدخول في إشكاليات قانونية. وقد أوضح له مندلبليت بأن تضارب المصالح يمنعه من تعيين أحد في مناصب ذات علاقة بالتحقيقات ضده أو في محاكمته. وأرسل إليه نص تعهد يلتزم به بألا يتدخل على الإطلاق في هذه التعيينات. واعتبر نتنياهو هذا التعهد صعباً ومقيداً له ومعرقلاً لأداء مهامه رئيساً للحكومة، لكن مندلبليت أصر على النص كما هو. واضطر نتنياهو إلى الرضوخ، عندما أبلغه مندلبليت أنه من دون هذا التوقيع، لن يستطيع الدفاع عن الحكومة في المحكمة. وصرحت نائبة المستشار القضائي، دينا زيلبر، التي أجرت مفاوضات مع محامي نتنياهو حول التعهد، بأن التسوية، تمنع نتنياهو من التدخل في تعيين أي مسؤولين في جهاز الشرطة، وبالإضافة إلى المفوض العام للشرطة، يمنع نتنياهو، أيضاً، من التدخل في تعيين رئيس قسم التحقيقات، وقائد الوحدة القُطرية لمكافحة الجرائم الاقتصادية التابعة لوحدة «لاهاف 433»، ومحققي سلطة الأوراق المالية.
وقالت زيلبر، إن هذه التسوية تشدد على خمس قضايا يمنع نتنياهو من اتخاذ قرارات تمسها: القرارات المتعلقة بالتعيينات في نظام إنفاذ القانون (المستشار القضائي، المدعي العام والمفوض العام للشرطة)؛ قرارات تعيين قضاة المحكمة العليا والمحكمة المركزية في القدس (حيث تعقد محاكمته)؛ القرارات المتعلقة بالشهود أو المتهمين الآخرين في المحاكمة؛ التدخل في مجال نشاط وزارة الإعلام بما يؤثر على الملف الجنائي ضده. منعه من التدخل في التشريعات التي قد تؤثر على الإجراءات الجنائية.
وأكدت أن التسوية تمنع نتنياهو كذلك من التدخل أو المشاركة في أي مرحلة تشريعية لسنّ قوانين قد تؤثر على مسار محاكمته؛ على غرار «القانون الفرنسي» (الذي يعد من مستشاريه لتأجيل محاكمته إلى ما بعد مدة ولايته رئيساً للحكومة)، و«فقرة التجاوز» (الالتفاف على قرارات المحكمة العليا إذا قررت منعه من مواصلة ولايته)، أو القوانين التي تتعلق بحصانة أعضاء الكنيست، أو قانون العفو عن متهم قبل محاكمته. ومع ذلك، يحق لنتنياهو المشاركة في تصويت الكنيست على قوانين تتعلق بهذه القضايا.
وحذر كبير مساعدي مندلبليت، غيل ليمون، من أن أي انتهاك لهذا الاتفاق سيعتبر مساسا بسيادة القانون ويفتح ملفا جديدا ضده.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.