تركيا على شفا ركود عميق... والليرة في سقوط حر

التضخم الجامح يزيد من أوجاع الاقتصاد

واصل معدل التضخم في تركيا مساره الصعودي بينما تهوي الليرة إلى مستويات غير مسبوقة (رويترز)
واصل معدل التضخم في تركيا مساره الصعودي بينما تهوي الليرة إلى مستويات غير مسبوقة (رويترز)
TT

تركيا على شفا ركود عميق... والليرة في سقوط حر

واصل معدل التضخم في تركيا مساره الصعودي بينما تهوي الليرة إلى مستويات غير مسبوقة (رويترز)
واصل معدل التضخم في تركيا مساره الصعودي بينما تهوي الليرة إلى مستويات غير مسبوقة (رويترز)

فيما تتزايد التوقعات بأن تركيا باتت على شفا ركود عميق، واصل معدل التضخم في تركيا مسار الصعود مسجلاً ارتفاعاً جديداً ليبلغ 11.89% على أساس سنوي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في الوقت الذي واصلت الليرة التركية انحدارها السريع لتهبط إلى أكثر من 8.50 ليرة للدولار في تعاملات، أمس (الثلاثاء).
ويتوقع خبراء أن تتجه تركيا إلى ركود اقتصادي عميق. واستشهد كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي بواشنطن، روبن بروكس، بانعكاس حاد في طفرة الاقتراض، قائلاً إنه سيؤدي إلى استقرار نسبي لليرة التركية المحاصرة ويقلص عجز الحساب الجاري.
وقال بروكس على «تويتر» إن ما يسمى الدفع الائتماني في تركيا «هو الآن الأكثر سلبية على الإطلاق. وهذا يعني ركوداً عميقاً مع استقرار الليرة».
وكان معدل التضخم السنوي قد سجل 11.75% في سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد معهد الإحصاء التركي الرسمي، في بيان أمس، بأن الزيادة الأكبر كانت من نصيب قطاع السلع والخدمات المتنوعة، بنسبة ارتفاع بلغت 27.4%. وعلى أساس شهري، سجل مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعا بنسبة 2.13% في أكتوبر مقارنةً مع سبتمبر السابق عليه.
وعدّل البنك المركزي التركي نهاية أكتوبر الماضي توقعاته لمعدل التضخم بنهاية العام بأكثر من ثلاث نقاط مئوية، بعدما فشلت القرارات المفاجئة بشأن تثبيت أسعار الفائدة في دعم الليرة التي تراجع سعر صرفها بسبب عوامل سياسية ترجع إلى تدخل الرئيس رجب طيب إردوغان في السياسة الاقتصادية والضغط على البنك المركزي لمنعه من رفع أسعار الفائدة وعوامل أخرى تتعلق بالاضطرابات الإقليمية ودخول تركيا طرفاً في العديد من الأزمات وآخرها مشكلة ناغورنو قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا.
وتوقع «المركزي» التركي أن يُنهي معدل أسعار المستهلكين العام الجاري على ارتفاع عند 12.1%، مقابل توقعات سابقة عند 8.9%. وتراجع سعر صرف الليرة التركية بنحو 1% أمس، ليصبح سعر الليرة عند مستوى 8.5223 ليرة للدولار.
والليرة التركية هي ثاني أسوأ العملات أداءً في الأسواق الناشئة حول العالم، حيث خسرت أكثر من 30% من قيمتها منذ بداية العام. كما تراجعت بنحو 8% من قيمتها مقابل الدولار في أكتوبر، ما مثّل أكبر تراجع في أكثر من عامين.
وأبقى البنك المركزي التركي، الشهر الماضي، على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، مخالفاً بذلك توقعات المحللين الذين توقعوا رفع الفائدة للسيطرة على التضخم، ودعم الليرة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، إن بلاده تخوض حرباً ضد أسعار الفائدة والتضخم وأسعار الصرف، وهو ما سماه «مثلث الشيطان»، وذلك بعد يوم من هبوط جديد سجّلته قيمة الليرة التركية. وأضاف، مخاطباً مؤيديه في مدينة وان شرق البلاد: «ردنا على أولئك الذين يعملون لمحاصرة بلدنا في المجال الاقتصادي هو حرب جديدة للتحرر الاقتصادي».
وقال مدير البنك المركزي التركي مراد أويصال، خلال إعلان التقرير الأخير للتضخم لعام 2020، إن التضخم في أسعار المستهلكين سينهي العام عند 12.1%، مقابل توقعات سابقة بـ8.9%. وتوقع أن ينخفض التضخم إلى 9.4% بنهاية 2021، مقابل توقعات سابقة بـ6.2%. كما توقع ارتفاع تضخم أسعار الغذاء بنهاية 2020 بنحو 13.5%، مقابل توقعات سابقة بـ10.5%.
في المقابل، قال وزير المالية والخزانة التركي برات ألبيراق، إن صادرات تركيا وصلت إلى أعلى رقم في تاريخها. وارتفعت بنسبة 5.6% لتصل إلى 17.3 مليار دولار في شهر أكتوبر، وهو أعلى رقم حققته تركيا في تاريخها. وأضاف أنه، باستثناء الذهب، زادت الصادرات التركية مقابل الواردات، وبلغت نحو 95.3%.
وفي وقت سابق كشف معهد الإحصاء التركي عن قيمة صادرات البلاد خلال شهر سبتمبر الماضي، قائلاً إن الصادرات ارتفعت بنسبة 4.8%، مقارنةً بالشهر ذاته من العام الماضي. وأضاف أن الصادرات وصلت إلى 16 ملياراً و9 ملايين دولار في سبتمبر، حسب معطيات مشتركة بين وزارة التجارة ومعهد الإحصاء التركيين.
وأوضحت المعطيات أن الواردات زادت في الفترة نفسها بنسبة 23%، لتبلغ 20 ملياراً و837 مليون دولار، وأن عجز التجارة الخارجية ارتفع بنسبة 189.6% ليصل إلى 4 مليارات و828 مليون دولار.
وأشار معهد الإحصاء، في بيان، إلى أن قيمة صادرات المنتجات الصناعية خلال العام الجاري بلغت حتى الآن 88 ملياراً و921 مليون دولار، وأن صادرات المنتجات الزراعية وصلت إلى 17 ملياراً و130 مليون دولار. كما بلغت صادرات منتجات التعدين مليارين و966 مليون دولار، وأن صادرات قطاع السيارات واصلت احتلال المرتبة الأولى بمبلغ 17 ملياراً و140 مليون دولار.



بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
TT

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)

حذر بنك إنجلترا يوم الجمعة من أن زيادة الحواجز التجارية قد تؤثر سلباً على النمو العالمي وتزيد من حالة عدم اليقين بشأن التضخم، مما قد يتسبب في تقلبات في الأسواق المالية.

وقال بنك إنجلترا، دون الإشارة بشكل خاص إلى فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، إن النظام المالي قد يتأثر أيضاً بالاضطرابات في تدفقات رأس المال عبر الحدود وانخفاض القدرة على تنويع المخاطر، وفق «رويترز».

وأضاف أن «انخفاض التعاون الدولي في مجال السياسات قد يعوق تقدم السلطات في تحسين مرونة النظام المالي وقدرته على امتصاص الصدمات المستقبلية».

وفي حين أظهرت الأسر والشركات والبنوك في المملكة المتحدة أنها في حالة جيدة، فإن القطاع المالي في البلاد يواجه مخاطر «ذات أهمية خاصة» نظراً لانفتاح الاقتصاد البريطاني.

ومن بين التهديدات الأخرى ارتفاع مستويات الدين العام في العديد من الاقتصادات في مختلف أنحاء العالم. وقال التقرير إن «حالة عدم اليقين والمخاطر التي تهدد التوقعات قد زادت».

وأضاف بنك إنجلترا أنه لا يزال يعتقد أن التقييمات والعوائد في الأسواق المالية «عرضة لتصحيح حاد» بسبب المخاطر التي تهدد النمو والتضخم وعدم اليقين بشأن أسعار الفائدة. وحذر من أن مثل هذا التصحيح قد يتفاقم بسبب نقاط الضعف المستمرة في التمويل القائم على السوق وقد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للأسر والشركات في المملكة المتحدة.

وأشار إلى أن أحدث اختبارات المرونة التي أجراها على البنوك البريطانية أظهرت أنها تتمتع برأس مال جيد وسيولة وفيرة. لكن المؤسسات المالية غير المصرفية، مثل صناديق التحوط، لا تزال عرضة لصدمات مالية مفاجئة، وأنه ليس بإمكان جميع هذه المؤسسات الوصول إلى التمويل الضروري في أوقات الأزمات. وأوضح أن القطاع المتنامي للمؤسسات المالية غير المصرفية قد عزز من مرونته، إلا أن اعتماده على التمويل البنكي في أوقات الأزمات قد يؤدي إلى «مخاطر أكبر على الاستقرار المالي».

وعلى خلاف اختبارات الضغط التقليدية التي تركز على كيفية تأثر ميزانيات البنوك والمؤسسات المالية الأخرى خلال الأزمات، استعرض اختبار بنك إنجلترا الشامل كيف يمكن لتصرفات شبكة كاملة من المؤسسات المالية، بما في ذلك البنوك وصناديق التحوط وشركات التأمين والمقاصة المركزية، أن تُفاقم الصدمات الاقتصادية.

وتصور السيناريو الافتراضي حالة من «تفاقم التوترات الجيوسياسية» التي تؤدي إلى صدمة سوقية مفاجئة وشديدة. وقد يصبح هذا السيناريو أكثر احتمالاً بعد فوز ترمب، حيث هدد مراراً بفرض رسوم جمركية على الواردات الأجنبية، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات التجارية والسياسية مع دول مثل الصين.

وقد أظهرت نتائج اختبار بنك إنجلترا المخاطر المستمرة في قطاع المؤسسات المالية غير المصرفية، حيث تتوقع العديد من هذه المؤسسات أن تتمكن من الاعتماد على تمويل «الريبو» من البنوك، وهو أمر قد يكون غير متاح في حالات الأزمات.

كما أشار إلى أن سوق سندات الشركات بالجنيه الاسترليني ستواجه ضغطاً كبيراً، حيث ستضطر الصناديق التي تحاول جمع السيولة إلى بيع السندات في سوق متهالك، مما يؤدي إلى «قفزة نحو عدم السيولة» مع قلة المشترين.

ورغم أن هذا الاختبار الشامل كان يهدف بشكل أساسي إلى توعية المؤسسات المالية بالمخاطر المحتملة بدلاً من اتخاذ إجراءات سياسية مباشرة، أكد بنك إنجلترا أن استنتاجاته تدعم الجهود الدولية لفهم وتنظيم القطاع غير المصرفي المتنامي. ويشمل ذلك المراجعات المتزايدة من قبل المنظمين في مختلف أنحاء العالم للقطاع الذي يمثل الآن حوالي نصف النظام المالي العالمي، بعد عدة حوادث تطلبت دعماً لهذه المؤسسات في السنوات الأخيرة.

وفي المستقبل، يخطط البنك المركزي لإجراء اختبارات مرونة كاملة للبنوك كل عامين اعتباراً من عام 2025، وذلك لتقليل العبء الإداري على المقرضين والسماح للبنك بالتركيز على المخاطر المالية المحتملة الأخرى. وسيتم إجراء اختبارات معيارية أقل تفصيلاً حسب الحاجة بين تلك السنوات.

واحتفظ بنك إنجلترا بمتطلب رأس المال المعاكس للتقلبات الدورية (CcyB)، أو متطلب رأس المال «للأيام الممطرة» للبنوك التي يمكن السحب منها في الأوقات العصيبة، عند مستوى محايد بنسبة 2 في المائة.