الرمز واللون في الحياة السياسية الأميركية

التنافس بين الحمار الديمقراطي الأزرق والفيل الجمهوري الأحمر

الرمز واللون في الحياة السياسية الأميركية
TT

الرمز واللون في الحياة السياسية الأميركية

الرمز واللون في الحياة السياسية الأميركية

اللون والرمز من الأمور المهمة لدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي أكبر الأحزاب السياسية في الولايات المتحدة، فالحزب الجمهوري يشار اليه باللون الأحمر ويُرمز إليه بالفيل، بينما يعتمد الحزب الديمقراطي الأزرق لوناً والحمار رمزاً. وكثيرا ما نسمع المعلقين السياسيين في الشبكات التليفزيونية والصحف يتحدثون عن الولايات الزرقاء مثل كاليفورنيا والحمراء مثل يوتا.
فما هي أسباب اختيار اللونين والحيوانين؟
تقول مجلة «سميثسونيان» (المتخصصة في التاريخ السياسي) إن استخدام اللونين الأحمر والأزرق للإشارة إلى الحزبين يعد امرا حديثا. وقد تم استخدام الالوان لأول مرة عام 1976 خلال السباق الرئاسي بين جيمي كارتر وجيرالد فورد، عندما عرضت شبكة «إن بي سي» التليفزيونية خريطة للولايات المتحدة ووضعت مصابيح تضيء بالأحمر في الولايات التي صوتت لمرشح الحزب الجمهوري جيرالد فورد، وأخرى مضاءة بالأزرق في الولايات التي صوتت لمرشح الحزب الديمقراطي جيمي كارتر.
وكان استخدام الخرائط الملونة بالمصابيح الحمراء والزرقاء في تلك الانتخابات الرئاسية الأداة البصرية التي استخدمت مع ظهور التلفزيونات الملونة. وكانت «سي بي إس» أول شبكة تستخدم تلك الأداة البصرية الملونة عام 1972 وسرعان ما تبعتها بقية الشبكات التلفزيونية.
ويقول المحللون ان اختيار اللونين يرجع ثقافيا إلى التراث السياسي البريطاني، إذ كانت بريطانيا العظمى تستخدم اللون الأحمر في الإشارة الي الأحزاب الليبرالية.
وتزايد استخدام الاعلام للونين الأحمر والازرق في الإشارة إلى الحزبين الجمهوري والديمقراطي، واعتادت وسائل الاعلام استخدام خرائط للولايات الخمسين تشير فيها بالأحمر الي فوز الجمهوريين بولايات معينة وبالأزرق إلى فوز الديمقراطيين في ولايات أخرى.
وبحلول عام 1996 كان استخدام الأحمر للجمهوريين والازرق للإشارة للديمقراطيين من الأمور المستقرة في الاعلام والسياسة، ولذا ترسخ اللونان في ذهن المشاهد الأميركي كجزء من الحوار السياسي حول الحزبين الجمهوري والديمقراطي وتم اعتبارهما جزءاً من الهوية السياسية لكل حزب.

*الحمار والفيل
اما بخصوص الرمز، فقد اتخذ الحزب الديمقراطي الحمار رمزا له واتخذ الحزب الجمهوري الفيل رمزا له منذ عقود. ويقول المؤرخون ان اول استخدام للحمار في اللغة السياسية لتمثيل الحزب الديمقراطي كان عام 1828 خلال حملة الانتخابات الرئاسية للمرشح الديمقراطي اندرو جاكسون الذي كان بطلا شعبيا بعد الانتصارات التي حققها في حرب عام 1812 ضد البريطانيين، وكان يرفع شعار «الحكم للشعب».
وقد وصفه معارضوه بانه شعبوي وأطلقوا عليه لقب «حمار». لكن جاكسون استخدم الحمار بذكاء رمزا لحملته ليمثل العناد والمثابرة والتحمل في حملته الانتخابية. وفاز في الانتخابات وأصبح الرئيس السابع للولايات المتحدة (1829 - 1837). وهو كان إذاً وراء اتخاذ الحمار رمزا للديمقراطيين منذ ذلك التاريخ.
أما رمز الفيل للحزب الجمهوري فقد استخدم للمرة الأولى في رسم كاريكاتير للرسام توماس نايت في مجلة «وويكلي هاربر» عام 1870 حين رسم الحمار لتمثيل الديمقراطيين الذين يرفضون الحرب، واستخدم الفيل للإشارة إلى الجمهوريين وخلافاتهم الداخلية التي يمكن ان تضرّ بهم خلال الانتخابات المقبلة.
لكن الكاريكاتير المميز الذي رسخ رمز الحمار والفيل كان في عام 7 نوفمبر 1874 وحمل عنوان «الرعب من ولاية ثالثة»، وكان يشير إلى الرئيس الجمهوري يوليسيس غرانت الذي خدم فترتين كرئيس وكان يفكر في الترشح لولاية ثالثة. واظهر الكاريكاتير اعتراضات الديمقراطيين وأشار إليهم بحمار يرتدي جلد أسد وهو يحارب الحيوانات الأخرى بما فيها فيل يمثل الأصوات الجمهورية.
واستمر فنان الكاريكاتير ناست في استخدام الفيل كرمز للجمهوريين لسنوات، وقلده رسامو الكاريكاتير حتى أصبح استخدام كل من الحمار والفيل في الإشارة للحزبين الديمقراطي والجمهوري من الأمور الشائعة على نطاق واسع.



الرئيس الأميركي يطرح تحدياً غير مسبوق لنتائج الانتخابات

الرئيس الأميركي يطرح تحدياً غير مسبوق لنتائج الانتخابات
TT

الرئيس الأميركي يطرح تحدياً غير مسبوق لنتائج الانتخابات

الرئيس الأميركي يطرح تحدياً غير مسبوق لنتائج الانتخابات

تعد المحاولات التي يبذلها الرئيس دونالد ترمب لتغيير نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة، وتتجاوز الاستخدام الجريء للقوة السياسية الذي لجأ إليه الكونغرس عندما منح روذرفورد هايس الرئاسة إبان حقبة إعادة الإعمار.
تتراوح فرص ترمب في الفوز بالانتخابات الرئاسية الحالية بين بعيد المنال والمحال. ومع ذلك، فإن محاولاته أثارت مخاوف على نطاق واسع، وليس أقلها داخل معسكر بايدن المنافس.
وصرّح بايدن في مؤتمر صحافي في مدينة ويلمينغتون بولاية ديلاوير الخميس، قائلا: «أنا على يقين بأنه يعلم أنه لم يفز»، وذلك قبل أن يضيف قائلا: «إنه ما يواصل فعله الآن لأمر شائن حقا». ورغم أن بايدن قد وصف تصرفات الرئيس دونالد ترمب بأنها مثيرة للحرج السياسي البالغ، فإنه أقر بقوله: «هناك رسائل عميقة الضرر يبعث بها إلى جميع أرجاء العالم حول كيفية عمل الديمقراطية في الولايات المتحدة». ولم يبق أمام الرئيس دونالد ترمب سوى بضعة أسابيع كي يبذل قصارى جهده لإنجاح مساعيه، إذ إن أغلب الولايات التي يحتاج حرمان بايدن من أصواتها ستصادق على لائحة كبار الناخبين بحلول بداية الأسبوع المقبل. فيما يدلي الناخبون بأصواتهم في الاثنين 14 ديسمبر (كانون الأول)، ثم يقوم الكونغرس بفرز الأصوات في 6 يناير (كانون الثاني). وحتى إن تمكن ترمب من قلب أصوات كبار الناخبين لصالحه، فما تزال هناك ضمانات أخرى سارية ومعمول بها، على افتراض أن الشخصيات النافذة في مواقع السلطة لا ترضخ لإرادة الرئيس المنتهية ولايته.
وأولى هذه الاختبارات سوف تشهدها ولاية ميشيغان، التي يبذل فيها الرئيس ترمب قصارى جهده من أجل إقناع المجلس التشريعي بإلغاء هامش فوز جوزيف بايدن البالغ 157 ألف صوت. ولقد اتخذ الرئيس ترمب خطوة استثنائية أخرى تتمثل في دعوة وفد من الشخصيات الجمهورية البارزة في الولاية إلى زيارة البيت الأبيض، على أمل منه أن ينجح في إقناعهم بتجاهل نتائج التصويت الشعبي في الولاية.
وصرح مايك شيركي، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ بولاية ميشيغان قائلا يوم الثلاثاء الماضي: «لا يمكن لهذا أن يحدث أبدا، سوف ننفذ القانون ونتابع سير العملية الانتخابية».
كما يمكن لغريتشن ويتمر حاكمة ولاية ميشيغان الديمقراطية أن تبعث إلى الكونغرس بقائمة انتخابية منافسة استنادا إلى التصويت الانتخابي، فيما تم تجاهل الإجراءات المعمول بها في مثل هذه الحالات. ومن شأن هذا النزاع أن يخلق قدرا كبيرا من الإرباك، يدفع مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس إلى التدخل لتسوية الخلافات في خطوة غير معهودة في العصر الحديث. ويوفر القانون الفيدرالي التي يرجع تاريخه إلى عام 1887، والذي جرى تمريره كرد فعل على انتخاب راذرفورد هايس، الإطار العام لحل هذا النوع من الخلافات.
وولاية ميشيغان وحدها لن تشكل فارقا كبيرا أو كافيا بالنسبة إلى دونالد ترمب. فإنه في حاجة ماسة أيضا إلى ولايتين أخريين تنضمان إلى جهود قلب نتيجة الانتخابات. ومن أبرز تلك الولايات هناك ولاية جورجيا وأريزونا، اللتان اختارتا انتخاب ترمب في انتخابات عام 2016 الرئاسية، فضلا عن المجالس التشريعية فيهما الخاضعين تماما لسيطرة أعضاء الحزب الجمهوري.
تذكّر الجهود والضغوط الراهنة التي يمارسها الرئيس ترمب بما حدث في عام 1876. ففي ذلك العام، كان راذرفورد هايس يشغل منصب حاكم ولاية أوهايو، وليس رئيس الولايات المتحدة. وكان الرئيس الفعلي وقتذاك هو يوليسيس إس. غرانت، إلا أن راذرفورد هايس فاز في الانتخابات الرئاسية عن طريق التلاعب بالأصوات الانتخابية في ثلاث ولايات أميركية، وأصبح منذ ذاك يُعرف باسم «السيد المحتال».

* خدمة «نيويورك تايمز»