غموض يكتنف حقيقة انتقال خالد مشعل من قطر إلى تركيا

إسرائيل مبتهجة.. ومصادر من حماس تنفي

خالد مشعل
خالد مشعل
TT

غموض يكتنف حقيقة انتقال خالد مشعل من قطر إلى تركيا

خالد مشعل
خالد مشعل

ساد الغموض مرة أخرى بشأن مغادرة خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» العاصمة القطرية الدوحة، وذلك بعد أنباء غير مؤكدة أشارت إلى أنه بصدد نقل مقر إقامته إلى تركيا، التي كان آخر ظهور إعلامي له في أراضيها قبل أسبوع تقريبا.
وفي حين راجت أنباء، مصدرها تركيا وإسرائيل، عن ترحيل أو مغادرة مشعل الأراضي القطرية، سارعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى نفي الخبر، حيث قال عزت الرشق، المسؤول في حماس لوكالة «رويترز» إنه «لا صحة لما نشرته بعض وسائل الإعلام عن رحيل الأخ خالد مشعل عن الدوحة». وأكد مصدر آخر في حماس أن مشعل لا يزال في الدوحة ولا خطط لديه لمغادرة قطر.
وأكد القيادي في الحركة حسام بدران، الموجود في الدوحة، لـ«الشرق الأوسط» أن كل ما يثار حول تغيير مشعل مكان إقامته غير صحيح، وأنه محاولة لإثارة البلبلة فقط، نافيا مغادرته الدوحة لأي سبب، وقال بدران بهذا الخصوص: «نحن باقون في الدوحة، ولا يوجد أي تغيير».
لكن مصادر أخرى مطلعة قالت إن بعض قيادات حماس ناقشت مثل هذا الأمر، لكن دون اتخاذ أي قرار حتى الآن. وقالت المصادر ذاتها لـ«الشرق الأوسط» إن الدوحة لم تطلب من حماس المغادرة، لكنها أشارت إلى أن الحركة لمست بعض التغيير في التوجه السياسي، وإلى أن بعض قادتها ناقشوا احتمالات مختلفة.
وبحسب المصادر ذاتها، فقد طلب من حماس، على الأقل، عدم القيام بأي نشاطات سياسية لافتة يمكن أن يفهم منها أن قطر ما زالت تدعم الإخوان المسلمين، خصوصا بعد المصالحة المصرية - القطرية.
وكانت التكهنات قد تصاعدت أخيرا بإمكانية خروج حماس من قطر بعد المصالحة القطرية - المصرية، والقطرية – الخليجية، التي استوجبت تغييرا في السياسة القطرية الخارجية، وأهمها التوقف عن دعم الإخوان المسلمين الذي تنتمي إليه حماس.
وسبق لحركة «حماس» أن نفت في سبتمبر (أيلول) الماضي أن تكون قطر تنوي ترحيل مشعل وبعض قيادات الحركة المقيمين في الدوحة، مؤكدة أنه باق وأن تمثيل الحركة السياسي في قطر لن يخفض.
إلا أن شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية الأميركية نسبت إلى ما قالت إنها وكالة أنباء تديرها حماس (لم تعط اسمها) القول، أمس، إن مشعل وأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين طردوا من قطر، وإنهم في طريقهم إلى تركيا على الأرجح. وكانت مصادر في الدوحة رفضت في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أمس، التعليق على أنباء مغادرة مشعل، واكتفت بالإشارة إلى نفي المسؤول في حماس صحة هذه الأنباء.
وفي القدس المحتلة سارعت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى الإشادة بما أسمته «طرد مشعل من الدوحة»، وقالت الوزارة في بيان: «ترحب وزارة الخارجية الإسرائيلية بقرار قطر طرد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، إلى تركيا». وأضافت أن «وزارة الخارجية بقيادة وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان تقدمت بعدة خطوات خلال العام الماضي من أجل الوصول إلى وضع تتخذ قطر بموجبه هذه الخطوة، وتوقف مساعدة حماس بصورة مباشرة وغير مباشرة».
وفي سبتمبر الماضي غادرت قطر 7 شخصيات رفيعة في جماعة الإخوان المسلمين المصرية. ويتوقع دبلوماسيون في قطر طرد المزيد من الإسلاميين هذا العام، على الرغم من أنه لم تصدر إعلانات رسمية حتى الآن. وكانت صحف تركية قد تناولت، أمس، تقارير عن رغبة خالد مشعل نقل مقر إقامته من الدوحة إلى تركيا. وقالت الصحف التركية إن قطر تتعرض لضغوط بسبب استضافتها لحركات توصف عند الغرب بـ«حركات إرهابية». كما ذكرت صحيفة «ايندلك» التركية أن مشعل بدأ الاستعداد إلى نقل إقامته إلى العاصمة التركية أنقرة، بعدما طالبته قطر بمغادرة أراضيها. وقالت إن هذا الأخير بحث خلال زيارته الأخيرة إلى تركيا موضوع انتقاله، خلال لقائه مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، ونقلت عن مصادر تركية رفيعة المستوى قولها إن القرار جاء إثر المصالحة القطرية - الخليجية أولا والقطرية - المصرية ثانيا.
وكان آخر تصريح لقيادة حماس بشأن مصير خالد مشعل، ورد على لسان إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، الذي ذكر في 30 من ديسمبر الماضي لوكالة الأناضول التركية «ما زال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطر، ولم يُطلب منه أي شيء يتعلق بإقامته أو نشاطه السياسي والإعلامي، وهذا مؤشر يدل على ثبات العلاقة ما بين قطر وحماس، وأن المصالحات العربية العربية تخدم الشعب الفلسطيني وتعزز صموده وثباته».
لكن تبدو خيارات الحركة الأخرى غير الدوحة قليلة وصعبة الآن؛ إذ يوجد أمام حماس، حسب بعض المراقبين، 3 خيارات الآن هي: طهران وأنقرة والخرطوم، خاصة بعدما سقط خياران حديثان هما: تونس ومصر، كما تم استبعاد خيارين سابقين نهائيا هما: الأردن وسوريا.
في المقابل، تظهر أنقرة بوصفها أحد أبرز الخيارات في المستقبل أمام حماس؛ إذ إن اختيار طهران سيكون صعبا لأسباب مختلفة وكثيرة، أبرزها الموقف من سوريا، وطبيعة الصراع السني - الشيعي، وسرعة تبدل الموقف الإيراني في أي تطورات لاحقة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.