دونالد ترمب رجل الصفقة «يغرد» خارج السرب السياسي

محاولات شرسة من الديمقراطيين لإقصائه... و«كوفيدـ19» خصمه الأكبر

الرئيس ترمب يحيي أنصاره في فلوريدا الاثنين (أ.ب)
الرئيس ترمب يحيي أنصاره في فلوريدا الاثنين (أ.ب)
TT

دونالد ترمب رجل الصفقة «يغرد» خارج السرب السياسي

الرئيس ترمب يحيي أنصاره في فلوريدا الاثنين (أ.ب)
الرئيس ترمب يحيي أنصاره في فلوريدا الاثنين (أ.ب)

ذات يوم في أغسطس (آب) 2019، اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب عقد صفقة استثنائية: شراء أكبر جزيرة في العالم. لم تكن غرينلاند معروضة للبيع، ولكن رجل العقارات حاول إغراء الدانمارك، صاحبة السيادة، بتغريدة على «تويتر»، إذ نشر صورة مركبة لـ«برج ترمب» المذهب فوق الصفائح الجليدية وأكوام النفايات. وقد رأى بعضهم في ذلك مقاربة «دون كيشوتية»، لكنه لم يكترث.
وعلى الرغم من إخفاق هذه المحاولة، فإنها عكست شخصية ترمب الاستثنائية، فهو لم ينطلق من العدم في هذا العرض لشراء موطن الصفائح الجليدية الدائمة الوحيدة خارج القطب الجنوبي التي تغطي أربعة أخماس مساحة 836 ألف ميل مربع؛ كان يريد أن تحصل الولايات المتحدة على مكاسب جيواستراتيجية في العلاقة مع روسيا والصين، بصرف النظر عن الهواجس من الذوبان التاريخي لهذا الغطاء الجليدي بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض وتغير مناخها. ولا شك في أن ترمب أراد أن يضع اسمه بين أسماء الذين تمكنوا من شراء لويزيانا من فرنسا، وألاسكا من روسيا، وكاليفورنيا من المكسيك.
أثار عرض ترمب سخرية خصومه، بيد أنه تمسك -ولا يزال- بالمثل الشائع «يضحك كثيراً من يضحك أخيراً». وها هو يتحدى الاستطلاعات، محاولاً اليوم أن يحقق مفاجأة كتلك التي حصلت عام 2016، من أجل البقاء أربع سنوات إضافية في البيت الأبيض، علماً بأن كل المحاولات لإزاحته من المشهد السياسي في الولايات المتحدة منيت بالفشل. لقد استخدم بفاعلية استثنائية العدد المحدود للكلمات في تغريدات «تويتر» لمواجهة الحملة الضارية التي شنها الحزب الديمقراطي ضده، من خلال التحقيق الذي فتحه المستشار الخاص روبرت مولر. وفشلت محاولة عزل ترمب بعد اتهامه بأنه حاول الضغط على أوكرانيا لتشويه سمعة خصومه السياسيين.
وقبل أن يترشح في المرة الأولى للانتخابات الرئاسية، كان من أشهر المليارديرات الأميركيين وأكثرهم حيوية. وعندما بدأ يتحدث عن طموحاته الرئاسية، رأى القريبون منه أن هذه الفرصة ستكون بعيدة المنال، ولكنه نجح في استخدام كل الأدوات المتاحة لديه لاقتحام عالم السياسة في واشنطن، متحدياً كل السياسيين الذين واجهوه، حتى أكثرهم حنكة منه في السباق التمهيدي بين الجمهوريين، ثم في السباق مع الديمقراطيين إلى البيت الأبيض. وهزم منافسته هيلاري كلينتون، وهو الآن على مسافة أيام معدودة من المواجهة مع منافسه الديمقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن.
- حياة مثيرة
في صغره، كان لدى دونالد، الطفل الرابع لرجل الأعمال العقاري في نيويورك فريد ترمب، طموح أن يتسلم وظيفة متدنية داخل شركة والده. لكن على الرغم من ثروة الأسرة، أرسل إلى الأكاديمية العسكرية عندما بلغ من العمر 13 عاماً، وبدأ يظهر علامات على سوء السلوك. ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وصار المرشح المفضل لخلافة والده، بعدما قرر شقيقه الأكبر فريد الابن أن يصير طياراً. لكن هذا الأخير توفي عن 43 عاماً بسبب معاقرته الخمر. ويقول ترمب إنه دخل في سوق العقارات بقرض «صغير» قيمته مليون دولار من والده، قبل أن ينضم إلى الشركة ليساعد في إدارة المحفظة الواسعة لوالده من مشاريع الإسكان في أحياء مدينة نيويورك، ثم سيطر على الشركة وسماها «منظمة ترمب» عام 1971.
وبعد وفاة والده عام 1999، غيّر ترمب أعمال عائلته من وحدات الإسكان في بروكلين وكوينز إلى المشاريع الجذابة في مانهاتن، فبنى فندق «غراند حياة» على أنقاض فندق الكومودور المتهدم و«برج ترمب» الفاخر المكون من 68 طابقاً في الجادة الخامسة. ثم أنشأ علامات تجارية كثيرة، أبرزها بين عامي 1996 و2015، حين كان مالكاً لمسابقات ملكة جمال الكون وملكة جمال الولايات المتحدة وملكة جمال المراهقات. وخلال هذه المرحلة، ظهر للمرة الأولى عام 2003 في برنامج التلفزيون الواقعي «ذا أبرانتيس» على شبكة «إن بي سي»، حيث يتنافس المتسابقون للحصول على وظيفة إدارية داخل مؤسسة ترمب. وتفيد مجلة «فوربس» الأميركية بأن صافي ثروة ترمب يصل إلى أكثر من 3.7 مليار دولار، لكنه يصر على أن قيمتها تستحق 10 مليارات دولار. وعلى الرغم من أنه تزوج 3 مرات، لا تزال زوجته الأولى الرياضية عارضة الأزياء التشيكية إيفانا زيلنيكوفا هي الأشهر. وقد أنجب منها 3 أطفال، هم دونالد جونيور وإيفانكا وإريك. وأدت دعوى الطلاق بينهما عام 1990 إلى ظهور كثير من القصص المثيرة عن ترمب في الصحف الشعبية. ثم تزوج من الممثلة مارلا مابلز عام 1993، وأنجب منها ابنة سمياها تيفاني قبل أن يتطلقا عام 1999. وعام 2005، تزوج من العارضة ميلانيا كناوس، وأنجب منها ابناً سمياه بارون ويليام. ولا يزال أولاده من زواجه الأول يساعدون في إدارة «منظمة ترمب».
- طموحات رئاسية
قديمةعبر ترمب عن اهتمامه بالترشح للرئاسة الأميركية في وقت مبكر يعود إلى عام 1987، ودخل إلى هذا السباق للمرة الأولى عام 2000 مرشحاً عن حزب الإصلاح. وبعد عام 2008، صار الأكثر صراحة بين أعضاء حركة «بيرثر» التي تساءلت عما إذا كان الرئيس باراك أوباما ولد في الولايات المتحدة. وعندما دخل السباق إلى البيت الأبيض مجدداً عام 2016، قال في خطاب: «نحن بحاجة إلى شخص ما يتسلم هذا البلد بالمعنى الحرفي للكلمة، ويجعله عظيماً مرة أخرى؛ يمكننا أن نفعل ذلك». ووعد بأنه سيرفع شعار «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، ثم أدار حملة مثيرة مبنية على وعود بتعزيز الاقتصاد الأميركي، وبناء جدار على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة، وحظر هجرة مواطني بعض الدول مؤقتاً «حتى يتمكن ممثلو بلدنا من معرفة ما الذي يجري».
وثابر ترمب على تحدي استطلاعات الرأي التي كانت ترجح فوز هيلاري كلينتون، مؤكداً أن رئاسته ستوجه ضربة للمؤسسة السياسية و«تجفف المستنقع» في واشنطن.
وبعد فوزه المذهل، دخل ترمب التاريخ لأنه الرئيس الأميركي الأول الذي لم يتقلد منصباً منتخباً أو يخدم في الجيش قبل أن يؤدي اليمين الدستورية، ليكون الرئيس الـ45 للولايات المتحدة، في 20 يناير (كانون الثاني) 2017.
وبصرف النظر عن الإنجازات، يعتقد عدد من مساعدي ترمب وحلفائه أنه لم يعد يخوض الآن مواجهة ضد خصم سياسي، بل ضد فيروس «كوفيد-19» الذي أصيب به أخيراً، وأن إعادة انتخابه ستعتمد على إقناع الناخبين بأن استجابته للجائحة أنقذت عدداً كبيراً من أرواح الأميركيين.



إلى أين ستقود سياسة ترمب «أميركا أولاً»؟

مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
TT

إلى أين ستقود سياسة ترمب «أميركا أولاً»؟

مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)

رغم أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لا يخفي اعتزامه تبني نهج متشدد مع الصين بدءاً من التلويح بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60 في المائة على المنتجات الصينية، وحتى اختيار شخصيات مناوئة للصين في حكومته؛ يمكن أن تمثل إدارة ترمب فرصة كبيرة أمام الصين لتعزيز نفوذها دولياً والاقتراب من قيادة العالم.

الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ خلال لقائهما بكاليفورنيا في نوفمبر 2023 (رويترز)

فاستراتيجية «أميركا أولاً» التي يتبناها ترمب في السياسة الخارجية يمكن أن تؤدي إلى انسحاب الولايات المتحدة كلياً أو جزئياً من العديد من المنظمات الدولية والمبادرات العالمية التي شكلت أحجار زاوية في هيمنتها العالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. هذا الانسحاب سيولّد فراغاً لن تتردد الصين في السعي لملئه. وستسعى بكين وراء الحصول على مساحة حركة أوسع لضمان دور قيادي في العالم وصياغة نظام دولي متعدد الأطراف يخدم مصالحها.

فريق صيني للاستعراضات الجوية يحلّق في السماء ضمن معرض الصين الدولي الـ15 للطيران والفضاء (أ.ب)

وفي تحليل نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية «تشاتام هاوس» البريطاني، قال ويليام ماتيوس الباحث الزميل البارز في برنامج آسيا والمحيط الهادئ في المعهد، إن رؤية الرئيس الصيني شي جينبينغ هي ضرورة وجود نظام دولي وليس فوضى. لكن هذا النظام لا يلتزم بالمعايير وأنظمة التحالف القائمة على القيم العالمية لصالح شراكات غير ملزمة تقوم على المصالح المشتركة، وهو ما يعني من الناحية العملية حصول الصين على نفوذ كبير في العالم بفضل حجم اقتصادها الكبير، وريادتها التكنولوجية، وقوتها العسكرية المتنامية.

وتسعى الصين لتحقيق هذه الرؤية من خلال إعادة تشكيل الأمم المتحدة وإطلاق مبادراتها الدولية، وتحديد الشروط والأحكام المنظمة للتكنولوجيات الجديدة وسلاسل الإمداد. وفي هذا السياق، أطلقت الصين منذ 2021 ثلاث مبادرات عالمية مرتبطة بنفوذها في الأمم المتحدة، وهي مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية.

وتشير الصين إلى ميثاق الأمم المتحدة باعتباره «جوهر» النظام الدولي في ورقتها الخاصة بمبادرة الأمن العالمي، وربطت مبادرة الحضارة العالمية بتشجيع الحوار بين الحضارات الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) التي قرر الرئيس ترمب في ولايته الأولى انسحاب بلاده منها.

طائرة مقاتلة صينية من طراز «J-15» تظهر في معرض الصين الدولي الـ15 للطيران والفضاء (أ.ب)

كما أصبحت الأمم المتحدة أداة أساسية تحاول من خلالها الصين بناء دورها كوسيط عالمي، بما في ذلك الترويج لخطة سلام في أوكرانيا بالتعاون مع البرازيل.

ويرى ويليام ماتيوس خبير العلاقات الخارجية الصينية والمتخصص في دراسة الآثار الجيوسياسية للصين كقوة صاعدة، كما جاء في تحقيق الوكالة الألمانية، أن مبادرة التنمية العالمية تمثل تطويراً لنهج التنمية الدولية الذي تتبناه الصين من خلال مبادرة الحزام والطريق، والتي أكدت دور الصين كشريك تنموي أساسي بالنسبة للعديد من الدول في عالم الجنوب، مضيفاً أن المبادرتين الأخريين للأمن العالمي والحضارة العالمية تستحقان المتابعة.

وتمثل مبادرة الأمن العالمي إطار عمل للتعاون الأمني الدولي في مواجهة التحالفات العسكرية الأميركية. وفي حين ما زالت الصين متأخرة للغاية عن الولايات المتحدة من حيث القوة العسكرية، فإن مبادرة الأمن العالمي مصممة لكي تناسب نقاط قوة الصين مع التركيز على التعاون في مجالات تشمل الأمن الداخلي وأمن البيانات.

سيارات صينية مُعدة للتصدير في ميناء يانتاي شرق البلاد (أ.ف.ب)

ومن شأن خفض الالتزامات الأميركية أن يساعد بكين في استخدام مبادرة الأمن العالمي لنشر معايير الأمن الصينية مع حماية مصالحها الاقتصادية أيضاً.

وبالفعل أثبتت الصين أنها شريك أمني جذاب بالنسبة لشركاء عسكريين للولايات المتحدة. فباكستان المصنفة حليفاً رئيسياً من خارج «الناتو» للولايات المتحدة، تكثف تعاونها الأمني مع الصين لحماية المواطنين الصينيين الذين يعملون في مشروعات مبادرة الحزام والطريق. كما أن هناك تقارير عن اعتزام مصر المصنفة أيضاً حليفاً رئيسياً من خارج «الناتو» للولايات المتحدة، الاستعانة بالمقاتلات الصينية من طراز «جيه-20» بدلاً من المقاتلات الأميركية من طراز «إف-16». في الوقت نفسه، تستهدف مبادرة الحضارة العالمية تقديم بديل لمنظومة قيم حقوق الإنسان المستندة إلى القيم الغربية. وتشجع المبادرة الصينية إقامة نظام يستند إلى تعدد الحضارات، وأن لكل منها قيمها وأنظمتها السياسية الخاصة التي يجب احترام سيادتها وسلطتها.

طائرة «سوخوي سو-57» روسية تهبط خلال معرض الصين الجوي (إ.ب.أ)

لذلك، فإن وجود إدارة أميركية تميل إلى الانفصال عن قضايا العالم قد تسمح بسهولة لخطاب القيم «الحضارية» الذي تتبناه بكين بأن يصبح الإطار المفضل للدبلوماسية الدولية، خاصة مع تزايد النفوذ الصيني في الأمم المتحدة.

ورغم أهمية هذه المبادرات، سيظل المصدر الأقوى للنفوذ الصيني هو التجارة والتكنولوجيا، خاصة في المجالات التي أصبح لها فيها دور رئيسي. فالمنهج المنتظم للصين في تطوير التكنولوجيا الخضراء بدءاً من إنتاج الطاقة إلى السيارات الكهربائية، منحها السيطرة على سلاسل إمداد هذا القطاع في العالم.

مشاة على شاطئ ميناء «فيكتوريا هاربور» في هونغ كونغ في حين تنذر السحب بهبوب عاصفة (د.ب.أ)

ومع قدراتها التقنية المتقدمة، ومكانتها كشريك تنموي وتكنولوجي أساسي بالنسبة لعالم الجنوب، سوف تصبح باقي دول العالم معتمدة بصورة متزايدة على الصين في سلاسل إمداد التكنولوجيا الخضراء. ونتيجة لانتشار التكنولوجيا الصينية في العالم، من المحتمل أن تصبح المعايير الصينية الحاكمة لاستخدام هذه التكنولوجيا هي المعايير السائدة.

في المقابل، فإن عدم رغبة إدارة ترمب في الانخراط في التعاون الدولي في مجال المناخ سيجعل الصين أكبر لاعب فيه بما لديها من تكنولوجيات ومنتجات يحتاجها باقي العالم للتحول الأخضر.

ولا يجب التقليل من أهمية النفوذ الدولي الذي ستحققه الصين من خلال هذا الملف. فقد شهد منتدى التعاون الصيني - الأفريقي الأخير مجموعة من التعهدات بزيادة التعاون في مجال التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة. كما شهد المنتدى تعهدات بتعميق التعاون في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

وفي غياب الولايات المتحدة يمكن أن تحدد الصين المعايير الدولية لاستخدام الذكاء الاصطناعي. لذلك، فحرص الصين على أن تصبح لاعباً رائداً في حوكمة الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم يمثل تحدياً خطيراً للولايات المتحدة التي ربما ترغب إدارتها الجديدة في الانكفاء على الداخل تحت شعار: «أميركا أولاً».

أخيراً، فإن توازن النفوذ الدولي للولايات المتحدة والصين لا يعتمد على العلاقات الثنائية بينهما، وإنما على علاقات كل منهما مع باقي دول العالم.

وتزايد نفوذ الصين داخل الأمم المتحدة مع مبادراتها الدولية وريادتها التكنولوجية، سيجعلها في موقف جيد للاستفادة من الغياب الأميركي المحتمل عن المسرح العالمي تحت حكم ترمب، ويجعلها أكثر قدرة على صياغة القواعد العالمية الجديدة، من اللجوء لأي سبيل أخرى.

خط إنتاج للسيارات الكهربائية في مصنع شركة «ليب موتور» بمدينة جينهوا الصينية (أ.ف.ب)

في المقابل، لن يكون أمام حلفاء الولايات المتحدة خيارات كثيرة لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد، ما دام البيت الأبيض لا يهتم كثيراً بالقضايا الدولية ولا بقيادة أميركا للنظام العالمي. وإذا كانت أي حرب تجارية بين بكين وواشنطن يمكن أن تدمر أجندة ترمب الداخلية، فإن استراتيجية «أميركا أولاً» هي أفضل خدمة للصين الساعية إلى إيجاد نظام عالمي متعدد الأقطاب ولا يستند إلى القواعد التي أرستها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بعد الحرب العالمية الثانية. لذلك، فإن أفضل استراتيجية لحلفاء الولايات المتحدة هي التكيّف مع حقائق عالم يتزايد فيه النفوذ الصيني على المدى الطويل.