الليرة التركية تلفظ أنفاسها... وأنقرة مرشحة أولى لـ«التخلف عن السداد»

غالبية الشعب ترى الاقتصاد ذاهباً إلى الهاوية... وإردوغان يتمسك بنظرية «المؤامرة»

تنهار الليرة التركية سريعاً تحت وطأة سياسة الحكومة والعوامل الجيوسياسية (رويترز)
تنهار الليرة التركية سريعاً تحت وطأة سياسة الحكومة والعوامل الجيوسياسية (رويترز)
TT

الليرة التركية تلفظ أنفاسها... وأنقرة مرشحة أولى لـ«التخلف عن السداد»

تنهار الليرة التركية سريعاً تحت وطأة سياسة الحكومة والعوامل الجيوسياسية (رويترز)
تنهار الليرة التركية سريعاً تحت وطأة سياسة الحكومة والعوامل الجيوسياسية (رويترز)

بينما يؤكد خبراء أن تركيا صارت قاب قوسين أو أدنى من أن تكون بين أوائل الدول التي ستعلن التخلف عن السداد حال حدوث أي أزمة سيولة في العالم، تعمقت أزمة الليرة التركية وواصلت رحلة الانهيار لتسجل انخفاضاً قياسياً أمام الدولار ليجري تداولها في بداية تعاملات الأسبوع، أمس (الاثنين)، عند مستوى 8.43 ليرة للدولار فيما يعزوه خبراء إلى تأثير التوترات الجيوسياسية والتدخلات السياسية على السياسة النقدية.
وخسرت الليرة التركية نحو 39 في المائة من قيمتها أمام الدولار منذ بداية العام الحالي... وواصل الرئيس رجب طيب إردوغان الحديث عن «المؤامرة» التي يعلق عليها الأزمات الاقتصادية والانهيار المتواصل لليرة، قائلاً: «لن يتمكنوا من تدمير اقتصاد تركيا... عندما ننجح في النضال الذي دخلنا فيه فستكون تركيا من أكبر دول العالم اقتصادياً وسياسياً».
وكان إردوغان يتحدث مساء أول من أمس أمام تجمع لحزب العدالة والتنمية الحاكم في صامسون بشمال البلاد، وقبلها بيوم واحد قال في تصريحات في تجمع مماثل بشرق البلاد: «نحن في حرب جديدة لتحرير الاقتصاد. تركيا تخوض حرباً اقتصادية على (المثلث الشيطاني) لأسعار الفائدة، وأسعار الصرف، والتضخم».
ورفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسي من 8.25 إلى 10.25 في المائة خلال اجتماعه في سبتمبر (أيلول) الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ عامين التي يلجأ فيها إلى هذا الإجراء. ورفع سقف نطاق الفائدة الشهر الماضي إلى 11.75 في المائة لمواجهة معدل تضخم لا يتزحزح عن خانة العشرات.
لكن البنك لم يتمكن من تكرار الخطوة في اجتماع لجنة سياسته النقدية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ووجه البنك المركزي التركي ضربة جديدة إلى الليرة التي تعاني ترنحاً غير مسبوق، بعد أن خالف التوقعات وأبقى على سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) ثابتاً دون تغيير عند 10.25 في المائة، لتبدد على الفور مكاسب حققتها في 4 أيام قبل اجتماع البنك.
وتقدم الليرة التركية أسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة منذ بداية العام الحالي، رغم أن الدولار ليس في أفضل حالاته هذا العام حيث انخفض بشدة مقابل اليورو والين والفرنك السويسري.
ويتزامن سقوط الليرة التركية دائماً مع أخبار سلبية تتعلق بسياسة الحكومة. ويرى خبراء أن استجابة المستثمرين للمشكلات المالية الملموسة كانت أقوى، ولذلك لم تتمكن الحكومة من إيقاف جميع الانهيارات بسرعة.
وأظهرت السلطة التنفيذية، برئاسة إردوغان، خلال السنوات الأخيرة سيطرة فعلية على البنك المركزي، كما تنتهج سياسة ضمان النمو الاقتصادي بأي ثمن. ولم تؤد السياسات المالية فائقة المرونة والتوسع الائتماني القوي إلى تضخم متسارع فحسب؛ إنما أديا أيضاً إلى انخفاض معدل الادخار إلى 13 في المائة، وهي نسبة صغيرة للغاية لدولة نامية. وتركت الدولة نفسها بلا مصدر رئيسي للاستثمار، معتمدة كلياً على الضخ الائتماني من الداخل والخارج.
كما تواصل مدخرات الدولة التركية نفسها الانخفاض؛ وذلك لأن أنقرة تحاول ضرب عصفورين بحجر واحد، في وضع مالي صعب لدعم سعر الصرف، وعدم خنق سوق الائتمان. وأدى تحقيق هذه المهام إلى استنفاد احتياطات النقد الأجنبي.
بشكل عام، وفقاً للبنك، أنفقت تركيا نحو 130 مليار دولار من الاحتياطات، خلال الـ18 شهراً الأخيرة، وكانت النتيجة مستوى ادخار منخفضاً، وتضخماً مرتفعاً، وعجزاً مالياً وتجارياً واسعاً.
وبحسب الرئيس التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي، ديزموند لاكمان، في حال حدوث أزمة سيولة في العالم، فستكون تركيا من أوائل الدول التي ستعلن التخلف عن السداد.
وكشف استطلاع جديد للرأي عن أن غالبية الأتراك متشائمون من السياسات الاقتصادية التي تنتهجها حكومة بلادهم، برئاسة رجب طيب إردوغان.
وأفاد الاستطلاع الذي أجراه مركز أبحاث «متربول» خلال شهر أكتوبر الماضي بأن 78.1 في المائة من الأتراك يعتقدون أن الاقتصاد في طريقه نحو الهاوية، ويعتقد 60.2 في المائة أن «مسار الاقتصاد التركي سيئ بسبب سياسات الحكومة الفاشلة»، وأكد 45.9 في المائة أن السبب في تدهور الاقتصاد هو النظام الرئاسي الذي طبق منتصف عام 2018.
ولفت 45 في المائة إلى عدم كفاءة الإدارة الاقتصادية، فيما رأى 22.7 في المائة أن سبب سوء الوضع الاقتصادي هو معاداة تركيا كثيراً من دول العالم. وتوقع 36.9 في المائة عدم نجاح المعارضة في إصلاح الوضع الاقتصادي، ورأى 54.7 في المائة أن المعارضة تفتقر إلى الكوادر لتحسين الاقتصاد.



هل يخفّض بنك إنجلترا الفائدة مجدداً اليوم؟

مبنى بنك إنجلترا يظهر محاطاً بالزهور في لندن (رويترز)
مبنى بنك إنجلترا يظهر محاطاً بالزهور في لندن (رويترز)
TT

هل يخفّض بنك إنجلترا الفائدة مجدداً اليوم؟

مبنى بنك إنجلترا يظهر محاطاً بالزهور في لندن (رويترز)
مبنى بنك إنجلترا يظهر محاطاً بالزهور في لندن (رويترز)

من المرجح أن يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة للمرة الثانية فقط هذا العام في قرار ستطغى عليه تداعيات موازنة المملكة المتحدة وفوز دونالد ترمب في الانتخابات.

ويتوقع خبراء الاقتصاد والمتداولون أن يمضي البنك المركزي قدماً في خفض سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 4.75 في المائة بعد تباطؤ سريع غير متوقع في التضخم، وفق «بلومبرغ».

ومع ذلك، فإن مسار تكاليف الاقتراض بعد اجتماع يوم الخميس أصبح موضع شك بسبب الأحداث في الداخل والخارج، مما تسبب في تقلب رهانات الأسعار في الأسواق المالية.

في الأسبوع الماضي، أعلنت المستشارة راشيل ريفز عن واحدة من أكبر عمليات التخفيف المالي منذ عقود، وكشفت عن زيادة في الاقتراض من المرجح أن تجبر بنك إنجلترا على توقع ارتفاع التضخم في السنوات المقبلة.

وكان لدى بنك إنجلترا ما يقرب من أسبوع لـ«مضغ» أول مجموعة من خطط الضرائب والإنفاق لوزيرة المالية الجديدة، والتي يُعتقد أنها سترفع التضخم، وكذلك النمو الاقتصادي العام المقبل. إذ من المتوقع أن ترتفع أسعار المستهلك بنسبة 2.6 في المائة في عام 2025، وفقاً لتوقعات مكتب مسؤولية الموازنة، وهو أعلى بكثير من هدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى الموازنة، وفق «رويترز».

كان هذا التوقع سبباً كبيراً وراء تراجع المستثمرين عن رهاناتهم على تخفيضات أسعار الفائدة المتكررة العام المقبل.

وقال جيمس سميث، الخبير الاقتصادي في الأسواق المتقدمة في «آي إن جي»: «إن الموازنة لن تغير قرار البنك بخفض أسعار الفائدة مرة أخرى هذا الأسبوع». وأضاف: «لكنها تشكك في وجهة نظرنا الراسخة منذ فترة طويلة بأن خفض أسعار الفائدة سوف يتسارع من الآن فصاعداً». وتابع: «الخطر هو أن يحدث هذا في وقت لاحق، ويقرر البنك الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير مرة أخرى في ديسمبر (كانون الأول)».

وسيكون بنك إنجلترا أيضاً أول البنوك المركزية الكبرى التي تتفاعل مع فوز ترمب في الانتخابات الأميركية، وهو الفوز الذي يهدد بإرسال موجات صدمة عبر الاقتصاد العالمي من خلال حرب تجارية متجددة.

وتوقع خبراء الاقتصاد أن يكون هناك إجماع شبه كامل في لجنة السياسة النقدية المكونة من تسعة أعضاء لصالح خفض أسعار الفائدة. وفي حين كانت النتيجة خمسة إلى أربعة لصالح أول خفض لأسعار الفائدة منذ الوباء في أغسطس (آب)، وجد استطلاع أجرته «بلومبرغ» أن خبراء الاقتصاد يميلون إلى أغلبية ثمانية إلى واحد لصالح التخفيف هذه المرة. وإذا حدث هذا الانقسام في الأصوات، فمن المتوقع أن تكون كاثرين مان الصقر الوحيد المعارض للخفض بعد تحذيرها مؤخراً من أن البنك المركزي البريطاني ربما بدأ في تخفيف السياسة قبل الأوان. ومع ذلك، يتوقع أكثر من ثلث خبراء الاقتصاد الذين شملهم الاستطلاع أن ينضم إليها المزيد في التصويت لصالح عدم التغيير.