الصراع السني ـ السني إلى العلن مع إقرار قانون الانتخابات في العراق

TT

الصراع السني ـ السني إلى العلن مع إقرار قانون الانتخابات في العراق

بالتزامن مع إقرار قانون الانتخابات الجديد في العراق الذي يعتمد الدوائر المتعددة والفوز بأعلى الأصوات بدأت الصراعات بين المكونات الطائفية والعرقية تتبلور باتجاهات مختلفة. الموعد النهائي للانتخابات، الذي حدده رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في 6 يونيو (حزيران) 2021، وعلى ضوئه تم التصويت على الدوائر المتعددة للانتخابات، لا يزال يراوح مكانه. فالصياغة القانونية له لم تكتمل بعد، وبالتالي لا يزال في أدراج رئاسة البرلمان، ولم يرسل إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه.
المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لم تقل كلمتها النهائية بعد فيما إذا كانت قادرة على إجراء الانتخابات في الموعد المذكور أم لا. المؤشرات تقول إن أركان الطبقة السياسية يسعون إلى وضع مزيد من العراقيل أمام القانون لكي يتم التأجيل بسبب عدم استعداد كل القوى والأحزاب لإجراء الانتخابات في موعدها الذي فاجأهم به رئيس الوزراء.
المبرر الذي أعلنته الجبهة السنية الجديدة التي تشكلت مؤخراً، والتي تضم 35 نائباً، هو السعي لما أسمته تغيير المسار في المؤسسة التشريعية، وهي البرلمان. ولأن رئاسة البرلمان من حصة المكون السني فإن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي تمكن من التوسع في المحافظات الغربية، بعد أن سيطر على محافظة الأنبار التي ينتمي إليها. توسع الحلبوسي إلى محافظات أخرى، مثل نينوى التي تعتبر المعقل الرئيسي لرئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي، ومحافظة صلاح الدين التي تعد المعقل الرئيسي لخصم آخر له، وهو أحمد الجبوري المحافظ الأسبق لصلاح الدين والنائب الحالي في البرلمان العراقي عنها.
المعلومات المتوفرة وطبقاً للتحركات الحالية للجبهة الجديدة التي يتزعمها أسامة النجيفي تهدف إلى إقالة الحلبوسي من رئاسة البرلمان، في حال وجدت أن هناك ضوءاً أخضر من قبل المكونين الشيعي والكردي، أو محاولة الحد من سلطات الحلبوسي، ولا سيما أن قانون الانتخابات الجديد يمكن أن يحدث تغييراً في المعادلة في تلك المحافظات.
وفيما تسعى الجبهة الجديدة إلى إحداث خلل في الخريطة السياسية لتكون أكثر انسجاماً مع القانون الجديد الذي قد يغير كثيراً من المعادلات السياسية، فإن الموقف لدى الشيعة والكرد ليس أفضل حالاً من السنة. فالكتل والأحزاب والقوى الشيعية تخوض منذ أكثر من سنة صراعاً حاداً مع المتظاهرين الشيعة الذين ما زالوا يعملون على الحد من سلطة تلك القوى والأحزاب. المشكلة في الجبهة الشيعية أكثر تعقيداً من الجبهة السنية التي تبدو مشكلتها فقط هي رئيس البرلمان، بينما المشكلة لدى الشيعة تقوم على تعددية مراكز القوى، والتي وصلت حد المجابهة المسلحة أكثر من مرة، لولا تدخل المرجعية الشيعية العليا، فضلاً عن النفوذ الإيراني الذي غالباً ما يضع حداً لأي تحرك من شأنه تغيير المعادلة السياسية في محافظات الوسط والجنوب لصالح طرف على حساب آخر.
وبينما يبدو الكرد أكثر انضباطاً، حتى في خصوماتهم السياسية داخل أحزابهم وكتلهم وقواهم، برغم الصراع الدائم على منصب رئاسة الجمهورية بين الحزبين الرئيسيين الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني الذي لا زعامة موحدة له، فإنهم في النهاية يحاولون ألا يجعلوا مشكلاتهم الخاصة عرضة لمساومات الآخرين.
الجبهة السنية هي الأضعف في المعادلة، مع محدودية الأهداف التي تنطلق منها، والتي تتمثل الآن بمحاولة الحد من سلطات رئيس البرلمان. القيادي السني يزن الجبوري يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «كل ما يتحدث عنه قادة الجبهة الجديدة بشأن إصلاح المؤسسة التشريعية له عنوان واحد لا أكثر، وهو الإطاحة بالحلبوسي». ويضيف الجبوري أنه «من الواضح، ومع الاقتراب من موعد الانتخابات، هناك تخوف من نفوذ الحلبوسي، هناك أيضاً سخط من قبل ائتلاف دولة القانون على القانون الجديد، وكذلك على الحلبوسي بسبب هذا القانون الجديد، بسبب إقرار الدوائر المتعددة وطريقة إقرار هذه الدوائر». ويؤكد الجبوري أن «النواب السنة استندوا إلى الحراك الذي حاول استهداف الحلبوسي، وبالتالي بدأوا تحركات على الشيعة والكرد باتجاه إقالة الحلبوسي»، مبيناً أن «الجواب لدى الكرد والشيعة أن هذا القرار يبقى قراراً سنياً، وفي حال كانت هناك أغلبية سنية لكي نتفاهم». الجبوري يتابع أن «القرار في النهاية هو بيد الكتلة الكبيرة وهي الكتلة الشيعية، فضلاً عن عدم وجود بديل واضح لديهم، وفي حال نجحوا في تغيير الحلبوسي فإنهم سيتفرقون في اليوم التالي، لأنه لا جامع يجمعهم سوى هذا الهدف».
هذا الهدف وحده قد لا يجد له سوقاً للتفاهم مع الكتل الأخرى، ولا سيما الشيعية والكردية. الكرد مثلاً وعلى لسان عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام يرون أن مسألة تغيير رئيس البرلمان واستبداله بشخصية أخرى هي شأن داخلي.
سلام في تصريح له يؤكد أن «مسألة التحرك الحاصل بين الكتل السياسية السنية هي شأن داخلي للمكون، ونحن لا نتدخل بها، ولا ندعم طرفاً على حساب طرف آخر». ونفى سلام أن «يكون حزبه قد وعد أسامة النجيفي بدعم الجبهة الجديدة المشكلة من مجموعة من السياسيين والنواب السنة للإطاحة برئيس البرلمان محمد الحلبوسي وترشيح شخصية جديدة». ولفت إلى أن «الكرد يحرصون على أن يلعبوا دوراً بتقريب وجهات النظر بين المختلفين، وفي الوقت ذاته ندعم الاستقرار السياسي».
الجبهة السنية الجديدة ذاتها، وعلى لسان المتحدث الرسمي باسمها النائب محمد الخالدي، أعلنت أنه «لم يتم طرح أي مرشح لمنصب رئيس مجلس النواب». وقال الخالدي إن «الجبهة تعمل وفق خريطة طريق ذات رؤية وتسلسل واضح، في تصحيح المسار التشريعي، بعيداً عن التخندقات الحزبية أو المكوناتية».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).