هل تفاجأت يوماً وأنت تتصفح «إنستغرام» بأن رأيت إعلاناً عن منتج كنت تفكر في شرائه؟ أو هل تعجبت عندما اقترح لك «فيسبوك» إضافة صديق كنت قد التقيته بالصدفة قبل يومين؟ في الواقع يعرف عنا «فيسبوك» أكثر مما نعرفه نحن عن أنفسنا، ولذلك يغلق كثير من الأشخاص حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي بسب الخوف من انتهاك الخصوصية.
شبكة بديلة
مع ذلك، أصبح التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، خصوصاً مع الجائحة التي أجبرتنا على التباعد الاجتماعي، ولذلك كان لا بد من وجود حل بديل؛ من خلال شبكة اجتماعية غير ربحية تحافظ على الخصوصية، وهو بالضبط ما تعد به شبكة «مي وي» (MeWe) التي تحول للاشتراك بها أكثر من 9 ملايين شخص في العالم منذ إطلاقها.
ولا يعود الفضل إلى هذا الرقم الكبير إلى الإعلانات التسويقية أو الترويج المدفوع، بل على العكس لا تملك الشركة أي ميزانية للدعاية، وتعتمد على توصيات وخطابات بعض المؤثرين التقنيين الذين كانت لهم بصمة كبيرة في عالم التقنية، مثل السير تيم بيرنرز لي (Tim Berners - Lee)، مخترع شبكة الويب العالمية، الذي جرب المنصة، ونصح باستخدامها.
وتم اختيار «MeWe» كشركة التواصل الاجتماعي الأكثر ابتكاراً لعام 2020 بحسب مجلة «Fast Company»، وهي أفضل شركة ريادية لعام 2019 في أميركا وفقاً لمجلة «Entrepreneur».
يتمثل نموذج الأعمال الخاص بـ«فيسبوك» وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي في تتبع بياناتنا وتحليلها واستثمارها حيث تتم مشاركة معلوماتنا الشخصية وبيعها عبر شركات البيانات المستخدمة لاستهدافنا والتلاعب بنا من خلال التسويق من شركات التواصل الاجتماعي والمعلنين حتى السياسيين.
ويقول مارك وينشتاين، الرئيس التنفيذي لشركة «MeWe»؛ إن الخصوصية الحقيقية أصبحت من الماضي، وكلما زاد الوقت الذي نقضيه في منصات التواصل الاجتماعي، كلما زادت الإيرادات التي يمكن أن تكسبها شركات التواصل الاجتماعي من عائدات الإعلانات.
وبما أننا نشارك كل معلوماتنا عبر «فيسبوك» ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى، فإنه من السهل استخراج هذه المعلومات وبيعها لمن يدفع أكثر.
في الواقع انتشرت أخبار أن «فيسبوك» تعمل على تطوير وسيلة تواصل بين الدماغ والحاسوب، لتمكين الاتصال بدون استخدام اليدين ودون الحاجة إلى قول كلمة واحدة... فلك أن تتخيل مقدار البيانات التي يجمعها «فيسبوك» من المستخدمين لتحقيق ذلك.
أيضاً يوجد في الصين نظام يتتبع الأفراد بحثاً عن «السلوكيات غير المرغوب فيها»، مثل الإنفاق الزائد، وفرز النفايات، وعدم زيارة الأقارب المسنين، والغش في الامتحانات، والمخالفات المرورية، أو للحجز في مطعم أو عيادة وعدم الحضور.
ويعمل النظام على مبدأ «مكافأة أو عقاب» المواطنين بناءً على سلوكهم الاقتصادي أو الشخصي. كما يمكن أيضاً وضع المخالفين في قائمة، ومنعهم من الحصول على وظائف أفضل، أو منع أطفالهم من الذهاب إلى مدارس جيدة.
ولو تمعنا قليلاً وسألنا أنفسنا؛ كيف تعرف الشبكات الاجتماعية كل هذا عنّا؟ في الواقع نحن أنفسنا نقوم بمشاركة كل هذه المعلومات على «فيسبوك» وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي، لذلك من السهل استخراج هذه المعلومات وبيعها لمن يدفع أكثر.
ثورة الخصوصية
لذلك تقول شبكة «مي وي» إنها تقود ثورة الخصوصية في وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث تعتمد الشبكة على وثيقة حقوق للخصوصية منشورة على موقعها تمنح مستخدميها سيطرة كاملة على بياناتهم وخصوصياتهم.
ومن خلال تجربتنا للشبكة، لا توجد إعلانات ولا استهداف ولا تعرّف على الوجوه ولا تنقيب في البيانات ولا تلاعب بموجز الأخبار، وتتاح «MeWe» عبر أنظمة «أندرويد» و«آي أو إس» (أيفون وأيباد) والويب بما يصل إلى 19 لغة، من ضمنها العربية.
وتحتوي المنصة على ميزات شبيهة بالموجودة في «فيسبوك»، مثل موجز الأخبار، وعرض محتوى جهات الاتصال والأصدقاء المقربين، والصفحات، والدردشات الخاصة والجماعية، والمجموعات الخاصة والعامة، والقصص، والصوت المباشر والفيديو، والرسائل الصوتية، ومساحة سحابية للتخزين.
إذن كيف تحقق الشركة أرباحها؟ في الواقع تمتلك الشبكة نموذج إيرادات مخصصاً يمنح المستخدمين تجربة التواصل الاجتماعي الأساسية مجاناً، بينما يقدم ميزات اختيارية يمكنهم شراؤها منفصلة بسعر 5 دولارات شهرياً تقريباً بعد تجربها مجاناً لمدة 30 يوماً.
تشمل هذه الميزات إضافة وجوه تعبيرية Emoji ومكالمات صوت وصورة و100 غيغابايت من التخزين السحابي وغيرها من التحسينات. وهذه الاشتراكات تساعد الشبكة في عرض كل منشوراتنا لكل معجب أو صديق أو متابع، وليست هناك خوارزميات لتحديد المشاركات كما تفعل «فيسبوك» لإجبارنا على الدفع للوصول لمتابعينا.
كما طوّرت الشبكة منصة مدفوعة «مي وي برو MeWe Pro»، مخصصة للشركات والمؤسسات، حيث توفر تواصلاً آمناً، سواء عن طريق الدردشة Secure Chat أو التعاون collaboration لينافس تطبيق سلاك Slack الشهير.