ضحايا ألغام سوريا الأعلى عالمياً

«السورية لحقوق الإنسان»: توثيق القتل غير المشروع ازداد تعقيداً

الخوذ البيضاء لعزل الألغام في جسر الشغور بريف إدلب... وفي الكادر متطوع يضع علامة خطر لمنع السكان من الاقتراب (موقع الدفاع المدني)
الخوذ البيضاء لعزل الألغام في جسر الشغور بريف إدلب... وفي الكادر متطوع يضع علامة خطر لمنع السكان من الاقتراب (موقع الدفاع المدني)
TT

ضحايا ألغام سوريا الأعلى عالمياً

الخوذ البيضاء لعزل الألغام في جسر الشغور بريف إدلب... وفي الكادر متطوع يضع علامة خطر لمنع السكان من الاقتراب (موقع الدفاع المدني)
الخوذ البيضاء لعزل الألغام في جسر الشغور بريف إدلب... وفي الكادر متطوع يضع علامة خطر لمنع السكان من الاقتراب (موقع الدفاع المدني)

وثق تقرير حقوقي مقتل 86 مدنياً بسبب الألغام في سوريا، منذ بداية العام، بينهم 15 طفلاً، في حصيلة هي الأعلى في العالم، بما يخضع لتوصيف «القتل غير المشروع».
وذكر التقرير الذي صدر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أمس، أنَّه تم في هذا السياق، أيضاً، توثيق مقتل ما لا يقل عن 126 مدنياً، بينهم 18 طفلاً و8 سيدات، وواحد من الكوادر الإعلامية، في أكتوبر (تشرين الأول)، على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
وطبقاً للتقرير فقد استمرَّ وقوع ضحايا من السوريين، بسبب الألغام، في أكتوبر، في مناطق متفرقة في سوريا، وهو مؤشر على عدم قيام أي من القوى المسيطرة ببذل جهود تذكر في عملية إزالة الألغام، أو محاولة الكشف عن أماكنها وتسويرها وتحذير السكان المحليين منها.
وبسبب وجود صعوبة كبيرة في تحديد الجهة التي قامت بزراعة الألغام، نظراً لتعدد القوى التي سيطرت على المناطق التي وقعت فيها تلك الانفجارات، فإن التقرير لا يُسند الغالبية العظمى من حالات قتل الضحايا بسبب الألغام، إلى جهة محددة.
ولم تكشف أي من القوى الفاعلة في النزاع السوري عن خرائط للأماكن التي زرعت فيها الألغام.
وأكد التقرير على سعي الشبكة السورية لحقوق الإنسان، باعتبارها عضواً في «الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية وتحالف الذخائر العنقودية (ICBL-CMC)»، للوصول إلى الحظر الشامل لاستخدام الألغام والذخائر العنقودية.
أما جرائم القتل غير المشروع، عموماً، فقد اتخذت نمطاً واسعاً ومنهجياً من قبل قوات النظام السوري والميليشيات المقاتلة معه، بشكل أساسي. ويلفت التقرير إلى أن عملية توثيق الضحايا الذين يقتلون في سوريا، ازدادت تعقيداً بعد دخول أطراف عدة في النِّزاع السوري المستمر منذ 2011.
وفي حصيلة المدنيين الذين تمَّ توثيق مقتلهم على يد أطراف النِّزاع والقوى المسيطرة في سوريا، في أكتوبر، سلط التقرير الضوء بشكل خاص على الضحايا من الأطفال والنساء، والكوادر الإعلامية، والضحايا الذين قضوا بسبب التعذيب، كما ركز على المجازر التي ارتكبتها أطراف النزاع طيلة الشهر المنصرم.
وتضمَّن التقرير توزيعاً لحصيلة الضحايا تبعاً للجهات الفاعلة، ونوه إلى أنه في حال عدم التمكن من إسناد عملية القتل لأحد الطرفين المتصارعين؛ نظراً لقرب المنطقة من خطوط الاشتباكات أو استخدام أسلحة متشابهة، أو لأسباب أخرى، يتم تصنيف الحادثة تحت توصيف «جهات أخرى»، ريثما يتم التوصل إلى أدلة كافية لإسناد الانتهاك لأحد الطرفين.
وطبقاً للتقرير، فقد ترافقت بداية عام 2020 مع عملية عسكرية عنيفة قادها النظام السوري وحليفاه الروسي والإيراني ضدَّ المناطق الخارجة عن سيطرته في إدلب وما حولها، وتعرَّضت المدن والأحياء السكنية في تلك المناطق لعمليات قصف واسعة وعشوائية تسبَّبت في مقتل العشرات وتشريد سكان مدن بأكملها.
وشهدَ الشهران الأول والثاني من العام، ارتفاعاً ملحوظاً في حصيلة الضحايا. إلا أن التقرير يلفت إلى أنه لربما كان لجائحة «كوفيد - 19» واتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيِّز التنفيذ في 6 مارس (آذار) الماضي، دور كبير في إضعاف إمكانات جيش النظام السوري والميليشيات الإيرانية الموالية له، الأمر الذي ساهم في انخفاض حصيلة الضحايا في هذا العام، مقارنة بالأعوام السابقة.
لكن الانفلات الأمني الذي تشهده معظم المحافظات، بما فيها التي تخضع لسيطرة النظام السوري، أدى إلى ارتفاع في حوادث القتل، وبشكل أساسي عبر عمليات التفجير، وإطلاق الرصاص من قبل مجهولين، أسفرت عن نسبة كبيرة من ضحايا هذا العام مقارنة بما كانت عليه عام 2019، إلا أنه في كثير من الأحيان لم يتم تحديد هوية مرتكبي هذه الانتهاكات، بحسب التقرير.
في السياق، وثق التقرير 3 مجازر في أكتوبر، واحدة منها على يد قوات النظام السوري، وواحدة على يد قوات التحالف الدولي، وواحدة إثر انفجار سيارة مفخخة مجهولة المصدر في مدينة الباب بريف محافظة حلب.
واعتمد التقرير في توصيف لفظ «مجزرة»، على أنه الهجوم الذي تسبَّب في مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص مسالمين دفعة واحدة.
حسب التقرير، فإن تنظيم «داعش» و«هيئة تحرير الشام»، انتهكا القانون الدولي الإنساني بقتلهما المدنيين. كما شنَّت قوات الحلف ({قوات سوريا الديمقراطية} الكردية - العربية وقوات التحالف الدولي)، هجمات تعتبر بمثابة انتهاك للقانون الدولي الإنساني، لافتاً إلى أن «جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب».



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.