كيف سيرحل «المرتزقة» عن خطوط النار في ليبيا؟

اللجنة العسكرية المشتركة حددت 3 أشهر لمغادرتها

صورة جماعية لمشاركين في اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» خلال اجتماعهم في جنيف يوم 23 أكتوبر 2020 (إ.ب.أ)
صورة جماعية لمشاركين في اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» خلال اجتماعهم في جنيف يوم 23 أكتوبر 2020 (إ.ب.أ)
TT
20

كيف سيرحل «المرتزقة» عن خطوط النار في ليبيا؟

صورة جماعية لمشاركين في اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» خلال اجتماعهم في جنيف يوم 23 أكتوبر 2020 (إ.ب.أ)
صورة جماعية لمشاركين في اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» خلال اجتماعهم في جنيف يوم 23 أكتوبر 2020 (إ.ب.أ)

في إطار الاتفاق على «وقف دائم» لإطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا، حددت اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في جنيف، 3 أشهر يتم في غضونها خروج «المقاتلين الأجانب» و«المرتزقة» من البلاد بدءا من تاريخ توقيع الاتفاق في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الأمر الذي طرح عددا من الأسئلة تتعلق بكيفية إخراج الآلاف من المرتزقة، جاءوا من دول عدة، في ظل عدم اعتراف صريح من الأصل بوجودهم على الأرض من قبل طرفي النزاع!
سياسيون وخبراء ليبيون قدموا تصوراتهم حول الأمر، إذ رأى عضو مجلس النواب الليبي، أبو بكر الغزالي، أن «المرتزقة أحد أهم العوامل المسببة للفوضى في ليبيا، وهذا الوضع يتوافق وسياسات الدولة المتدخّلة في الشؤون الليبية، وبالتالي لا يوجد أمل حقيقي في خروجهم»!
وقال الغزالي لـ«الشرق الأوسط»: «لو كانت النيات صادقة من قبل المجتمع الدولي الذي رعى الحوار، أو من قبل (الطرف الآخر) في إشارة إلى (حكومة الوفاق)، لتم التوافق على خروج المرتزقة من ليبيا قبل الجلوس على طاولات التفاوض لضمان صدق النيات واستبعاد شبهة الأطماع الدولية، ويصبح ذلك حوارا وطنيا خالصا». وأضاف «أما الحديث عن بقائهم 3 أشهر مقبلة، وعدم توضيح آليات خروجهم، فهذا يعني أننا أمام مرحلة تسويف وإطالة لأمد الأزمة لا أكثر»، محذرا من «أن يكون الهدف من وراء كل هذه الاتفاقيات إبعاد (الجيش الوطني) عن منطقة الحقول والموانئ النفطية أولا، مع محاولة سحب البساط من تحت أقدامه تدريجيا على خلفية مزاعم انتهاء الصراع العسكري والاتفاق المبدئي على خروج المرتزقة مما لا يستلزم وجود قواته الراهنة هناك».
ومن بين بنود الاتفاق العسكري المشترك، الذي تلته الممثلة الخاصّة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني ويليامز، في ختام محادثات جنيف، تم الاتفاق على إخراج «المرتزقة» و«المقاتلين الأجانب» من ليبيا في غضون 3 أشهر بحدّ أقصى.
وبالمثل لم يبد عبد القادر أحويلي عضو المجلس الأعلى للدولة بطرابلس، تفاؤلا واسعا بإمكانية خروج المرتزقة، وألقى بالمسؤولية تحديدا في ذلك على الدور الروسي بليبيا، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما لم تتفق الدول المعنية بالملف الليبي وتحديدا روسيا وتركيا فلن يحدث أي شيء، لا خروج مرتزقة ولا غيره»!
من جهته، رهن رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب الليبي، طلال الميهوب، تحقيق الأمر خلال المدة المحددة المعلن عنها على «مصداقية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإخوان لن يقبلوا إطلاقا بخروج تركيا و(المرتزقة)، ويسعون بكل الطرق منذ الساعات الأولى لتوقيع الاتفاق إلى إفساد المشهد، ولكن في النهاية حكومة (الوفاق) وقعت على اتفاق وقف إطلاق النار، ورحب مجلس الأمن به»، متابعا: «لذا فلننتظر لكي نرى مدى مصداقية البعثة والأمم المتحدة والمجتمع الدولي في التعاطي مع هذا الأمر». ويرى الميهوب «أنه إذا تم تنفيذ الاتفاق فعليا فهذا سيعتبر مكسبا كبيرا للشعب والقوات المسلحة»، داعيا «المجتمع الدولي في حال ثبوت عدم التزام (الطرف الآخر) وتكرار تسويفه، إلى إلغاء حظر التسليح المفروض على البلاد ليتمكن (الجيش الوطني) من طرد هؤلاء المرتزقة بالقوة».
ورد الميهوب على ما يتردد عن تلقي «الجيش الوطني» مساندة من قوات شركة «فاغنر» العسكرية الروسية (غير رسمية)، فقال: «نحن موجودون في الشرق والجنوب وفي كل مواقع سيطرة الجيش، ولم نر هؤلاء (الفاغنر) أو التشاديين وباقي صنوف (المرتزقة) الذين يتهمون الجيش بتلقي دعم منهم»، مستكملا: «لا يوجد غير السوريين ومن جلبهم الأتراك بغرب ليبيا، وهؤلاء إذا صدقت النيات فسيخرجون من بلادنا بذات الطريقة التي دخلوا بها إليها، أي بشكل غير شرعي، والمجتمع الدولي يعرف جيدا وبالتفاصيل عدد من قدم من هؤلاء المقاتلين إلى ليبيا وعدد من غادروها، كل هذا غير خاف على استخبارات الدول الغربية».
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد بأن «عدد من جلبتهم تركيا من سوريا إلى ليبيا وصل إلى ما يقرب من 18 ألف مرتزق، وما يقرب من 10 مقاتلين أصوليين، عاد منهم ما يقرب من 9300 مرتزق إلى سوريا.
بدوره، توقع الكاتب والباحث السياسي الليبي أحمد العبود، أن يزيل الاجتماع المقبل للجنة العسكرية المشتركة «5+5» قدرا كبيرا من الغموض الراهن حول الآليات والضمانات التي ستعتمدها البعثة والجمعيات والمنظمات الدولية التي تعهدت بدعم اتفاق وقف إطلاق النار في إخراج هؤلاء المرتزقة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاجتماع المقبل للجنة المشتركة سيشهد بدء أعمال اللجان الفرعية، والتي ستكون كل منها مسؤولة عن ملف بعينه كالتعاون بمجال مكافحة الإرهاب، الترتيبات الأمنية وتفكيك الميليشيات ودمج المسلحين، وبالطبع متابعة مغادرة المرتزقة». وتابع: «الاجتماع قد يزيل الغموض الراهن ليس فقط حول العدد الحقيقي للمرتزقة أو جنسياتهم، وإنما أيضا تصنيفاتهم من حيث الخطورة الأمنية، مع ضرورة الكشف على الطريقة التي دخلوا بها بلدنا حتى نتجنب تكرار الأمر مستقبلا».
في السياق ذاته، رأى عضو الأعلى للدولة سعد بن شرادة، أن «إخراج (المرتزقة) يمكن أن يسرّع التوصل لحكومة وحدة وطنية»، و«في حال استمرار الانقسام وعدم تشكيل هذه الحكومة فلن يطالب أحد بخروجهم حيث سيقوم كل طرف باستخدامهم ضد خصمه».
وتوقع بن شرادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تسرع حكومة (الوحدة الوطنية) المرتقبة متى شكّلت إلى الدخول في نقاشات وصفقات تحت الطاولة بالتنسيق مع البعثة والمجتمع الدولي لإقناع الدول التي جلبت (المرتزقة) بسرعة ترحيلهم... في النهاية لا يوجد شيء بلا مقابل!»، وخلص إلى «احتمال حصول الحكومة الجديدة، إذا ما تشكلت، على دعم بعض دول الجوار التي ترى في وجود (المرتزقة) وداعميهم تهديدا لأمنها القومي، أو تهديدا لنفوذها في المنطقة كالولايات المتحدة».



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.