عالم مصري يبتكر مواد بلاستيكية من «بروتين الدم»

يمكن توظيفها في جراحات العظام

بلاستيك الألبومين
بلاستيك الألبومين
TT

عالم مصري يبتكر مواد بلاستيكية من «بروتين الدم»

بلاستيك الألبومين
بلاستيك الألبومين

حملت براءة اختراع دولية صادرة عن اليابان، حول إنتاج مواد بلاستيكية من بروتين الدم يمكن توظيفها في جراحات دعامات العظام، اسم الدكتور وائل عبد المعز، أستاذ البيئة والطاقة بكلية الهندسة جامعة المنيا المصرية؛ الأمر الذي بدا غريباً ومثيراً في الوقت ذاته؛ إذ إن براءة الاختراع التي وصلت لـ«الشرق الأوسط» نسخة منها، تبدو للوهلة الأولى بعيدة كل البعد عن نطاق تخصصه العلمي، كأحد الخبراء المتخصصين في المياه قرب الظروف الحرجة.
كانت الملاحظة الأولية عن عدم وجود علاقة بين التخصص وبراءة الاختراع، كافية لإثارة حماس عبد المعز، عندما بادرت «الشرق الأوسط» بسؤاله «كيف لخبير متخصص في المياه قرب الظروف الحرجة أن يكون اسمه مقترناً باختراع له تطبيق طبي؟». يقول الباحث وقد أصبحت ملامح وجهه أكثر جدية بعد ابتسامة خفيفة رسمها هذا السؤال «لا بد أن نعرف خصائص المياه في الظروف قرب الحرجة، وستعلم حينها أن الاختراع يقع في صميم التخصص.
والحالات الأشهر للمياه أو السوائل بشكل عام، أنها توجد في الحالة الصلبة أو السائلة أو الغازية، لكن توجد حالة أقل شهرة تعرف بـ(المياه في الحالة الحرجة)، وهي حالة متوسطة بين السوائل والغازات، أما الحالة قرب الحرجة، فتكتسب فيها المياه خواص سائل شديد الإذابة وغاز شديد الانتشار».
لم يكشف هذا التعريف عن العلاقة بين التخصص والاختراع، وقبل مواصلة الاستفسار عن العلاقة، أشار عبد المعز بيديه طالباً الانتظار ليواصل حديثه قائلاً «قبل سنوات ثار لدي تساؤل عن ماذا سيحدث لو وضعت بعض البروتينات في حالة الظروف قرب الحرجة للسوائل، وفكرت أن أبدأ بالبروتين الأشهر وهو بروتين الدم (الألبومين)، فكانت المفاجأة أنه يتحول إلى مادة بلاستيكية مرنة يمكن إعادة تشكيلها بالحرارة، وتم نشر دراسة عن هذا الإنجاز في دورية أبحاث الهندسة الكيميائية».
كانت الخطوة التالية التي عمل عليها عبد المعز هي دراسة خواص البلاستيك الذي تم إنتاجه من بروتين الدم، فكانت الميزة الأبرز التي وجدها أنه بلاستيك قابل للتحلل، وهذه الميزة هي التي جعلته يفكر في الاستخدامات الطبية لهذا البلاستيك في تدعيم العظام. ولا يبدو التفكير في توظيف هذا البلاستيك لاستخدامات أخرى مثل الأغشية التي تحفظ المواد الغذائية عملياً؛ لأن هناك طرقاً أخرى أرخص لإنتاج البلاستيك الحيوي الذي يمكن استخدامه لهذا الغرض، ولكن كان التفكير الذي قفز إلى ذهن عبد المعز بعد التشاور مع زملائه بكلية الصيدلة بالجامعة هو توظيف هذا البلاستيك في جراحات العظام، وحصلوا مؤخراً على تمويل من أكاديمية البحث العلمي المصرية لإجراء أبحاث متقدمة في هذا الصدد بعد أن أظهرت بعض الأبحاث الأولية إمكانية تحقيق ذلك.
وقبل التقدم للحصول على التمويل أظهرت التجارب الخلوية التي أجريت في المختبرات بدعم من شركة «نواه» للأبحاث الصيدلانية، أن البلاستيك غير سام، ثم أظهرت تجربة صغيرة على حيوانات التجارب فاعليته في التئام العظام.
يقول الدكتور محمود الدالي، الأستاذ بكلية الصيدلة جامعة المنيا وأحد أعضاء الفريق البحثي المسؤول عن التجارب، لـ«الشرق الأوسط»، «نهدف من خلال التمويل إلى استكمال الدراسات الحيوانية؛ تمهيداً للانتقال إلى مرحلة التجارب السريرية، والتي تؤهل لاعتماد هذا البلاستيك كأداة في ترقيع العظام».
وتبدأ في أوائل شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل تلك التجارب، والتي سيتم تقسيم حيوانات التجارب فيها إلى ثلاث مجموعات بعد إحداث نخر في عظامها، حيث ستترك مجموعة من دون معالجة، ويستخدم مع مجموعة أخرى مواد متاحة بالأسواق، ويستخدم كمادة جديدة مع مجموعة ثالثة؛ وذلك لاختبار كفاءتها في التئام العظام. وتتوقع الدكتورة شيماء فيصل، عضو الفريق البحثي المسؤول عن التجارب، أن يتمكن الفريق البحثي من الانتقال إلى مرحلة التجارب السريرية أوائل العام المقبل، لتكون هذه الطريقة العلاجية متاحة للتطبيق في المستشفيات.
وعن الشكل الأمثل للتطبيق نعود إلى عبد المعز، الذي يقول «نحن نستخدم في التجارب الحيوانية (ألبومين) الدم المعزول من دماء الأبقار، لكن الشكل الأمثل للتطبيق عند الانتقال للتجارب السريرية والاستخدام التجاري هو استخلاص دم من المريض وعزل الألبومين منه، ثم تحويلة إلى بلاستيك حيوي، وهو ما سيزيد من فرص عدم رفض الجسم له، لأنه مصنع من دم المريض».
ويضيف، أن «عملية تحويل الألبومين إلى بلاستيك تتم عن طريق إضافته إلى مفاعل قام مع فريقه البحثي بتصنيعه ليضع هذا البروتين في الظروف قرب الحرجة مع إضافة بعض المحفزات، ويمكن أن يتم تزويد المستشفيات بوحدات من هذا المفاعل».



لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»