انتهاء التصويت على تعديل دستور الجزائر

أرقام الإقبال الأولية لم تُظهر حماساً تجاه التغييرات التي تبغي من ورائها الحكومة طي صفحة الاحتجاجات

رجل يستعد للإدلاء بصوته في استفتاء تعديل الدستور في مركز اقتراع بالجزائر العاصمة (أ.ب)
رجل يستعد للإدلاء بصوته في استفتاء تعديل الدستور في مركز اقتراع بالجزائر العاصمة (أ.ب)
TT

انتهاء التصويت على تعديل دستور الجزائر

رجل يستعد للإدلاء بصوته في استفتاء تعديل الدستور في مركز اقتراع بالجزائر العاصمة (أ.ب)
رجل يستعد للإدلاء بصوته في استفتاء تعديل الدستور في مركز اقتراع بالجزائر العاصمة (أ.ب)

اختتم الجزائريون التصويت في استفتاء على دستور جديد، اليوم (الأحد)، لكن أرقام الإقبال الأولية لم تُظهر حماساً يُذكر تجاه التغييرات التي تبغي من ورائها الحكومة طي صفحة الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد العام الماضي.
ويضغط الرئيس عبد المجيد تبون والجيش من أجل الموافقة على التعديلات الدستورية، لكن كثيرين في «الحراك» الشعبي يعارضون التصويت ويصفونه بأنه صوري، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.
وكان مسؤولون قد أعلنوا أن نسبة المشاركة لم تتعد 13 في المائة بحلول الثانية ظهراً (13:00 بتوقيت غرينتش) قبل 5 ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع، في تصويت أُجري وسط قيود صحية صارمة بسبب جائحة فيروس «كورونا».
وبالمقارنة، بلغ معدل المشاركة 20 في المائة بحلول الثالثة مساء (14:00 بتوقيت غرينتش) في الانتخابات الرئاسية في ديسمبر (كانون الأول) عندما كانت نسبة المشاركة البالغة 40 في المائة هي الأدنى منذ عقود.
وحثّ تبون، الذي يرقد في مستشفى بألمانيا منذ الأسبوع الماضي بعدما قال إن معاونين له أصيبوا بمرض «كوفيد 19»، على الإقبال بكثافة على التصويت، ما سيعكس دعماً لاستراتيجيته الرامية لإنهاء القلاقل.
وبثت وسائل إعلام مؤيدة للحكومة لقطات لمئات الشبان وهم يتدفقون على مركز اقتراع في مدينة ميلة مع بدء التصويت ويقفون في طوابير. وحصلت المنطقة على دعم كبير من الدولة بعد زلزال تعرضت له في الآونة الأخيرة.
لكن شهوداً قالوا إن مراكز الاقتراع كانت أكثر هدوءاً على ما يبدو في العاصمة وفي منطقة القبائل، وهي معقل دعم «للحراك» الشعبي.
وقال سعيد مزوان بقرية حيزر إنه لا يوجد تصويت. وأضاف أن محتجين أحرقوا صناديق اقتراع في بعض الأماكن هناك.
وفي مدينة أولاد فايت، غرب الجزائر العاصمة، وقف نحو 10 ناخبين في انتظار الإدلاء بأصواتهم. وقال أحمد سليمان (60 عاماً): «دعونا نأمل في الأفضل، وندعو الله بالشفاء العاجل لتبون».
وفي وسط العاصمة الجزائر، قال حسان ربيع (30 عاماً)، وهو سائق حافلة كان يجلس مع اثنين من أصدقائه: «لا معنى للتصويت... هذا الدستور لن يغير أي شيء».
ويمكن أن تظهر النتائج، بما يشمل نسبة الإقبال على التصويت، في وقت متأخر اليوم (الأحد) أو غداً (الاثنين).
واقترح تبون التعديلات بوصفها تلبية لجانب من رغبات المحتجين الذين أرغموا الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة بعد 20 عاماً في الحكم.
ومع ذلك لم يتحقق سوى جزء من مطالب المحتجين. وكان المتظاهرون قد طالبوا بعزل النخبة الحاكمة وانسحاب الجيش من الحياة السياسية وإنهاء الفساد.
ويضع الدستور الجديد حداً لفترات الرئاسة ويعطي المزيد من الصلاحيات للبرلمان والقضاء.
ومع ذلك ما زال الجيش أقوى مؤسسة في السياسة الجزائرية، على الرغم من أنه لعب دوراً أقل بروزاً منذ انتخاب تبون.
ويمنح الدستور الجديد الجيش سلطات للتدخل خارج حدود الجزائر، في الوقت الذي يشعر فيه العسكريون بالقلق إزاء التدهور الأمني في كل من ليبيا ومالي.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.