الأحزاب اللبنانية تفشل في معالجة ظاهرة «تسرب» أعضائها بعد «انتفاضة أكتوبر»

TT

الأحزاب اللبنانية تفشل في معالجة ظاهرة «تسرب» أعضائها بعد «انتفاضة أكتوبر»

لم تنجح الأحزاب اللبنانية التي تلقت ضربة اعتقد البعض أنها قد تكون قاضية بعد «انتفاضة» 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وأن تستوعب الخسائر التي تكبدتها. فرغم فشل «الانتفاضة» في تأمين الاستمرار وطرح بديل عن المنظومة القائمة منذ 30 عاماً، فإن ظاهرة «التسرب الحزبي» والتي نشطت خلال الحراك كانت كفيلة بدفع الأحزاب لوضع استراتيجيات جديدة للحد من هذا التسرب ومحاولة استعادة «المتسربين».
ولا شك أن هذه الظاهرة لم تكن مرتبطة حصراً بـ«الانتفاضة» إنما فاقمتها الأوضاع الاقتصادية بعدما اعتبر قسم كبير من مؤيدي ومناصري الأحزاب أن قياداتهم فشلت في إدارة البلد.
ولعل ظاهرة «التسرب» أصابت بشكل أساسي «التيار الوطني الحر» نتيجة تحميل قسم كبير من اللبنانيين عهد الرئيس ميشال عون مسؤولية الأزمات التي انفجرت دفعة واحدة. وتؤكد مصادر «التيار»، أن هذه الظاهرة ظلت محدودة بعكس ما يروج له، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «من يمتلك الوعي السياسي الكافي يدرك أن لا علاقة للعهد والتيار بكل هذه الأزمات، وأن هناك من يتقصد إلقاء الأعباء عليه لحجب المسؤولية عنه بعدما تصدى لكل مشاريعنا الإصلاحية على الصعد كافة ظناً بأن الهيكل سيسقط على رأسنا حصراً!».
ويشدد القيادي المنشق عن «التيار الوطني الحر» أنطوان نصر الله، على وجوب التمييز بين «الحزبيين وبين من يدورون في فلك الأحزاب، باعتبار أن التيار يتكل بشكل أساسي على المناصرين لا المحازبين الذين بدأوا بالتسرب قبل 17 تشرين من دون أن نغفل أن هذه الظاهرة ازدادت بعد الانتفاضة والتي طالت حتى ملتزمين كثيرين ترك بعضهم مراكز قيادية لم تتمكن الثورة من أن تخلق إطاراً جديداً لاجتذابهم». ويعتبر نصرالله أن «قرار أكثر من نائب الخروج من (تكتل لبنان القوي) إشارة واضحة عن حجم التململ الحاصل»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بدل الانصراف لمعالجة ما يحصل، يعول رئيس (التيار) على التبدل الكبير في المنطقة ليعيد تجميع المتسربين حوله، وهو برأيي رهان خاطئ». مضيفاً «إذا حصلت انتخابات نيابية سيحصد (التيار) خسارة كبيرة؛ لذلك تم تأجيل الانتخابات الفرعية».
وكما «الوطني الحر» يعاني تيار «المستقبل» منذ فترة من ظاهرة التسرب، وهو ما يرده القيادي في «المستقبل» مصطفى علوش لغياب الرئيس سعد الحريري لفترة، كما للتسوية الرئاسية التي ساهمت بوصول العماد عون لسدة الرئاسة. ويعتبر علوش أن «همّ الناس حالياً في مكان آخر، فهم يتطلعون للتخفيف من الشعارات السياسية والمذهبية والتركيز على تأمين لقمة عيشهم، وبالتالي إذا كان هناك من يساعد الناس إما بشكل مباشر أو من خلال تحسين الأوضاع المالية والاجتماعية، فهو الذي سينجح في اجتذابهم من جديد»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «نجاح الرئيس الحريري في وقف التدهور وإعطاء أمل للبنانيين أهم من طرح الشعارات السياسية التي لا تعني الناس في هذه المرحلة، وأن كنت مقتنعاً بأن المسألة أيضاً سياسية وبخاصة مسألة السلاح غير الشرعي أحد أسباب تدهور الاقتصاد».
وبحسب علي الأمين، المعارض الشيعي البارز لـ«حزب الله»، «هناك تراجع واضح لحجم المؤيدين لـ(الثنائي الشيعي) وتظهير لحجم متنام للمعترضين كشفت عنه مجمل الأحداث التي شهدتها مرحلة ما بعد 17 تشرين 2019»، متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» عن «اهتزاز وخيبة وتراجع الثقة بقدرة الثنائي على تلبية تطلعات المواطنين الشيعة على المستويين الاقتصادي والمعيشي وفي إدارة الدولة». مضيفاً «فقدت الثنائية جزءا مهماً من جاذبية تقديم المنافع من المال العام، لكنها لم تفقد القبضة الأمنية التي باتت تشكل العنصر الأقوى في السيطرة والإمساك بالجمهور».
أما من جهة الحزب «التقدمي الاشتراكي» فتشير مصادره إلى أنه «على مستوى التنظيم الحزبي لم نشهد تسرباً يذكر ويمكن وصفه بظاهرة التسرب الجدية، خاصة أن مستوى الانضباط والالتزام الحزبي مرتفع في الحزب»، لافتة إلى أنه «في البيئة المحيطة، كما في أجزاء واسعة من المجتمع، حصل تعاطف مع الثورة، وهذه مسألة طبيعية ومفهومة؛ فالعنصر الحزبي بالنهاية هو ابن المجتمع، ومعاناته لا تختلف عن معاناة سائر مكونات الشعب اللبناني».
وتقر المصادر في حديث لـ«الشرق الأوسط» بوجود «حاجة دائمة إلى إجراء مراجعة نقدية ذاتية دورية لإعادة صياغة خطاب سياسي يتلاءم مع متطلبات التغيير، وهي مراجعة قمنا بها قبل الانتفاضة، وعبّرنا عن اعتراضنا على الكثير من السياسات المتبعة التي لم تتح لنا الظروف لتغييرها بفعل موازين القوى في المؤسسات الدستورية والحكومة»، مشددة في الوقت عينه على أنه «كما هو مطلوب من الأحزاب القيام بمراجعة نقدية دورية، مطلوب أيضاً من الثورة القيام بها لأن معظم النقاط التي تنتقد الثورة الأحزاب بها لا تطبقها».
أما حزب «القوات اللبنانية» فلا يجد نفسه معنياً كثيراً بالموضوع؛ إذ تؤكد مصادره أنه لم يتأثر بالانتفاضة سلباً، خاصة أنه تماهى معها، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما حققه الحزب أخيراً في انتخابات الجامعة اللبنانية الأميركية أكبر دليل على ذلك باعتبار أن كل القوى السياسية انسحبت من المنافسة التي أصررنا على خوضها وحصدنا 10 مقاعد مقابل 4 مقاعد للثورة، كما أننا فزنا برئاسة المجلس الطالبي».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.