مجلس الأمن يمدد ولاية بعثة «مينورسو» في الصحراء

يتطلع إلى تعيين خلف هورست كوهلر في أقرب فرصة ممكنة

TT

مجلس الأمن يمدد ولاية بعثة «مينورسو» في الصحراء

قرر مجلس الأمن، أمس الجمعة، تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء (مينورسو) مدة سنة حتى 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وقال إنه يتطلع إلى تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء في أقرب فرصة ممكنة.
وجرت مصادقة مجلس الأمن على القرار الجديد المتعلق بقضية الصحراء كتابةً، بعد تعذّر عقد اجتماع لمجلس الأمن جراء إصابة أعضاء في سفارة النيجر (الدولة العضو في المجلس) في نيويورك بفيروس كورونا. وأعرب المجلس عن دعمه الكامل للجهود التي يبذلها الأمين العام ومبعوثه الشخصي (المقبل) لمواصلة عملية المفاوضات المتجددة من أجل التوصل إلى حل لقضية الصحراء.
وأشار المجلس، في تقريره الجديد، إلى أنه لاحظ أن المبعوث الشخصي السابق كان يعتزم دعوة المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا لاجتماع ثالث في إطار مائدة مستديرة، ورحب بالتزام الأطراف الأربعة بالمشاركة في هذه العملية، بروح من الواقعية والتوافق.
وأشاد المجلس بهورست كوهلر، المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للصحراء الذي قدم استقالته من مهامه لأسباب صحية يوم 22 مايو (أيار) 2019، وأثنى على جهوده في عقد عملية المائدة المستديرة التي أوجدت زخماً جديداً في العملية السياسية، في إشارة إلى اجتماع المائدة الأولى المنعقد في جنيف يومي 5 و6 ديسمبر (كانون الأول) 2018، والاجتماع الثاني المنعقد يومي 21 و22 مارس (آذار) 2019، والتزام المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا بالمشاركة في العملية السياسية للأمم المتحدة بالنسبة لقضية الصحراء بطريقة جادة ومحترمة من أجل تحديد عناصر التقارب.
وأعاد مجلس الأمن تأكيد التزامه بمساعدة الأطراف على تحقيق حل سياسي عادل ودائم ومقبول على أساس حل وسط.
وكرر مجلس الأمن دعوته للمغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا للتعاون بشكل متكامل مع بعضهم البعض، من خلال بناء ثقة إضافية، وأيضاً مع الأمم المتحدة، فضلاً عن تعزيز مشاركتهم في العملية السياسية، وإحراز تقدم نحو تحقيق حل سياسي.
ورأى مجلس الأمن أن التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع طويل الأمد، وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي من شأنه أن يسهم في الاستقرار والأمن، مما يؤدي بدوره إلى توفير فرص العمل والنمو، وإتاحة الفرص لجميع شعوب منطقة الساحل.
وأهاب مجلس الأمن باستئناف المفاوضات تحت رعاية الأمين العام دون شروط مسبقة وبحسن نية، مع مراعاة الجهود المبذولة منذ عام 2006، والتطورات اللاحقة بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من المغرب وجبهة البوليساريو.
في سياق ذلك، أخذ مجلس الأمن علماً بالاقتراح المغربي (مخطط الحكم الذاتي الموسع في الصحراء) المقدم إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 11 أبريل (نيسان) 2007، ورحب بالجهود المغربية الجادة وذات المصداقية لدفع العملية قدماً نحو الحل. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الفقرة من التقرير وضعتها واشنطن، في تأكيد على دعم واشنطن لمخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء.
وشدد مجلس الأمن على ضرورة الاحترام الكامل للاتفاقات العسكرية التي جرى التوصل إليها، داعياً أطراف النزاع إلى التقيد التام بهذه الاتفاقات، والامتناع عن أي أعمال من شأنها أن تقوض العملية السياسية، أو تزيد من زعزعة استقرار الوضع في المنطقة. وأعرب مجلس الأمن عن القلق إزاء انتهاكات الاتفاقات القائمة، في إشارة إلى قيام جبهة البوليساريو بعرقلة حركة النقل المدنية والتجارية في معبر الكركرات الواقع قرب الحدود المغربية - الموريتانية (المنطقة العازلة بالصحراء)، مجدداً التأكيد على أهمية التقيد الكامل بهذه الالتزامات من أجل الحفاظ على زخم العملية السياسية.
في سياق ذلك، أحاط مجلس الأمن علماً بالالتزامات التي قدمتها جبهة البوليساريو للمبعوث الشخصي السابق. ورحب بتقييم الأمين العام للأمم المتحدة في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، ومفاده أن الوضع في الصحراء ظل هادئاً نسبياً مع استمرار وقف إطلاق النار، واحترام الأطراف لمهام بعثة «مينورسو».
على صعيد ذي صلة، شجع مجلس الأمن الطرفين على زيادة التعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تحديد وتنفيذ تدابير بناء الثقة اللازمة لإنجاح العملية السياسية. وشدد على أهمية تحسين حالة حقوق الإنسان في الصحراء ومخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر)، وشجع الأطراف على العمل مع المجتمع الدولي لوضع وتنفيذ تدابير مستقلة وذات مصداقية لضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، مع مراعاة التزاماتهم ذات الصلة بموجب القانون الدولي. وشجع مجلس الأمن الطرفين على موصلة الجهود التي يبذلانها لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في الصحراء ومخيمات اللاجئين في تندوف، بما في ذلك حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
في سياق ذلك، رحب المجلس بالخطوات والمبادرات التي اتخذها المغرب، والدور الذي يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه العاملة في مدينتي العيون والداخلة (أكبر مدن الصحراء)، وتفاعل المغرب مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وشجع مجلس الأمن الطرفين بقوة على تعزيز التعاون مع المفوضية السامية الأممية لحقوق الإنسان، من خلال تيسير الزيارات إلى المنطقة.
ولاحظ المجلس بقلق بالغ الصعوبات المستمرة التي يواجهها اللاجئون الصحراويون (المغرب يعتبرهم محتجزين في المخيمات)، واعتمادهم على المساعدة الإنسانية الخارجية. ولاحظ أيضاً ببالغ القلق عدم كفاية التمويل لمن يعيشون في المخيمات، والمخاطر المرتبطة بتقليص المساعدة الغذائية.
وكرر المجلس طلبه النظر في إحصاء اللاجئين في مخيمات تندوف، وشدد على بذل الجهود في هذا الصدد.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.