الجزائريون يبدأون التصويت على دستور لـ«جمهورية جديدة»

جزائرية تمر بالقرب من لوحة تدعو المواطنين للمشاركة في الاستفتاء على الدستور بعد غد الأحد (أ.ف.ب)
جزائرية تمر بالقرب من لوحة تدعو المواطنين للمشاركة في الاستفتاء على الدستور بعد غد الأحد (أ.ف.ب)
TT

الجزائريون يبدأون التصويت على دستور لـ«جمهورية جديدة»

جزائرية تمر بالقرب من لوحة تدعو المواطنين للمشاركة في الاستفتاء على الدستور بعد غد الأحد (أ.ف.ب)
جزائرية تمر بالقرب من لوحة تدعو المواطنين للمشاركة في الاستفتاء على الدستور بعد غد الأحد (أ.ف.ب)

شرع الناخبون من البدو الرحل في الجزائر، أمس، بالإدلاء بأصواتهم في إطار الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، الذي من المقرر أن يجري الاقتراع عليه بعد غد (الأحد).
وضمت القوافل 41 مكتب تصويت متنقلاً، توجهت أول من أمس نحو المناطق النائية بولايتي إيليزي وتندوف الحدوديتين، وولاية تمنراست لتمكين المسجلين من البدو الرحل من أداء الاستفتاء.
وقال رئيس أركان الجيش الجزائري، السعيد شنقريحة، أمس، إنه يسعى لأن يكون الاستعداد لمواجهة التحديات الأمنية القائمة والمحتملة «لا يعتمد على توفير الوسائل البشرية والمادية فحسب، بل أن يكون الوعي لدى الأفراد العسكريين بحجم هذه التحديات في أعلى درجاته».
وسيصوت الجزائريون، بعد غد (الأحد)، على تعديل دستوري، يفترض أن يؤسس لـ«جمهورية جديدة» في استفتاء شعبي يسعى من خلاله الرئيس عبد المجيد تبون إلى طي صفحة انتخابه، الذي رفضه «الحراك الشعبي» المعارض لكل تركيبة النظام.
واختتمت أول من أمس حملة انتخابية لم تثر حماسة الجزائريين في الأسابيع الثلاثة الماضية. وبالتالي قد يجد تبون نفسه أمام نتيجة للاستفتاء من دون مشاركة كبيرة، ما يعني استمرار الجدل حول سياساته وارتفاع حدته. وبالإضافة إلى ذلك، سيحصل الاستفتاء الشعبي، الذي دُعي إليه 25 مليون ناخب، في غيابه، إذ إن الرئاسة الجزائرية أعلنت مساء أول من أمس أن تبون (74 عاماً) نقل إلى ألمانيا لإجراء «فحوص طبية معمقة»، بعد إدخاله قبل يومين إلى مستشفى عسكري في الجزائر، إثر إصابة عدد من المحيطين به بفيروس كورونا المستجد. ولم يذكر أي تفصيل عن وضعه الصحي سوى أنه «مستقر».
بهذا الخصوص، يقول المحلل السياسي المتخصص بالجزائر والعالم العربي، حسني عبيدي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الرئيس تبون «في وضع حساس بسبب تداعيات طريقة انتخابه... حتى لو كان يسعى للحصول على شرعية من خلال صناديق الاقتراع، فإن هامش تحركه يظل محدوداً»، لأن الجيش «تعلّم دروساً» من رئاسة عبد العزيز بوتفليقة، الذي استقال تحت ضغط الشارع بعد أن تخلى عنه الجيش. مضيفاً أن الجيش «أصبح الطرف الحقيقي الذي يمسك بالسلطة» الآن.
ويتزامن الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الذي اختير موعداً للاستفتاء، مع ذكرى انطلاق حرب الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي (1954 - 1962). وقد لا يكون ذلك مجرد صدفة، بحسب مراقبين، بل رغبة في استغلال هذا التاريخ الرمزي لتحريك مشاعر الناخبين. وقد جاء في أحد شعارات الحملة الانتخابية «1954 التحرير... 2020 التغيير».
ويفترض أن يرد الناخبون الجزائريون على سؤال «هل أنتم موافقون على مشروع تعديل الدستور المقترح؟».
وسيكون أنصار «نعم» هم أعضاء الحكومة وأحزاب الائتلاف الحاكم القديم، مثل جبهة التحرير الوطني، أبرز داعمي حكم بوتفليقة، الذين قاموا بحملة ركزوا خلالها على أن المشروع «يضع أسساً لجمهورية جديدة».
وحثّ وزير الاتصال عمار بلحيمر، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أول من أمس، الجميع «على أداء واجب المواطنة بالمشاركة في الاستفتاء»، معبراً عن تفاؤله «بوعي الشعب وقناعته بالتوجه إلى صناديق الاقتراع بكثافة، قصد المشاركة في وضع لبنة جديدة في مسار البناء الوطني الشامل، وتفويت الفرصة على أعداء الجزائر».
ويركز القانون الأساسي الجديد على سلسلة حقوق وحريات تلبي بعض تطلعات «الحراكيين»، لكنه يُبقي على مجمل عناصر النظام الرئاسي كما هي. كما أن الاستفتاء يأتي وسط أجواء من القمع في البلاد، وفي وقت يندّد فيه المعارضون، من الإسلاميين، إلى أقصى اليسار، مروراً بالمدافعين عن حقوق الإنسان، بمشروع يهدف، حسبهم، إلى دفن الحراك بالنسبة للبعض، و«دسترة» العلمنة بالنسبة للبعض الآخر.
وفي هذا السياق، يقول عبيدي إن السلطة «مدركة أن الصلة مع الشعب قطعت تماماً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».