مهلة أسبوع أمام مصر وإثيوبيا والسودان لإعداد «مسودة» اتفاق

مهلة أسبوع أمام مصر وإثيوبيا والسودان لإعداد «مسودة» اتفاق
TT

مهلة أسبوع أمام مصر وإثيوبيا والسودان لإعداد «مسودة» اتفاق

مهلة أسبوع أمام مصر وإثيوبيا والسودان لإعداد «مسودة» اتفاق

يعكف مفاوضو مصر وإثيوبيا والسودان، خلال أسبوع، على إعداد «مسودة مجمعة» لمقترحات اتفاق ينظم قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على «النيل الأزرق»، في خطوة شكك مراقبون في جدواها، نظرا لكثرة الخلافات الفنية والقانونية، فضلا عن فشل محاولة مماثلة سابقا.
والتقى وزراء الخارجية والموارد المائية بالدول الثلاث. أول من أمس، بهدف إعادة إطلاق المفاوضات المجمدة منذ نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، وبحث سبل تجاوز الخلافات.
وأعلنت الخرطوم، في ختام الاجتماع، الذي عقد بدعوة من جنوب أفريقيا، الرئيسة الحالية للاتحاد الأفريقي، أنها «ستنظّم على مدى أسبوع مفاوضات بهدف استكمال تجميع وتنقيح مسودة اتفاق سد النهضة»، والتشاور حول «الأسلوب الأمثل لإدارة المفاوضات خلال الفترة المقبلة». وتجري المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي ومشاركة مراقبين من أعضاء هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ولم تلق نتائج الاجتماع قبولا لدى المراقبين. وقال الدكتور هاني رسلان، الخبير في الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام: «تقرر العودة لمناقشة ما سبق الفشل فيه قبل شهرين مع تخصيص أسبوع لاستكشاف أسلوب أمثل للتفاوض». ويشير رسلان إلى فشل إعداد نسخة أولية مجمعة لعرضها على هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي، نهاية أغسطس الماضي، بسبب الخلافات بين الدول الثلاث حول كثير من النقاط القانونية والفنية، الأمر الذي أدى لتوقف المفاوضات.
واعتبر الخبير المصري، العودة لمدة أسبوع لمناقشة فكرة توحيد المقترحات التي فشل الأطراف في الاتفاق عليها سابقا، بمثابة «حركة دائرية في المكان نفسه»، مستمرة منذ 10 سنوات.
وأخفقت مفاوضات متقطعة منذ 2011 في التوصل إلى اتفاق يبدد مخاوف دولتي المصب (مصر والسودان)، من تأثير السد المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، على حصتيهما من المياه. وتعتبر أديس أبابا سد النهضة، الذي سيبلغ ارتفاعه 145 مترا، أساسيا لنموها الاقتصادي ولإمدادها بالكهرباء.
ونهاية الأسبوع اتّهمت إثيوبيا الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالتحريض على «حرب» ضدها على خلفية السد، بعدما انتقد ترمب المشروع الإثيوبي، ولمح إلى أن مصر يمكن أن تدمّره. وأعلنت الولايات المتّحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، تعليق جزء من مساعدتها الماليّة لإثيوبيا ردّا على قرار أديس أبابا البدء بملء سدّ النهضة قبل التوصّل لاتفاق مع مصر والسودان.
واقترح وزير الموارد المائية المصري الأسبق محمد نصر الدين علام، لحلحلة الخلافات «تشكيل وفد من الاتحاد الأفريقي ومراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، للوساطة بين الدول الثلاث للوصول إلى أجندة متفق عليها وإطار زمني للتفاوض، لوقف إهدار الوقت». وأضاف علام لـ«الشرق الأوسط»: «حالة فشل الوفد المشترك في التوصل مع الدول الثلاث لأجندة متفق عليها، يقوم بإعداد تقرير عن أسباب الفشل ورفعه إلى رئاسة الاتحاد الأفريقي ثم إلى مجلس الأمن الدولي».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس المجلس السيادي في السودان الفريق عبد الفتاح البرهان، أكدا خلال لقائهما في القاهرة أول من أمس، تمسكهما بضرورة التوصل لـ«اتفاق قانوني ملزم» حول «سد النهضة» الإثيوبي. وأكد الزعيمان المصري والسوداني: «الأهمية القصوى» لقضية المياه بالنسبة للشعبين المصري والسوداني بصفتها «مسألة أمن قومي».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.