إردوغان يتهم موسكو بـ«عدم دعم الاستقرار والسلام» في إدلب

أنقرة طالبت مجلس الأمن بمنع انتهاكات وقف النار

نقل شخص قُتل بقصف على أريحا في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
نقل شخص قُتل بقصف على أريحا في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يتهم موسكو بـ«عدم دعم الاستقرار والسلام» في إدلب

نقل شخص قُتل بقصف على أريحا في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
نقل شخص قُتل بقصف على أريحا في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)

اتهمت أنقرة أمس، موسكو بعدم دعم الاستقرار والسلام في سوريا ملوحة بعمل عسكري للقضاء على الإرهاب في سوريا. وطالبت في الوقت ذاته مجلس الأمن الدولي بمنع انتهاك وقف إطلاق النار في إدلب في الوقت الذي تصاعدت فيه هجمات النظام.
وقال إردوغان، خلال اجتماع كتلة حزب العدالة والتنمية الحاكم في مقر البرلمان بالعاصمة التركية، إن «استهداف روسيا مركزا لتأهيل الجيش الوطني السوري في إدلب، مؤشر على عدم دعمها للسلام الدائم والاستقرار بالمنطقة». وأضاف أنه في حال لم يتم الوفاء بوعود إخراج الإرهابيين من الخطوط التي تم تحديدها في سوريا، فإن لتركيا الحق في إخراجهم متى أرادت، مؤكدا أن تركيا قادرة على تطهير كامل سوريا من التنظيمات الإرهابية إن لزم الأمر.
وقتل عشرات من فصيل «فيلق الشام» المدعوم من تركيا والذي يعد «وكيل» إردوغان في إدلب، بقصف روسي عنيف.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن المقاتلات الروسية استهدفت، الاثنين، مقرا لـ«فيلق الشام» في منطقة جبل الدويلة شمال غربي إدلب، ما تسبب في مقتل 78 مقاتلا على الأقل وإصابة أكثر من 90 آخرين بجروح، وإن حصيلة القتلى «تعدّ الأعلى في صفوف المقاتلين جراء ضربات روسية منذ بدء موسكو تدخلها العسكري في سوريا» نهاية سبتمبر (أيلول) 2015.
وتابع إردوغان أنه «ينبغي على الذين يلتفون للسيطرة على أراضي سوريا، والذين يتخلفون عن مكافحة (داعش) مثلنا، أن يتخلوا عن هذه المسرحية»، معتبرا أن الذين يبررون وجودهم في سوريا بمحاربة «داعش»، هم في الواقع يستخدمون ذريعة فارغة، معتبرا أن تركيا هي البلد الوحيد الذي يخوض كفاحا بالمعنى الحقيقي ضد هذا التنظيم الإرهابي.
وقال إن هناك «تنظيما إرهابيا»، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، على حدود بلاده مع سوريا، في مناطق خارج السيطرة التركية، رغم الوعود التي قطعت لأنقرة.
وأضاف إردوغان أن الكيان (الوحدات الكردية)، الذي تحاول الولايات المتحدة ترسيخه على طول الحدود العراقية السورية، هو نذير للصراعات والآلام والمآسي الجديدة، قائلا إن «الشعب السوري يدفع بدمائه وأرواحه، ثمن ألعاب النظام الاستراتيجية والتنظيمات الإرهابية التي تأتي من خارج المنطقة»، مشيرا إلى أن تركيا لا يمكنها الوقوف إلى جانب هذا النفاق والظلم.
في السياق، دعا المندوب التركي الدائم لدى الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو إلى وقف انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، الموقع بين تركيا وروسيا في 5 مارس (آذار) الماضي، والأنشطة الاستفزازية فيها.
ولفت سينيرلي أوغلو، خلال مشاركته في اجتماع مجلس الأمن بشأن سوريا، عبر اتصال مرئي، إلى ازدياد الإصابات بفيروس «كورونا»، شمال غربي سوريا، بشكل كبير، مضيفا أن هجمات النظام السوري أدت إلى تهجير الملايين، واحتشادهم في منطقة جغرافية ضيقة، الأمر الذي يساهم في زيادة سرعة تفشي فيروس «كورونا»، وأن نحو نصف أعداد المصابين تم تشخيصها في ريف حلب الشمالي.
وذكر المندوب التركي أن أكثر من 1.3 مليون شخص في شمال حلب باتوا محرومين من المعونات، عقب إغلاق معبر «باب السلامة» أمام مرور المساعدات الإنسانية، مشيرا إلى أن هذا الأمر ساهم في زيادة تردي الأوضاع الصحية بالمنطقة. ودعا مجلس الأمن لإعادة فتح المعبر أمام مرور المساعدات الإنسانية.
وأكد استمرار إصرار تركيا في تأمين وقف إطلاق النار في إدلب، واتخاذ جميع التدابير العسكرية اللازمة من أجل الحفاظ على التهدئة في الميدان، قائلا إنه «ينبغي تجنب القيام بانتهاكات وقف إطلاق النار، والأنشطة الاستفزازية التي من شأنها إلحاق ضرر بالهدوء النسبي في المنطقة».
وأكد سينيرلي أوغلو أن الوحدات الكردية تشكل أحد العوائق أمام السلام والاستقرار في سوريا، قائلا إنه نفذ في العام الأخير، أكثر من 250 هجوما إرهابيا، ما أدى لمقتل وإصابة مئات المدنيين السوريين.
واعتمد مجلس الأمن، في يوليو (تموز) الماضي، مشروع قرار قدمته ألمانيا وبلجيكا، تم بموجبه تمديد آلية المساعدات الأممية العابرة للحدود إلى سوريا من معبر واحد هو باب الهوى على الحدود التركية، لمدة عام، بعد أن كانت تمر أيضا من معبر باب السلامة.
في غضون ذلك، صعدت قوات النظام من قصفها الصاروخي على بلدات وقرى جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، كما جددت الفصائل وهيئة تحرير الشام عمليات قصفها المدفعي على مواقع لقوات النظام ضمن محاور التماس بريف إدلب الجنوبي.
كما نفذت قوات النظام قصفا مدفعيا على أريحا والبارة وبليون وكفرعويد بريف إدلب، واستهدفت الفصائل بالقذائف الصاروخية والمدفعية مواقع قوات النظام في أكثر من 40 موقعا كل من أرياف حلب وإدلب وحماة واللاذقية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».