فكرة «الدوري الأوروبي الممتاز» تمثل الجشع المهيمن على تفكير الأندية الغنية

«الكبار» يسعون لإقامة «بطولة سوبر» لحصد مزيد من الأموال على حساب لعبة كرة القدم

سان جيرمان فاز بلقب الدوري الفرنسي 7 مرات في المواسم الثمانية الأخيرة (غيتي)
سان جيرمان فاز بلقب الدوري الفرنسي 7 مرات في المواسم الثمانية الأخيرة (غيتي)
TT

فكرة «الدوري الأوروبي الممتاز» تمثل الجشع المهيمن على تفكير الأندية الغنية

سان جيرمان فاز بلقب الدوري الفرنسي 7 مرات في المواسم الثمانية الأخيرة (غيتي)
سان جيرمان فاز بلقب الدوري الفرنسي 7 مرات في المواسم الثمانية الأخيرة (غيتي)

ما هذه النتائج الفوضوية التي نراها في بداية الموسم الجديد للدوري الإنجليزي الممتاز؟ لقد خسر مانشستر سيتي بخماسية، واستقبلت شباك مانشستر يونايتد ستة أهداف في مباراة واحدة، وتجرع ليفربول مرارة الخسارة المذلة بسباعية، بينما تصدر إيفرتون وأستون فيلا جدول ترتيب المسابقة قبل أن يزاحمهما ليفربول! أما تشيلسي فأصبحت النتيجة المعتادة بالنسبة له هي التعادل. فهل هذه النتائج الغريبة تخلق شكلا من أشكال الإثارة لأنها تجعلنا لا نستطيع التنبؤ بنتائج المباريات؟ أم أن تراجع مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد إلى النصف السفلي من جدول الترتيب بعد نهاية الأسبوع الماضي، واحتلال تشيلسي للمركز العاشر، قد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى الإضرار بعائدات البث التلفزيوني للأندية التي تحظى بشعبية كبيرة على المستوى العالمي؟
دعونا نتفق على أن هذا الموسم ليس عاديا بأي حال من الأحوال، والدليل على ذلك أن هذه هي المرة الأولى منذ عام 1953 التي يُهزم فيها حامل اللقب بسبعة أهداف. كما أن هذه هي المرة الأولى - منذ بورتسموث في عام 2006 - التي يحتل فيها فريق من خارج ما يسمى بالأندية الستة الكبرى صدارة جدول الترتيب بعد مرور ست جولات من الموسم. وبعد نهاية الجولة الماضية، كان متوسط إحراز الأهداف في المباراة الواحدة في الدوري الإنجليزي الممتاز قد بلغ 3.58 هدف! وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أنه منذ الحرب العالمية الثانية، كان هناك موسمان فقط انتهيا بمتوسط أهداف أعلى من المعدل الحالي، والذي يعد الأعلى منذ موسم 1960 - 1961.
وإن كان هذا هو ما يحدث في العلن، فإن ما يحدث في الخفاء يتمثل في قيام الأندية الكبرى بالتخطيط لحصولها على قدر أكبر من عائدات البث التلفزيوني. وجاء مشروع الصورة الكبيرة - الذي يعد في الأساس محاولة من قبل الأندية الغنية لزيادة ثرائها من خلال الوعد بفوائد قصيرة الأجل لأندية الدوري الأصغر؛ وهي الاستراتيجية التي أصبحت مألوفة حتى خارج نطاق كرة القدم على مدى السنوات الخمس الماضية - ليعيد إلى الواجهة الحديث عن ما يسمى بالدوري الأوروبي الممتاز. قد لا يكون لدينا الكثير من التفاصيل في هذا الأمر، الذي قد يكون مجرد «إعادة تدوير» لأفكار قديمة، وقد يكون تكتيكا تفاوضيا شفافا إلى حد ما في المناقشات الدائرة حول تغيير شكل دوري أبطال أوروبا في موسم 2024 - 2025 لكنه على أي حال لا يزال يمثل الجشع الذي يهيمن على تفكير الأندية الكبرى.
ويجب أن يثير هذا الأمر قلق الجميع، خاصة أن الدوري الإنجليزي الممتاز يُظهر مقدار المتعة التي يمكن أن يكون عليها عندما تكون سيطرة الأندية الكبرى غير مضمونة، على الأقل بشكل مؤقت. أو على الأقل يجب أن يجعلنا هذا نفكر في الكيفية التي يجب أن تكون عليها الرياضة ككل. ولنضرب مثالا على ذلك بالدوري الهندي الممتاز للكريكيت، الذي يعد منافسة رائعة دون أدنى شك، حيث يقود المستوى الاستثنائي للمنافسة إلى الابتكار والتميز. وحتى لو لُعبت المسابقة دون جماهير في الإمارات العربية المتحدة، كما هو الحال هذا الموسم، فلا تزال تتمتع ببريق خاص. لكنني أشاهد مباريات هذه المسابقة بطريقة مختلفة عن الطريقة التي أشاهد بها مباريات كرة القدم، ربما لأنني عشت من قبل في مدينة دارامسالا الهندية، وأنا من عشاق نادي «كينغز إكس آي بنجاب».
وفي الحقيقة، لدي القليل من الإحساس اليومي بالكيفية التي عليها جدول ترتيب الدوري الهندي الممتاز للكريكيت، وليس لدي أي فكرة واضحة عن سبب اعتبار المباراة التي تجمع «تشيناي سوبر كينغز» و«رويال تشالنجرز بنغالور» مباراة كبيرة، وليس لدي أي فكرة حول تأثير الدوري الهندي الممتاز للكريكيت على كأس رانجي، تلك المنافسة المحلية التقليدية من الدرجة الأولى في الهند، والتي تعد بالنسبة لعشاق لعبة الكريكيت بنفس أهمية الدوري الإنجليزي الممتاز أو دوري أبطال أوروبا بالنسبة لعشاق كرة القدم.
ورغم أن الدوري الهندي الممتاز للكريكيت يعد كيانا تجاريا صريحا، فإن تقديري لهذه الرياضة يفوق تقديري للعبة كرة القدم، نظرا لأن تصوراتي وردود أفعالي مشروطة بعدد هائل من التحيزات المتراكمة حول الأندية واللاعبين والمديرين الفنيين والبلدات أو المدن التي يمثلونها. لكن كما أشار المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، فإن هذا الشعور بالتمثيل أمر أساسي للغاية. وفي عالم يُشكل فيه دافع الربح كل شيء، بدءا من الرعاية الصحية مرورا بالتعليم ووصولا إلى القانون، ربما يكون من غير المعقول توقع أن يفكر أي شخص فيما هو الأفضل لكرة القدم نفسها. دعونا نفعل ذلك ولو للحظة واحدة، ونتساءل: هل من الأفضل نشر المواهب بشكل متساوٍ نسبيا عبر أكبر عدد ممكن من الأندية، أم تركيزها في عدد قليل من الأندية للسماح للرياضة بالوصول إلى أعلى مستوى ممكن؟
وبعد أن انتقلت كرة القدم من نشر المواهب بين الأندية إلى تكديسها في عدد قليل من الأندية الغنية، ظهرت مشكلة واضحة للجميع، فخلافا لما عليه الحال في الدوري الهندي الممتاز للكريكيت، أصبحت مسابقات كرة القدم في كل من إيطاليا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا، وبشكل متزايد في إنجلترا، تفتقر إلى المنافسة الحقيقية. وفي الدوري الهندي للكريكيت، يمكن لأي ناد من الأندية الثمانية أن يفوز بلقب البطولة رغم أن «كينغز إكس أي» لم يفز بها حتى الآن، كما أن هناك منافسة شديدة للغاية في الغالبية العظمة من المباريات، وربما يمكن مقارنة ذلك بالمراحل الأخيرة من دوري أبطال أوروبا. ولا يمكن أن نرى في الدوري الهندي للكريكيت ما يعادل، على سبيل المثال، مواجهة مانشستر سيتي وواتفورد، والتي يكون فيها السؤال الوحيد هو: بكم ستنتهي النتيجة لصالح مانشستر سيتي؟
وإذا كانت إعادة هيكلة دوري أبطال أوروبا تعني، كما يبدو على الأرجح، زيادة دخل الأندية الكبرى وحصولها بالتالي على المزيد من المزايا، فإن ذلك سيؤدي بكل تأكيد إلى توسيع الفجوة - الهائلة بالفعل - بين الأندية الكبرى والصغرى. وقد أصبح لدى الأندية الكبرى «فائض» كبير للغاية، للدرجة التي تجعل لاعبا بقدرات وإمكانيات النجم الألماني مسعود أوزيل غير قادر على اللعب ولو لمباراة واحدة فقط مع آرسنال، في الوقت الذي يطالب فيه المدير التنفيذي لمانشستر سيتي، فيران سوريانو، بقبول فرق الرديف في هرم كرة القدم حتى يكون هناك مكان للفريق الاحتياطي لمانشستر سيتي!
في الحقيقة، لا يمكن أن تستمر الأمور بهذا الشكل، ويجب أن يتغير شيء ما. لقد أصبح من المعتاد أن نرى أندية يوفنتوس وبايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان وبرشلونة وريال مدريد وهي تحصد الألقاب المحلية دون منافسة تذكر من الأندية الأخرى، للدرجة التي تجعل حتى هذه الأندية الكبرى تشعر بالملل من قلة المنافسة! ومن غير المرجح أن تستمر النتائج غير المتوقعة كثيرا في الدوري الإنجليزي الممتاز، وستعود الأندية الكبرى للسيطرة على مقاليد الأمور سريعا.
إذن، ما هو الحل؟ ربما يتمثل الحل في السماح لهذه الأندية الجشعة بأن تخاطر وتفعل ما تريد. وإذا نجحت هذه الأندية في تكوين مسابقة قوية وممتعة، فسوف نستمتع بها، وسنكتفي بأن الفريق الذي يمثلنا يلعب (إذا نجا من تداعيات الوباء) في مسابقة أكثر عدلاً، وذات مغزى أكبر، حتى لو لم يكن مستوى البطولة ككل بنفس القوة.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».