رحلة في شقة شيلدون هارنيك حيث يكمن الفن

عمل من منزله المطل على سنترال بارك لمدة 55 سنة

الشاعر الغنائي شيلدون هارنيك وزوجته مارغري
الشاعر الغنائي شيلدون هارنيك وزوجته مارغري
TT

رحلة في شقة شيلدون هارنيك حيث يكمن الفن

الشاعر الغنائي شيلدون هارنيك وزوجته مارغري
الشاعر الغنائي شيلدون هارنيك وزوجته مارغري

مهما حاولت، تظل السيدة هارنيك التي تعمل حالياً فنانة ومصورة، عاجزة عن تذكر الأغنية التي شدت بها في ذلك اليوم المصيري. وبالمثل، لا يستطيع هارنيك، الشاعر الغنائي الحائز على جائزتي «توني» و«بوليتزر»، تذكر الأغنية، وإن كان يتذكر جيداً كيف أنّه انبهر لِما سمعه، وانبهر بالقدر ذاته على الأقل بما رآه. وحققت السيدة هارنيك نجاحاً كبيراً، رغم أن العرض ذاته توقف وطواه النسيان بعد ستة أشهر فقط.
في المقابل، أصبح زواج الاثنين بمثابة عرض مسرحي مستمر لفترة طويلة امتدت لـ55 عاماً ولا يزال باقياً. وقضى الزوجان فترة زواجهما بأكملها داخل شقة كلاسيكية مؤلفة من ست غرف تطل على سنترال بارك في بيريسفورد.
في هذه الشقة، كتب هارنيك، البالغ 96 عاماً، كلمات أغاني بعض العروض المسرحية، منها «فيوريلو!» (1959) و«هي تحبني» (1963) و«فيدلر أون ذي روف» (1964). ومن المقرر إذاعة فيلم وثائقي بعنوان «فيدلر: معجزة المعجزات» في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) كجزء من سلسلة تذيعها «بي بي إس» بعنوان «الأعمال العظيمة».
والواضح أنه فيما يخص هارنيك، المنزل مكمن الفن. وعن هذا قال: «لم يكن لديَّ مكتب قط. فكرت في هذا الأمر، لكن دائماً ما كان من السهل للغاية لي العمل من المنزل، فقد كان هادئاً. ولم يضايقني أحد فيه قط، وكانت جميع الكتب المرجعية متاحة بسهولة أمامي».
قبل ارتباط هارنيك بالآنسة غراي، وقبل زواجه لفترة قصيرة للغاية بإلين ماي، التي لا تزال صديقة مقربة له، عاش في شقة قرب الضاحية التي يوجد بها المسرح كانت تسكنها صديقة له منذ أيام الدراسة في جامعة نورثويسترن، الممثلة تشارلوت راي. وعن هذا، قال: «كانت تستعد للرحيل عن الشقة وسألتني إذا كنت أريد الانتقال للعيش فيها، وسارعت لاقتناص الفرصة».
ظل القرب من ضاحية المسرح على رأس أولويات هارنيك طوال سنوات لاحقة، عندما تزوج الآنسة غراي وشرع الزوجان في البحث عن مكان للإقامة. وبدت بيريسفورد منطقة مثالية، خصوصاً في ظل وجود مترو الأنفاق بالجوار، الأمر الذي أتاح الاضطلاع برحلات قصيرة في المواصلات إلى شارع 42 والمناطق المحيطة، إضافة لوجود متنزه على الجانب المقابل من الشارع. وبذلك، بدا الموقع مثالياً.
أمّا البناية ذاتها، فكانت مشهورة ويقطن بها صديق هارنيك وزميله الشاعر الغنائي أدولف غرين وزجته الممثلة فيليس نيومان. وكذلك كان يعيش بها نجل عم والده الكاتب الصحافي ليونارد ليونز.
من جهتها، قالت هارنيك، 86 عاماً، التي سعدت بالحجم الفسيح لغرف الشقة وأرضيتها المتعرجة وخزانات العرض في الحائط والمدفأة: «عاينّا شققاً أخرى في المنطقة، لكن هذه كانت الأفضل والأجمل من حيث الإضاءة والمنظر العام الذي تطل عليه».
وأكد هارنيك الذي عمل دائماً من المنزل وشعر بمتعة كبيرة في ذلك: «لم أفكر مطلقاً في امتلاك منزل فخم أو شيء من هذا القبيل، وإنما رغبت فحسب بالعيش في مكان مريح. عندما كنت أشعر بالجوع، كنت أتوجه إلى البراد فحسب والتقط شيئاً لتناوله».
وتركزت منطقة عمل هارنيك في غرفة الطعام التي كان يستخدمها كذلك كمكتبة وكانت تحيط بها خزائن الكتب التي تتضمن الكثير من المراجع والمواد. وفي وقت لاحق، عندما كبر طفلا الزوجين وغادرا، انتقل هارنيك إلى غرفة نوم أُخليت، وحرصت زوجته على إبقائها بعيداً عن أعين الصحافيين المتلصصين، معللة ذلك بأن الغرفة غير مرتبة.
في كل الأحوال، ظل معجم مرادفات وقاموس «وبستر» الضخم دوماً بالقرب من هارنيك. الواضح أن هارنيك يعرف عدداً كبيرا من الكلمات، لكن عندما يجلس خلف مكتبه يبدو أنه رجل على صلة وثيقة ببضع كلمات قيمة فحسب. وعن عمله، قالت زوجته: «يعمل شيلدون بهدوء بالغ بالورق والأقلام».
وعلق هارنيك ضاحكاً: «كان لديّ قلم يُصدر صريراً في أثناء الكتابة، فتخلصت منه».
عندما اشترى الزوجان الشقة منتصف الستينات، كانت في حالة ممتازة ولم تتطلب سوى طبقة جديدة من الطلاء الأبيض. وقالت السيدة هارنيك: «أتذكر أنّني ساعدت عامل الطلاء في مزج الألوان. ولم أرغب في وجود أي أثر للون الأزرق بها ولم أكن أريد لوناً صارخاً».
ولم يجد الزوجان مشكلة في مسألة أن المطبخ لم يجرِ تجديده منذ سنوات. وكان الفرن القديم، ولا يزال، مصدراً للبهجة لهما. وعن ذلك، قالت السيدة هارنيك: «لم نفكر قط في تجديده. كان مريحاً للغاية. ونحن أحببناه على الحال التي كان عليها. كما أنّ شيلدون بطبيعته ليس من الأشخاص العاشقين لتغيير الديكور باستمرار».
من ناحيتها، اضطلعت السيدة هارنيك بدور الريادة في ترتيب الشقة التي تحمل في معظمها ألواناً مرتبطة بالأرض. أغلبها ظلال دافئة من اللون البُني. ومع ذلك، لم يجرِ شراء أي شيء في الشقة من دون موافقة الزوجين معاً.
وعلى الرّغم من إغراء الأريكة المريحة والمقعد المغطى بالمخمل بُني اللون، فمن غير المحتمل أن يجلس أي شخص على أيٍّ منهما طويلاً، ذلك أنّ الشقة تزخر بالكثير مما يستحق المشاهدة، أبرزها صور لأفراد أسرة هارنيك وعدد من الأصدقاء والزملاء أمثال داني برستاين الذي شارك في إحياء عرض «فيدلر» في شارع برودواي عام 2015، وكذلك زوجته الممثلة ريبيكا لوكر.
وتحمل الجدران لوحة بورتريه شخصي للرسام زيرو موسيل، إلى جانب لوحات أبدعتها أنامل السيدة هارنيك وابنتهما، بيث هارنيك دورن، إلى جانب صور من عمل نجلهما، مات هارنيك، إضافة إلى صفوف طويلة من ملصقات دعاية للعروض الغنائية التي أبدعها. وفي غرفة الطعام، توجد صور للزوجين التقطها ريتشارد أفيدون في الستينات.
وعن هذه الصور، قال هارنيك: «كانت من أجل المعاونة في جمع أموال لصالح حملة مناهضة لحرب فيتنام. كان يلتقط الصورة مقابل 50 دولاراً».
أمّا المناضد، فتزخر بالجوائز التي حصدها هارنيك عن «فيدلر» وعدد من العروض الغنائية التي أبدعها، وكذلك فوق الخزائن الموجودة بغرفة الطعام. وعلى الرّغم من أن هارنيك بطبيعته لا يميل إلى التباهي، فقد أكّد أنه: «ليس هناك مكان لتخزين هذه الجوائز كلها، وبالنسبة لي فمن المهم أن أراها».
في قلب الجوائز الزجاجية، يقف إبريق خزفي من إبداع بيكاسون أهداه هارنيك إلى زوجته بمناسبة عيد ميلادها خلال فترة الخطوبة. وعنه قالت السيدة هارنيك: «إنه عزيز للغاية على قلبي، وزوجي يحبه. وكثيراً ما أمزح معه بأنه تزوجني فقط لاستعادة هذا الإبريق».
* خدمة «نيويورك تايمز»



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)