تدابير «كورونا» تشعل شوارع مدن إيطاليا

متظاهرون ضد إجراءات «كورونا» في ميلانو الإيطالية (أ.ب)
متظاهرون ضد إجراءات «كورونا» في ميلانو الإيطالية (أ.ب)
TT

تدابير «كورونا» تشعل شوارع مدن إيطاليا

متظاهرون ضد إجراءات «كورونا» في ميلانو الإيطالية (أ.ب)
متظاهرون ضد إجراءات «كورونا» في ميلانو الإيطالية (أ.ب)

اشتعلت شوارع معظم المدن الإيطالية الكبرى مساء الاثنين بالاحتجاجات والمظاهرات العنيفة ضد تدابير الإقفال الجزئي التي فرضتها الحكومة في محاولة يائسة لاحتواء الانتشار السريع لـ(كوفيد - 19) وتحاشي الإغلاق التام بعد الارتفاع المتواصل في عدد الإصابات الجديدة وازدياد عدد الوفيّات والحالات الخطرة في المستشفيات التي بات بعضها يعاني من نقص في أسرة وحدات العناية الفائقة.
وكانت المظاهرات قد تواصلت في نابولي ومدن الجنوب الأخرى لليوم الثالث على التوالي، فيما شهدت مدن الشمال الكبرى مساء الاثنين مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين كانوا يحتجون على تدابير حظر التجول الليلي وإقفال دور السينما والمسارح وإغلاق المقاهي والمطاعم والأماكن الترفيهية اعتباراً من السادسة بعد الظهر. وفي تورينو أضاءت نيران الحرائق والانفجارات ليل المدينة التي تعرّض وسطها التجاري الأنيق لتدمير عشرات المتاجر الفخمة ونهب محتوياتها على يد متظاهرين قالت الشرطة إنهم ينتمون إلى جماعات فاشيّة ويمينية متطرفة.
وفي روما التي كانت حتى أمس المدينة الوحيدة الكبرى التي ما زالت في منأى عن المظاهرات العنيفة، انتشرت وحدات من الشرطة بكثافة في الشوارع والساحات التاريخية المحيطة بمقر رئاسة الحكومة وسط العاصمة تحسّباً لموجة من الاحتجاجات التي قالت مصادر أمنية إن مجموعات متطرّفة تحضّر للقيام بها.
ومع اتساع دائرة الرفض للتدابير الحكومية الأخيرة لتشمل القطاعات الاقتصادية المتضررة التي تطالب بتعويضات ومساعدات عاجلة، وبعض أطراف الائتلاف الحاكم إلى جانب جميع قوى المعارضة، قال رئيس الوزراء جيوزيبي كونتي أمس الثلاثاء إن «هذه التدابير لا تُمَّس ومن الأرجح أن تعقبها تدابير أقسى قريباً لأن معدّل انتشار الوباء في الأسابيع الماضية أوشك على الخروج عن السيطرة وينذر بانهيار المنظومة الصحية إذا لم نتحرّك بسرعة وحزم لاحتواء الفيروس».
وردّاً على الانتقادات التي وُجِّهت إلى الحكومة باستهداف المقاهي والمطاعم ودور السينما والمسرح وليس وسائل النقل العام التي يقول الخبراء إنها من المسببات الرئيسية لانتشار الوباء، قال كونتي إن «الأنشطة الترفيهية المسائية هي التي تؤدي إلى زيادة التنقّل والتواصل في حال من التراخي وعدم التقيّد بتدابير الوقاية».
ومع تصاعد الاحتجاجات في الأوساط الثقافية والفنية ضد تدابير إغلاق دور السينما والمسارح وإلغاء الحفلات والأنشطة الموسيقية قال أمس وزير الثقافة الإيطالي داريو فرانشسكيني: «من يحتجّ على هذه التدابير لم يدرك بعد مدى خطورة الوضع الوبائي الذي نحن فيه».
وعلى جبهة المنشآت الصحية أعلنت بعض المستشفيات في روما ونابولي أنها بلغت أقصى درجاتها الاستيعابية لمعالجة المصابين بـ(كوفيد - 19) بعد أن تجاوز عدد الإصابات في المدينتين ما كان قد وصل إليه في ذروة الموجة الأولى. ويخشى المسؤولون أن تضطر هذه المستشفيات إلى الامتناع عن استقبال ومعالجة المصابين بأمراض أخرى مع تزايد عدد الإصابات بـ(كوفيد - 19) التي تستدعي العلاج في المستشفى.
وكان عالم الوبائيات المعروف والتر ريتشاردي، المستشار السابق لوزير الصحة الذي أشرف على وضع خطة مواجهة الفيروس في المرحلة الأولى، قد صرّح بأن التدابير الأخيرة التي اتخذتها الحكومة ليست كافية. ونصح بعدم الانتظار لمعرفة نتائجها والانتقال مباشرة إلى الإقفال التام، مشيرا إلى أن العدد الفعلي للمصابين بالفيروس قد يتجاوز 10 في المائة من السكّان.
وتدعو الأوساط الطبية إلى التركيز على رصد المصابين الذين لا تظهر عليهم عوارض المرض، لعزلهم وتتبعهم، حيث تبيّن أن نصف الإصابات الجديدة تقريباً ناجم عن التواصل معهم. ولا تزال المعلومات عن هذه الفئة من المصابين موضع تقديرات غير مؤكدة في الأوساط العلمية، من حيث قوة الشحنة الفيروسية التي يحملونها ومدى قدرتهم على نقل الوباء.
بلجيكا
وفي بلجيكا التي أصبحت الدولة الأوروبية الثانية من حيث معدّلات انتشار الوباء بعد الجمهورية التشيكية، فرغت شوارع العاصمة بروكسل بعد التدابير الأخيرة التي اتخذتها الحكومة لاحتواء الفيروس الذي أطلق سريانه السريع والكثيف صفّارات الإنذار في المستشفيات التي ينتظر أن تبلغ أقصى قدرتها الاستيعابية قبل نهاية الأسبوع المقبل. وفيما بدأت السلطات الصحية تستعدّ لنقل بعض المصابين لمعالجتهم في مستشفيات هولندا وألمانيا المجاورة، وتعمّ الاحتجاجات أوساط الطواقم الصحية من أطباء وممرضين يقدّر أن ثلثهم مصاب بالفيروس بسبب من عدم توفّر الحماية اللازمة، قال وزير الصحة فرنك فان دربروك إن البلاد «على أبواب تسونامي يصعب التكهّن بعواقبه».
ويعزو الخبراء كثافة انتشار الوباء في بلجيكا التي سجّلت أعلى معدلّات الوفيّات خلال الموجة الأولى إلى الكثافة السكّانية العالية وموقعها كمفترق طرق رئيسي بوصفها عاصمة للاتحاد الأوروبي ومقرها لمعظم مؤسساته التي عادت لتقفز منذ أسابيع بعد إلغاء كل الاجتماعات المباشرة التي تعقدها بالمئات يومياً.
إسبانيا
وفي إسبانيا التي عادت إلى حالة الطوارئ وحظر التجوّل الليلي في جميع أنحاء البلاد، قفزت الإصابات الجديدة لتحطّم رقماً قياسيا جديداً حيث ارتفعت بنسبة 37 في المائة وتتجاوز الخمسين ألفا في اليومين الماضيين. ومع الارتفاع المتواصل في عدد الوفيّات منذ شهرين حيث تجاوز معدّله اليومي عتبة المائة حالة، بدأت مستشفيات مدريد وبرشلونة تقترب من أقصى قدراتها الاستيعابية وتضطر لإلغاء العمليات الجراحية غير الطارئة فيما تستعّد القوات المسلحة لإعادة فتح المستشفيات الميدانية التي كانت قد أقامتها في ذروة الموجة الأولى.
وكان الأطباء قد أضربوا أمس في جميع أنحاء إسبانيا احتجاجاً على ظروف العمل والنقص في الموارد البشرية ومعدات الوقاية بعد أن كانت نسبة الإصابات قد بلغت 23 في المائة في صفوف الطواقم الصحية خلال الموجة الأولى، فيما أضربت أمس أيضا مستشفيات العاصمة مدريد مطالبة بالإسراع في معالجة النقص الحاد الذي تعانيه من الأطباء والممرضين.
وأعلنت رئيسة الحكومة الإقليمية في مدريد إيزابيل آيوسو مباشرة الأعمال لبناء «مستشفى سيذهل العالم ويكون جاهزاً في ثلاثة أشهر بمشاركة أفضل شركات الهندسة العالمية». وقالت إن العاصمة الإسبانية ستكون الأولى في العالم التي يوجد فيها مستشفى بهذه المواصفات قرب المطار ويستخدم في حالات الجوائح والكوارث.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».