تزايد الرفض في تونس لبقاء الغنوشي على رأس «النهضة»

راشد الغنوشي (أ.ف.ب)
راشد الغنوشي (أ.ف.ب)
TT

تزايد الرفض في تونس لبقاء الغنوشي على رأس «النهضة»

راشد الغنوشي (أ.ف.ب)
راشد الغنوشي (أ.ف.ب)

تزايد عدد المنتقدين والرافضين داخل «النهضة» التونسية وخارجها لمحاولات الحركة الإسلامية الإبقاء على راشد الغنوشي على رأس الحزب، وذلك بعد أن تقدم عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى النهضة، ورفيق عبد السلام القيادي بحركة النهضة، بمبادرة لحل الخلافات الداخلية بين القيادات الحركة حملت عنوان «التداول والتمديد».
وتضمن المقترح تأجيل مؤتمر الحزب، المقرر عقده نهاية السنة الحالية، إلى سنة 2023 ليتوافق مع الاستحقاق الرئاسي المقرر سنة 2024، وهو ما يعني أوتوماتيكياً بقاء الغنوشي على رأس الحركة لعامين إضافيين. وعلل المقترح هذه الخطوة بعدة اعتبارات، أبرزها الوضع الوبائي الذي لا يسمح بعقد مؤتمر سياسي هام. كما اشترطت المبادرة أن تحظى هذه الدعوة بتزكية واسعة من مجلس الشورى أو عبر الاستفتاء. وكان من المتوقع أن تناقش قيادات الحزب انتخاب رئيس جديد للحركة خلال المؤتمر الحادي عشر وفق مقتضيات النظام الداخلي، مع مأسسة الحركة استنادا إلى مبدأ المسؤولية الجماعية وضبط الصلاحيات. لكن مع هذا الاقتراح الجديد يبدو أن الاتجاه العام يسير نحو تأجيل مؤتمر النهضة بحسب عدد من المراقبين.
ولتجاوز غضب الرافضين لولاية ثالثة للغنوشي على رأس الحزب، وخاصة من قبل «مجموعة المائة»، التي تنتمي للحزب نفسه، دعت بعض قيادات «النهضة» إلى استحداث منصب جديد لرئيس حركة النهضة ومؤسسها الغنوشي، هدفه الظاهر الاستفادة من دوره وعلاقاته الدولية وخبراته السياسية لتجنب الاضطراب في وضع الحركة، وضمان تداول قيادي هادئ. أما الأهداف المخفية فتتمثل في إعلان الغنوشي زعيماً للحزب، ومأسسة هذه الخطة الجديدة ومنحها صلاحيات هامة، منها أن الزعيم هو المرشح الرسمي للمناصب السيادية في الدولة، وهو ما يعني وفق المحلل السياسي التونسي حسان العيادي، «سحب صلاحية الترشح من الرئيس القادم للحركة، ومنحها لشيخها الذي سيترأس بصفته الزعيم مجلسا استراتيجيا، يشتغل ضمن التوجهات العامة للمؤتمر ومجلس الشورى الوطني».
ولا تقف حزمة التوافق عند هذا الحد، بل تشمل أيضا التزاما بإسناد زعيم الحزب ومساعدته على القيام بدوره في رئاسة البرلمان التونسي.
وأكد القياديان المقربان من الغنوشي أن الخلاف «قانوني هيكلي ولا علاقة له بالمضامين الفكرية والخيارات السياسية». كما اعتبر القياديان أن الخلاف يقتصر على نقطتين فحسب، هما توقيت انعقاد المؤتمر، والتداول القيادي وفق مقتضيات الفصل 31 من النظام الأساسي.
في السياق ذاته، قال الهاروني إن هذه المبادرة الجديدة «ليست موجهة حصرا لمجموعة المائة، الرافضة للتمديد للغنوشي، بل لكل المنتمين لحركة النهضة».
لكن الرافضين لطريقة تسيير الغنوشي للحزب، يرون أن القيادات المقربة منه تقوم بالعديد من الترتيبات داخليا من أجل ترشيحه مرة أخرى، وإقصاء القيادات الغاضبة منه، واعتبروا هذه المبادرة «محاولة لإيجاد مخرج للمأزق الذي وضع الغنوشي نفسه فيه، بعد أن رفض تطبيق القانون الأساسي للحركة»، وقالوا إنه كان يطلب في الكواليس التمديد لعامين، فجاءت هذه المبادرة لتطلب الشيء نفسه الذي طلبه الغنوشي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.