الخلاص بالطبيعة... شعرياً

عماد الدين موسى في ديوانه «كسماء أخيرة»

الخلاص بالطبيعة... شعرياً
TT

الخلاص بالطبيعة... شعرياً

الخلاص بالطبيعة... شعرياً

تبدو الطبيعة وكأنها مخزن الصور والرؤى والكلمات في ديوان «كسماء أخيرة» للشاعر السوري عماد الدين موسى. وتنعكس تحولاتها على تحولات الذات الشاعرة، ونظرتها للواقع والعناصر والأشياء. فالمشهد الشعري مفتوح بحيوية على فضاء الطبيعة، يستقى منها المعنى والدلالة، ويضع نفسه في علاقة موازية لها، ودون ذلك يظل مشتتاً تحت سقف واقع مراوغ وصراعات عابرة، لا تصمد كثيراً في مرآة الشعر.
تؤطر الطبيعة عنوان الديوان عبر كاف التشبيه الواضحة، بينما يبقى المشبه به مفتوحاً على براح التخييل والتأويل، يراوح ما بين التصريح والتلميح، فمَن الذي يشبه هذه السماءَ الأخيرة، هل الذات الشاعرة نفسها، أم العالم المحيط بها، أم كلا الاثنين معاً، أم أن وجودهما محفوف دائماً بعدم الطمأنينة واليقين، مما يكثف من حيرة الشاعر في الوصول إلى حقيقة ذاته، كعتبة للوصول إلى حقيقة الطبيعة والأشياء. وهو ما يطالعنا على نحو ما في هذا النص الذي يستهل الديوان:
«لا الربيعُ بأزهارِه
ولا الخريفُ بإزهارِه أيضاً،
الطفلُ وهو ينظر في قارب حياته،
العجوزُ وهو يغمض قلبه كوردة..
ماذا ينبغي أن نفعل؟
وماذا نقول؟
الأشياء بموسيقاها الهادئة
إلى زوالٍ محتَّم،
والكائن كذلك».
ينفتح النص على الطبيعة بنظرة قلقة، يؤكدها تتالي ضربات أدوات النفي، لكنه ليس نفياً نهائياً ولا قاطعاً، إنما يظل مسكوناً برخاوة المشهد، بحالة من حميمية التوتر والرؤية، فما تطمح إليه الذات هو تثبيت المشهد في الطبيعة وفي الزمن، عند نقطة ما، ربما تستعيد في ظلالها ذكرياتها وأشواقها وأحلامها أيضاً، لكنه طموح يشارف المستحيل، فكينونة الطبيعة مبنية على التحول في رباعية ثابتة تتشكل عبر فصولها الأربعة، ومن خلالها تتجدد دورة الحياة، وهي رباعية تتسم بنوع من الانسجام الكوني. من اللافت أن النص يلتقط هذا المعني ببساطة موحية، في صورة الطفل «وهو ينظر في قارب حياته»، وصورة العجوز «وهو يغمض قلبه كوردة»... هنا يطالعنا شكل من أشكال المقابلة النصية، بين زمنين، الطفولة في سمتها البكر الغض، والشيخوخة في سمتها المعتّق العبق؛ في الزمن الأول تمثل رمزية «القارب» تجسيداً لحيوية الطفولة، والإحساس بالبراءة والمغامرة، بينما في الزمن الآخر، تمثل الوردة تجسيداً لرمزية القلب المجهد فوق سلالم الزمن، لكنه مع ذلك يكتنز أنفاسه في عبق الوردة نفسها. ووراء كل هذا يحيل النص بشكل عفوي إلى حدوسات مباغتة للغة والإيقاع في الأشياء، «فالأشياء بموسيقاها الهادئة»، وليس بصخبها وضجيجها، وعنفوانها المباغت التي تفرضه تحولات الطبيعة على المشهد. كما يبدو في النص التالي:
«خريفٌ آخر
يبتر قدمَ آخر ورقة
وآخرَ عصفورٍ أيضاً
خريفٌ أخير
كحطَّاب ثملٍ
وقطيعُ حيوانات رمادية
تُرى..
ما الذي سيفعله الفجر إن استيقظ غداً
دون عصافير أو غصن،
والندى..
ماذا سيفعل بغيومه؟»
يقع الديوان في 127 صفحة، ولا تبرح مناخات عناوينه الداخلية التسعة عشر أجواء التساؤلات والهواجس حول الطبيعة، فبعضها يبدو مشدوداً إليها، كأنها سيرة خاصة للنص، مثل: «بينما الأزهار تتساقط، الغابة لا تحتمل الغابة، الوردة صباحاً، أغنية السماء الهائلة»، وبعضها الآخر يحاول التحليق بعيداً، مكتفياً بالنظر خلسة إلى الطبيعة، وكأنها عابر سبيل، أو مجرد أثر طارئ على النص، مثل: «لا بد من مرآة، أثر، مرافئ أخرى أيضاً، ست مسودات، ماذا أقول ليدكِ في الوداع». لكن يبقى السؤال الذي يتحسسه الديوان بنعومة شديدة: كيف تصبح الطبيعة الملاذ والبديل عن الفقد والحرمان، والإحساس بالوحدة والاغتراب والشتات. وعلى نحو خاص: هل الطبيعة تمثل الجمال الهارب من النص ومن الواقع أيضاً، وأن مهمة الذات الشاعرة هي اصطياده في نشوته البكر الخام.. يطالعنا هذا الهم على نحو ما في نص (ص31) يشبه المناجاة، يقول:
«خذ يدي أيها الطائر
وامنحهما بعضاً من حرية جناحيك
خذ فمي أيها الطائر
ولَقنه ما تشاء من تغريداتك
خذ عيني أيها الطائر
وأطلقهما في سماء حياتك
أيها الطائر
أيها الطائر
ليتني أهتدي إلى حياة أخرى /
حياتك».
يكشف النص في توسلاته اللاعجة عن حالة من النجوى الداخلية للتوحد بالطبيعة، بعناصرها وطيورها وكائناتها، تصل إلى حد الرغبة في الذوبان والخلاص بها، عوضاً عن الحرية المفقودة في الواقع، فالرغبة في التوحد بالطائر والتحليق بجناحيه، هي الرغبة نفسها في الانعتاق من الحيز الضيق الخانق، والبحث عن حياة أخرى، أكثر رحابة وانفتاحاً وحيوية، تشبه حياة الطائر.
في مقابل هذه النجوى، يطل الوجه الآخر كنقيض وضد للحلم بالطبيعة، وهو وجه هش ممتلئ بالصمم والخواء، لا يصمد أمام غضب الطبيعـة الذي يصعب السيطرة عليه واتقاء عواقبه القاسية. إنه وجه المدينة، وجه البلاد المتحفي خلف أقنعة الرصانة والثبات، وإيقاع الحياة اللاهث في غبار الميكنة وصراع الأضداد والتكنولوجيا، يقول النص مخاطباً هذا النمط:
«أيتها البلاد الواقفة على ربوة
أو بركان
صامتاً كتمثال
وحزيناً كقبر مهجور
ما من أثر لجرحٍ في خاصرة أيامنا
سوى ندبة غائرة في القلب
سوى نصل في يد الريح/
ينذر بالعاصفة».
يبلغ الحلم بالطبيعة توهجه شعرياً ودرامياً، حين يرقى إلى مستوى مشارفة الكينونة وفعل الوجود، مشرباً أحياناً بمسحة صوفية، ونثار من الصرخات المكتومة، تعلق فيها هموم الوطن السوري ومأساته الدامية، ففقد الوطن ليس فقداً للأشياء الحميمة، فحسب، وإنما أساساً فقد للحلم بالطبيعة:
«لَم تعد لدي أشياء حميمة
لَم يعد يعنيني شيء
حياتي التي في قفة
كقط مدلل أتركها على الحافة
لربما..
يتلقفها أي عابر».
يعتمد الشاعر كثيراً على بنية التكرار لكلمات وعبارات ذات دلالة معينة، بغرض الاختزال والتكثيف، وخلق نمو درامي مباغت في المشهد أو اللقطة الشعرية، لكنه كثيراً ما يقع في مصيدة التشابه، فيصبح التكرار عبئاً على النص، يشتت ما يحتويه على مستوى الرمز والدلالة والمعنى، خصوصاً في نصوص تتسم بالرهافة والبساطة الحانية في تراكيبها، وتنتمي إلى ما يمكن تسميته «شعرية اللمس»، حيث أغلب هذه النصوص أشبه بالومضات التليغرافية... مثلما يطالعنا في هذا النص (ص 25):
«بفمٍ باسم وعينٍ نصف مفتوحة
تنظر الصبية على بتلات الوردة الباكية
الوردة سرُّ الغابة
وحدها الصبية تدرك ذلك
الصبية بردائها المخملي الأحمر/
كراية
الصبية التي تنظر
وتبتسم
تماماً
تماماً
كالغدير».
لا يصعَّد تكرار كلمة «تماماً» كأداة للتوكيد، من جو التوتر في النص، فاللقطة أصلاً مبنية على حالة من الاسترخاء الشجية في النظر إلى الأشياء، وبها رائحة الأنوثة الغضة، كما أن الإحساس بالزمن يأخذ شكل الومضات الخافتة ببطء، ولا يحتمل اللهاث، والحالة فقط تحتاج للوثوق بذاتها في اللطشة الأخيرة، وليس عبر وسائط وزوائد تشكل عبئاً عليها من قبيل التكرار.. الأمر نفسه يطالعنا في نصوص كثيرة بالديوان تتكرر فيها ألفاظ وجمل بعينها، في أول النص وفي آخره، أو ينبني النص كله على التكرار. كما في نص (ص 68)، الذي وسم ظهر غلاف الديوان:
«كلُ طائر لا غصن له
كلُ غصن لا شجرة له
كلُ شجرة لا غابة لها
كلُ غابة لا شمس لها
كلُ شمس لا سماء لها
كلُ سماء لا ناظر إليها
كلُ ناظر لا عين له
فلينظر..
فلينظر بقلبه».
وبعد، لقد نجح الديوان في خلق موازاة شعرية شيقة إلى حد ما، مع الطبيعة، لكنه لم يستطع أن يخلق حواراً معها، تتعدد فيه مستويات الرؤية والتشكيل، ويصبح التكرار قيمة فنية تضيف للنص، وتخلق نوافذ إدراك جديدة له وللطبيعة معاً.



أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

أليخاندرا بيثارنيك
أليخاندرا بيثارنيك
TT

أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

أليخاندرا بيثارنيك
أليخاندرا بيثارنيك

يُقال إن أكتافيو باث طلب ذات مرة من أليخاندرا بيثارنيك أن تنشر بين مواطنيها الأرجنتينيين قصيدة له، كان قد كتبها بدافع من المجزرة التي ارتكبتها السلطات المكسيكية ضد مظاهرة للطلبة في تلاتيلوكو عام 1968. وعلى الرغم من مشاعر الاحترام التي تكنها الشاعرة لزميلها المكسيكي الكبير فإنها لم تستطع تلبية طلبه هذا، لأنها وجدت القصيدة سيئة. ربما يكون هذا مقياساً لعصرنا الذي ينطوي من جديد على صحوة سياسية، ليس أقلها بين الشباب، وفي الوقت الذي تتعرض فيه الشرطة للمتظاهرين وتطلق النار عليهم كما حدث عام 1968، فإن شاعرة «غير سياسية» بشكل نموذجي مثل أليخاندرا بيثارنيك تشهد اليوم انبعاثاً جديداً، ففي إسبانيا لقيت أعمالها الشعرية نجاحاً حقيقياً وهي مدرجة بانتظام في قوائم أهم شعراء اللغة الإسبانية للألفية الفائتة، وهي تُقرأ وتُذكر في كل مكان، بالضبط كما حدث ذلك في الأرجنتين خلال السبعينات.

وإذا لم أكن مخطئاً، فإن هذا النوع المميز من شعرها «الخالص» يُفهم على أنه أبعد ما يكون عن السياسة. إن انجذابها للاعتراف، وسيرتها الذاتية الأساسية، إلى جانب التعقيد اللغوي، تمنح شعرها إمكانية قوية لمحو الحدود بين الحياة والقصيدة، تبدو معه كل استعراضات الواقع في العالم، كأنها زائفة وتجارية في الأساس. إنها تعطينا القصيدة كأسلوب حياة، الحياة كمعطى شعري. وفي هذا السياق يأتي شعرها في الوقت المناسب، في إسبانيا كما في السويد، حيث يتحرك العديد من الشعراء الشباب، بشكل خاص، في ما بين هذه الحدود، أي بين الحياة والقصيدة.

تماماَ مثل آخرين عديدين من كبار الشعراء في القرن العشرين كانت جذور أليخاندرا بيثارنيك تنتمي إلى الثقافة اليهودية في أوروبا الشرقية. هاجر والداها إلى الأرجنتين عام 1934 دون أن يعرفا كلمة واحدة من الإسبانية، وبقيا يستخدمان لغة اليديش بينهما في المنزل، وباستثناء عم لها كان يقيم في باريس، أبيدت عائلتها بالكامل في المحرقة. في الوطن الجديد، سرعان ما اندمجت العائلة في الطبقة الوسطى الأرجنتينية، وقد رزقت مباشرة بعد وصولها بفتاة، وفي عام 1936 ولدت أليخاندرا التي حملت في البداية اسم فلورا. لقد كانت علاقة أليخاندرا بوالديها قوية وإشكالية في الوقت نفسه، لاعتمادها لوقت طويل اقتصادياً عليهما، خاصة الأم التي كانت قريبة كثيراً منها سواء في أوقات الشدة أو الرخاء، وقد أهدتها مجموعتها الأكثر شهرة «استخلاص حجر الجنون».

في سن المراهقة كرست أليخاندرا حياتها للشعر، أرادت أن تكون شاعرة «كبيرة» ووفقاً لنزعات واتجاهات الخمسينات الأدبية ساقها طموحها إلى السُريالية، وربما كان ذلك، لحسن حظها، ظرفاً مؤاتياً. كما أعتقد بشكل خاص، أنه كان شيئاً حاسماً بالنسبة لها، مواجهتها الفكرة السريالية القائلة بعدم الفصل بين الحياة والشعر. ومبكراً أيضاً بدأت بخلق «الشخصية الأليخاندرية»، ما يعني من بين أشياء أُخرى أنها قد اتخذت لها اسم أليخاندرا. ووفقاً لواحد من كتاب سيرتها هو سيزار آيرا، فإنها كانت حريصة إلى أبعد حد على تكوين صداقات مع النخب الأدبية سواء في بوينس آيرس أو في باريس، لاحقاً، أيضاً، لأنها كانت ترى أن العظمة الفنية لها جانبها الودي. توصف بيثارنيك بأنها اجتماعية بشكل مبالغ فيه، في الوقت الذي كانت نقطة انطلاق شعرها، دائماً تقريباً، من العزلة الليلية التي عملت على تنميتها أيضاً.

بعد أن عملت على تثبيت اسمها في بلادها ارتحلت إلى باريس عام 1960، وسرعان ما عقدت صداقات مع مختلف الشخصيات المشهورة، مثل خوليو كورتاثار، أوكتافيو باث، مارغريت دوراس، إيتالو كالفينو، وسواهم. عند عودتها عام 1964 إلى الأرجنتين كانت في نظر الجمهور تلك الشاعرة الكبيرة التي تمنت أن تكون، حيث الاحتفاء والإعجاب بها وتقليدها. في السنوات التالية نشرت أعمالها الرئيسية وطورت قصيدة النثر بشكليها المكتمل والشذري، على أساس من الاعتراف الذي أهلها لأن تكون في طليعة شعراء القرن العشرين. لكن قلقها واضطرابها الداخلي سينموان أيضاً ويكتبان نهايتها في الأخير.

أدمنت أليخاندرا منذ مراهقتها العقاقير الطبية والمخدرات وقامت بعدة محاولات للانتحار لينتهي بها المطاف في مصحة نفسية، ما ترك أثره في كتابتها الشعرية، بطبيعة الحال. وهو ما يعني أنها لم تكن بعيدة بأي حال عن الموت أو الأشكال المفزعة، إلى حد ما، في عالم الظل في شعرها بما يحوز من ألم، يعلن عن نفسه غالباً، بذكاء، دافعا القارئ إلى الانحناء على القصيدة بتعاطف، وكأنه يستمع بكل ما أوتي من مقدرة، ليستفيد من كل الفروق، مهما كانت دقيقة في هذا الصوت، في حده الإنساني. على الرغم من هذه الحقيقة فإن ذلك لا ينبغي أن يحمل القارئ على تفسير القصائد على أنها انعكاسات لحياتها.

بنفس القدر عاشت أليخاندرا بيثارنيك قصيدتها مثلما كتبت حياتها، والاعتراف الذي تبنته هو نوع ينشأ من خلال «التعرية». إن الحياة العارية تتخلق في الكتابة ومن خلالها، وهو ما وعته أليخاندرا بعمق. في سن التاسعة عشرة، أفرغت في كتابها الأول حياتها بشكل طقوسي وحولتها إلى قصيدة، تعكس نظرة لانهائية، في انعطافة كبيرة لا رجعة فيها وشجاعة للغاية لا تقل أهمية فيها عن رامبو. وهذا ما سوف يحدد أيضاً، كما هو مفترض، مصيرها.

وهكذا كانت حياة أليخاندرا بيثارنيك عبارة عن قصيدة، في الشدة والرخاء، في الصعود والانحدار، انتهاءً بموتها عام 1972 بعد تناولها جرعة زائدة من الحبوب، وقد تركت على السبورة في مكتبها قصيدة عجيبة، تنتهي بثلاثة نداءات هي مزيج من الحزن والنشوة:«أيتها الحياة/ أيتها اللغة/ يا إيزيدور».

ومما له دلالته في شعرها أنها بهذه المكونات الثلاثة، بالتحديد، تنهي عملها: «الحياة»، و«اللغة»، و«الخطاب» (يمثله المتلقي). هذه هي المعايير الرئيسية الثلاثة للاحتكام إلى أسلوبها الكتابي في شكله المتحرك بين القصائد المختزلة المحكمة، وقصائد النثر، والشظايا النثرية. ولربما هذه الأخيرة هي الأكثر جوهرية وصلاحية لعصرنا، حيث تطور بيثارنيك فن التأمل والتفكير الذي لا ينفصل مطلقاً عن التشابك اللغوي للشعر، لكن مع ذلك فهو يحمل سمات الملاحظة، أثر الذاكرة، واليوميات. في هذه القصائد يمكن تمييز نوع من فلسفة الإسقاط. شعر يسعى إلى الإمساك بالحياة بكل تناقضاتها واستحالاتها، لكن لا يقدم هذه الحياة أبداً، كما لو كانت مثالية، وبالكاد يمكن تعريفها، على العكس من ذلك يخبرنا أن الحياة لا يمكن مضاهاتها أو فهمها، لكن ولهذا السبب بالتحديد هي حقيقية. في قصائد أليخاندرا بيثارنيك نقرأ بالضبط ما لم نكنه وما لن يمكن أن نكونه أبداً، حدنا المطلق الذي يحيط بمصيرنا الحقيقي الذي لا مفر منه، دائماً وفي كل لحظة.

* ماغنوس وليام أولسون Olsson ـ William Magnus: شاعر وناقد ومترجم سويدي. أصدر العديد من الدواوين والدراسات الشعرية والترجمات. المقال المترجَم له، هنا عن الشاعرة الأرجنتينية أليخاندرا بيثارنيك، هو بعض من الاهتمام الذي أولاه للشاعرة، فقد ترجم لها أيضاً مختارات شعرية بعنوان «طُرق المرآة» كما أصدر قبل سنوات قليلة، مجلداً عن الشاعرة بعنوان «عمل الشاعر» يتكون من قصائد ورسائل ويوميات لها، مع نصوص للشاعر وليام أولسون، نفسه. وفقاً لصحيفة «أفتون بلادت». على أمل أن تكون لنا قراءة قادمة لهذا العمل. والمقال أعلاه مأخوذ عن الصحيفة المذكورة وتمت ترجمته بإذن خاص من الشاعر.