«نداء تونس» تجري تعديلات على هياكلها.. والإعلان عن رئيس الحكومة اليوم

اغتيال رجل أمن ذبحا.. واعتقال 9 مشتبه فيهم

«نداء تونس» تجري تعديلات على هياكلها.. والإعلان عن رئيس الحكومة اليوم
TT

«نداء تونس» تجري تعديلات على هياكلها.. والإعلان عن رئيس الحكومة اليوم

«نداء تونس» تجري تعديلات على هياكلها.. والإعلان عن رئيس الحكومة اليوم

أجرت الهيئة التأسيسية لحركة نداء تونس (100 شخصية سياسية) مجموعة من التعديلات على هياكلها في خطوة لإعادة ترتيب البيت الداخلي من جديد بعد نجاحها في الانتخابات البرلمانية ووصول رئيسها إلى قصر قرطاج.
وبعد استقالة الباجي قائد السبسي من رئاسة الحزب كما ينص على ذلك الدستور التونسي الجديد الذي يمنع الجمع بين رئاسة الجمهورية ورئاسة أحد الاحزاب السياسية، جاء الدور على بقية الهياكل السياسية لتجري تعديلات فرضتها المرحلة السياسية الجديدة.
وأعلن محسن مرزوق، مدير حملة قائد السبسي الرئاسية، عن تخليه عن مهامه كمكلف العلاقات الخارجية في حركة نداء تونس، ليتفرغ لمنصب جديد، هو وزير مستشار لدى رئيس الجمهورية. كما تخلى رضا بلحاج عن منصبه كمدير تنفيذي للحركة ليشغل منصب مدير الديوان الرئاسي.
ونتيجة لهذه التغييرات الهيكلية المهمة، أوكلت إلى محمد الناصر رئيس البرلمان، مهمة الرئاسة بالنيابة لحركة نداء تونس. وكان الناصر يشغل قبل إجراء الانتخابات منصب نائب رئيس نداء تونس.
وسيواصل الناصر القيام بهذه المهمة إلى حين عقد المؤتمر الأول لحركة نداء تونس المتوقع في شهر يونيو (حزيران) المقبل. وأصبح بوجمعة الرميلي مديرا تنفيذيا لحركة نداء تونس بعد انتقال بلحاج إلى الديوان الرئاسي. ونفى الرميلي خبر تخلي بلحاج ومرزوق عن عضوية الحركة، وقال إنهما سيواصلان الانتماء إلى الحزب السياسي الذي أوصلهما إلى السلطة. وبشأن تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، وتعيين مرشح لتولي رئاستها، أكد الرميلي أن الإعلان عن الشخصية التي ستتولى تشكيل الحكومة لن يتجاوز نهار اليوم (الاثنين)، وذلك بهدف احترام مقتضيات الدستور التونسي الجديد، الذي ينص على تعيين مرشح لرئاسة الحكومة في غضون أسبوع من الإعلان النهائي عن نتائج الدور الثاني للانتخابات الرئاسية.
وأكد أكثر من مصدر من حركة نداء تونس لـ«الشرق الأوسط» على أن الاتفاق بشأن تشكيلة الحكومة التونسية الجديدة أصبح «شبه جاهز»، وأن التركيبة الحكومية تكاد تكون مكتملة بنسبة 90 في المائة. ومن المنتظر أن تحصل المرأة التونسية على 6 حقائب وزارية، وهو ما يقارب 20 في المائة من عدد الوزارات المزمع تشكيلها.
ولم تحسم قيادات حركة نداء تونس أمرها بشأن الإبقاء على بعض وزراء مهدي جمعة، وخاصة الوزارات ذات الصبغة الفنية، وذلك نتيجة وجود معارضة قوية لبقائهم في الحكومة الجديدة.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المعارضة صادرة عن أحد مكونات حركة نداء تونس وبعض الأطراف المتحالفة معها. وينظر أكثر من طرف سياسي، وخاصة حركة النهضة، باهتمام شديد إلى الأسماء المرشحة لتولي وزارات السيادة (الداخلية والعدل والدفاع والخارجية) نتيجة الاتهامات الموجهة لقيادات الحركة بدعم الإرهاب والتساهل معه، وعدم الحسم في ملفات الاغتيال السياسي بالنسبة لشكري بلعيد ومحمد البراهمي.
على صعيد آخر، تعرض رجل أمن (23 سنة) للذبح في منطقة الفحص من ولاية (محافظة) زغوان (60 كلم جنوب العاصمة التونسية). ووجهت وزارة الداخلية التونسية مسؤولية الاغتيال إلى العناصر التكفيرية، وقالت في بيان لها إن «عملية القتل جرت على أيدي مجموعة متطرفة تكفيرية حسب الأبحاث والمعاينات الأولية».
وأشار البيان إلى القبض على منفذ العملية، وهو عنصر سلفي تكفيري، ومن جيران الضحية. وأضاف أن المجموعة التكفيرية ترصدت رجل الأمن ونفذت عملها الإرهابي، ونفى البيان أن تكون مشكلات شخصية وراء عملية الاغتيال. وحسب التفاصيل الأولية التي أوردتها وزارة الداخلية التونسية، فإن رجل الأمن، وهو برتبة محافظ شرطة، كان عائدا إلى منزله نحو الساعة الواحدة من فجر يوم أمس مرتديا زيه الأمني حينما باغتته مجموعة مجهولة وذبحته من الوريد إلى الوريد. وذكر شهود عيان أن المجني عليه تلقى كذلك طعنة في القلب قبل ذبحه.
وعلى الفور وجهت التهمة إلى العناصر التكفيرية التي غالبا ما تعتمد هذه الطريقة في تهديدها لعناصر الأمن والجيش الذين تصفهم بـ«الطاغوت». وحال علمها بعملية الاغتيال، انطلقت قوات مختصة في مقاومة الإرهاب إلى منطقة الفحص للبحث والقبض على الجناة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.