تمثل الانتخابات الأميركية لعام 2020 المرة الأولى التي يكون فيها المواطنون اللاتينيون أو «الهيسبانيك» أكبر أقلية عرقية في العملية الانتخابية؛ إذ وصل عددهم إلى 32 مليون مقترع مؤهل. وسعى الباحثون إلى التعرف مسبقاً على اتجاهاتهم والآثار المحتملة لمشاركتهم في ترجيح كفة الرئيس الجمهوري دونالد ترمب الذي يحاول البقاء رئيساً لأربع سنوات إضافية، أو في رفع منافسه الديمقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن إلى البيت الأبيض.
ويفيد استطلاع أجرته الرابطة الوطنية للمسؤولين المنتخبين والمُعينين من اللاتينيين، بأن 65 في المائة من اللاتينيين البالغ عددهم 32 مليون ناخب يعتزمون التصويت لمصلحة بايدن أو أنهم يميلون إليه. غير أن هذه النسبة لا تزال أقل بـ14نقطة مئوية من الـ79 في المائة من الناخبين اللاتينيين الذين قالوا إنهم يؤيدون كلينتون في استطلاعات أجريت عشية انتخابات عام 2016. ومع أن الناخبين اللاتينيين يميلون بشكل عام إلى الحزب الديمقراطي أكثر من الحزب الجمهوري، فإنهم لا يصوتون ككتلة واحدة، ففي عام 2016، صوّت واحد على الأقل من كل خمسة ناخبين لاتينيين لمصلحة ترمب، ويصوّت اللاتينيون في فلوريدا بطريقة مختلفة تماماً عن تصويت هذه الفئة في جنوب غربي البلاد أو شمال شرقها. وهذه الاختلافات مهمة بشكل خاص بسبب حجم السكان اللاتينيين في عدد من الدول المتأرجحة الرئيسية. وعلى رغم ذلك، خفف الديمقراطيون لأسباب غير معروفة حملة بايدن لكسب المزيد من أصوات اللاتينيين، في حين تدرك حملة الجمهوريين أن ترمب يواجه طريقاً شاقة لنيل أصوات المقترعين من الأميركيين من أصول إسبانية أو لاتينية. من الواضح أن حجم هذه الفئة من المقترعين وتنوعها يجعل الأمر أكثر صعوبة على أي مرشح - حتى لو كان ديمقراطياً - أن يأخذ الناخبين اللاتينيين كأمر مسلم به. ولكن من الناحية الأخرى، هناك الكثير من الانقسامات السياسية بين الناخبين اللاتينيين، على أساس الجنس والعمر والدين، فضلاً عن اعتبارات فريدة مثل المدة التي عاشها الناخبون اللاتينيون في الولايات المتحدة أو في وطنهم الأصلي. وبسبب هذه الانقسامات، يمكن أن ينتهي «التصويت اللاتيني» بالتساوي غير المفيد في عدد من الولايات الرئيسية، مع استفادة بايدن في بعض الحالات، واستفادة ترمب في حالات أخرى.
نسب عالية في كثير من الولايات
أصواتهم يمكن أن تكون حاسمة في الكثير من الولايات، ولا سيما المتأرجحة منها؛ لأنهم يشكّلون نسبة مرتفعة من القوة الانتخابية. ويشكل هؤلاء نسبة 42.2 في المائة من أصوات المقترعين في نيومكسيكو، و29.4 في المائة في تكساس، و29.4 في المائة في كاليفورنيا، و22.7 في المائة في أريزونا، و18.4 في المائة في نيفادا، و15.2 في المائة في كولورادو، و14.4 في المائة في نيوجرسي، و14.3 في المائة في نيويورك، و1.61 في المائة في كونيتيكيت. وفي محاولة لاستمالة اللاتينيين في ولاية أريزونا، حيث تصل نسبتهم إلى 22.7 في المائة، نظمت الحملة الجمهورية طاولة مستديرة تحت شعار «لاتينيون من أجل ترمب» لإقناع الناخبين بأن بايدن يقف بجانب اليسار الراديكالي في الحزب الديمقراطي وبالتالي سيوجه الولايات المتحدة نحو الاشتراكية، التي هرب منها هؤلاء من دول يحكمها زعماء اشتراكيون أو شيوعيون، مثل فنزويلا وكوبا. وقال ترمب «جاء الكثير من الأميركيين من أصل إسباني إلى هنا سعياً إلى الحلم الأميركي»، مضيفاً أن الديمقراطيين «يريدون كابوساً أميركياً». وأكد أن أميركا «لن تكون فنزويلا أخرى». تلافى مناقشة الهجرة ليركز عوض ذلك على الإنجازات الاقتصادية لإدارته و«تفانيه الذي لا يتزعزع لمجتمعات الأميركيين من أصل إسباني». وأفاد مركز «بيو «للأبحاث والاستطلاعات، بأن 69 في المائة من الناخبين من أصل إسباني صوّتوا للديمقراطيين مقارنة بـ29 في المائة فقط للجمهوريين في الانتخابات النصفية للكونغرس عام 2018، علماً بأن الخطاب المتشدد الذي يعتمده ترمب حيال الهجرة أدى إلى إبعاده أكثر عن الناخبين من الجيلين الأول والثاني من اللاتينيين، مشيراً إلى أنه في ولاية أريزونا المتأرجحة بين ترمب وبايدن، يشكل اللاتينيون ربع أصوات الناخبين.
في فلوريدا المتأرجحة
خلافاً لأريزونا، حيث يمكن أن يكون صوتهم حاسماً لمصلحة الديمقراطيين، يتطلع كل من ترمب وبايدن إلى اللاتينيين في ولاية فلوريدا المتأرجحة أيضاً، وفيها عدد كبير من السكان من أصل لاتيني، ولا سيما أن الاستطلاعات تظهر أنهم منقسمون بالتساوي بين المرشحين. وعلى رغم أن هيلاري كلينتون حصلت على 59 في المائة من أصوات الأميركيين من أصل إسباني مقابل 36 في المائة لمصلحة ترمب عام 2016، وحصل الأخير على أصوات الولاية في المجمع الانتخابي، علماً بأن الناخبين اللاتينيين في فلوريدا أكثر ميلاً إلى الجمهوريين من الناخبين من أصل إسباني في كل أنحاء البلاد بسبب العدد الكبير من الكوبيين الأميركيين في الولاية. على الصعيد الولايات المتحدة، لا يتوافر سوى القليل لقياس آراء الناخبين اللاتينيين هذا العام، وما إذا كانت ستختلف عما كانت عليه قبل أربع سنوات. ويعترف البعض في فريق بايدن بأنه ربما لا ينال من اللاتينيين الهوامش التي فازت بها كلينتون. وقال كبير الاستراتيجيين الديمقراطيين كريستوبال أليكس، إن حملة بايدن تنشر الكثير من الإعلانات باللغة الإسبانية منذ أشهر. وأفاد استطلاع على المستوى الوطني أجراه أخيراً موقع «ريل كلير بوليتيكس»، بأن نائب الرئيس السابق يتقدم على الرئيس الحالي بـ7.4 نقاط مئوية، علماً بأن هذه النسبة كانت 7.7 نقاط مئوية قبل شهر واحد و8.8 نقاط مئوية قبل شهرين. ويفيد استطلاع جديد أجرته شبكة «فوكس نيوز»، بأن بايدن يتقدم على ترمب بمعدل 46 - 51 نقطة مئوية بين الناخبين اللاتينيين المحتملين. وكان استطلاع «ريل كلير بوليتيكس» أظهر قبل أربع سنوات أن المرشحة الديمقراطية عام 2016 هيلاري كلينتون تتقدم على ترمب بـ2.3 نقطتين مئويتين في فلوريدا. ووصل تقدمها على المستوى الوطني إلى 3.2 نقاط عشية الانتخابات، وانتهى الأمر بفوزها في التصويت الشعبي الوطني بنسبة 2 في المائة. لكن ترمب وصل إلى البيت الأبيض بفضل حصوله على الأصوات اللازمة في المجمع الانتخابي.