«سد النهضة»: إثيوبيا تستنفر «دبلوماسياً» لتبرير موقفها بعد انتقادات أميركية

«سد النهضة»: إثيوبيا تستنفر «دبلوماسياً» لتبرير موقفها بعد انتقادات أميركية
TT

«سد النهضة»: إثيوبيا تستنفر «دبلوماسياً» لتبرير موقفها بعد انتقادات أميركية

«سد النهضة»: إثيوبيا تستنفر «دبلوماسياً» لتبرير موقفها بعد انتقادات أميركية

تسعى إثيوبيا للرد على انتقادات أميركية وجهت إليها بسبب نزاعها مع مصر حول «سد النهضة»، وذلك عبر حملة دولية لـ«تبرير موقفها أمام العالم»، فيما تعده «حقها في التنمية». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، السفير دينا مفتي، أمس، إن بلاده ستواصل «جهودها القصوى لتوضيح مزيد من الالتباسات التي قد تنشأ بين المجتمع الدولي حول حقوقها العادلة».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد حذر (الجمعة) من «وضع خطر جداً» بسبب «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على نهر «النيل الأزرق»، ملوحاً بأن مصر قد تعمد إلى «تفجير» السد، الأمر الذي أغضب إثيوبيا، فاستدعت السفير الأميركي في أديس أبابا لطلب «إيضاحات».
وبدأت إثيوبيا تشييد السد على الرافد الرئيسي لنهر النيل عام 2011، بهدف «توليد الكهرباء»، غير أن مصر تخشى من تأثيره على حصتها من المياه التي تتجاوز 55 مليار متر مكعب سنوياً، تأتي أغلبها من النيل الأزرق.
وعد المتحدث باسم وزارة الخارجية، السفير دينا مفتي، في تصريحات نشرتها «وكالة الأنباء الإثيوبية» الرسمية أمس، أن الخطاب الأخير الذي ألقاه الرئيس الأميركي دونالد ترمب «يفتقر تماماً إلى الأهمية، وهو أمر لا يمكن تحقيقه». وشدد على أن بلاده «ستواصل جهودها القصوى، في محاولة لتوضيح مزيد من الالتباسات التي قد تنشأ بين المجتمع الدولي حول حقوقها العادلة فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي الكبير».
وأشار إلى أن «أي نوع من التعليقات غير البناءة التي يتم الإدلاء بها بشأن سد النهضة لا علاقة لها بالموضوع، وهي لا تحترم حقوق دولة ذات سيادة وشعبها في التنمية باستخدام مواردها الطبيعية». ولفت المسؤول الإثيوبي إلى «أنشطة دبلوماسية من خلال مؤسساتها المختلفة، بما في ذلك السفارات والمكاتب القنصلية وغيرها من الآليات، من أجل توعية المجتمع الدولي بحق إثيوبيا فيما يتعلق بسد النهضة».
وتقول إثيوبيا إن المشروع البالغة كلفته 4 مليارات دولار «ضروري لازدهارها». وانتهت عملية بناء السد الإثيوبي بنسبة 73 في المائة. وقبل نحو أسبوع، أقر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن بلاده تواجه تحديات مالية وفنية في بناء سد النهضة، غير أنه تعهد بـ«التغلب عليها».
وتتهم إثيوبيا واشنطن بالانحياز لصالح مصر. وسبق أن رفضت أديس أبابا التوقيع على اتفاق، في فبراير (شباط) الماضي، برعاية وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي. وبحسب السفير دينا، فإن «الجهود جارية لتعزيز التعاون الثنائي مع دول الجوار والشرق الأوسط وأوروبا وآسيا، بالإضافة إلى أميركا الشمالية واللاتينية، بما يحترم مصالح البلاد».
وفي سياق الحملة الإثيوبية، قال الدكتور يعقوب أرسانو، أحد المفاوضين الإثيوبيين بشأن سد النهضة، إن تصريحات ترمب «لا تضع في الحسبان التعاون القوي منذ فترة طويلة بين شعوب وحكومتي إثيوبيا والولايات المتحدة»، وعدها «تتعارض مع المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر على الدول المشاركة في تصعيد الأعمال العدائية بين الدول».
ولم تعلق مصر -رسمياً- على تصريحات ترمب. لكن اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري، قال لـ«الشرق الأوسط»، أول من أمس، إن تصريحات الرئيس الأميركي «لا تترجم نوايا مصر»، وإن «بلاده مستمرة في مساعيها للوصول إلى اتفاق عادل ملزم، عبر الطرق السلمية كافة».
وتأتي التطورات الأخيرة في ظل تجمد المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان منذ نهاية أغسطس (آب) الماضي، بعد خلافات فنية وقانونية، حيث تطالب مصر والسودان باتفاق قانوني ملزم، يشمل النص على قواعد أمان السد، وملئه في أوقات الجفاف، ونظام التشغيل، وآلية فض النزاعات. وتجري المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي، لكن الاتحاد فضل التزام «صمت» أمام تلك التطورات، وسط مصير غامض لتلك المفاوضات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».