سوريا: «الإدارة الذاتية» شرق الفرات تدرس العودة إلى الإقفال الجزئي

سجلت 411 حالة إصابة مؤكدة و8 حالات وفاة خلال يومين

سوريا: «الإدارة الذاتية» شرق الفرات تدرس العودة إلى الإقفال الجزئي
TT

سوريا: «الإدارة الذاتية» شرق الفرات تدرس العودة إلى الإقفال الجزئي

سوريا: «الإدارة الذاتية» شرق الفرات تدرس العودة إلى الإقفال الجزئي

في ظل تصاعد فيروس «كورونا» المستجد والتخوف من الانزلاق إلى مستويات أكثر خطورة، تدرس «الإدارة الذاتية لشمال وشرق» سوريا فرض إجراءات أكثر صرامة، من بينها العودة إلى الإقفال الجزئي ومنع التجمعات والحفلات ونصب خيام العزاء، واتخاذ تدابير احترازية على المعابر والمنافذ الحدودية مع بداية فصل الشتاء.
وسجلت هيئة الصحة التابعة للإدارة خلال الـ48 ساعة الماضية 411 حالة إصابة جديدة ليرتفع العدد إلى 3798 حالة مؤكدة، كما سجلت أعلى حصيلة يومية لحالات الوفاة بعد إضافة 8 حالات خلال يومين لترتفع إلى 112 وفاة، وشفاء 672 حالة.
وقال الدكتور جوان مصطفى، رئيس هيئة الصحة، إن الزيادة في عدد الحالات في الأيام الماضية تثير القلق، وشدد على أن إهمال الأهالي وعدم إحساسهم بالمسؤولية بالتعامل مع الجائحة، «قد يعرّض المنطقة للخطر، لذلك مطلوب من الجميع أخذ الحيطة والحذر والحفاظ على الوقاية، لأن حمايتهم الشخصية تؤمّن حماية المجتمع».
وتعاني مناطق شرق الفرات أساساً من نقص في المعدات الصحية والطبية بعد توقف المساعدات عبر معبر اليعربية بفيتو روسي - صيني بداية العام الجاري، مما يشكل تهديداً مضاعفاً يفرضه انتشار فيروس «كورونا المستجد». وحذّرت منظمات إنسانية دولية ومحلية ومسؤولون أكراد من العجز عن احتواء انتشار المرض.
ولم يستبعد المسؤولون الأكراد أن تدخل المنطقة مرحلة جديدة واحتمال حدوث انفجار صحي مع بداية حلول فصل الشتاء. وأشار جوان مصطفى إلى أن «الوضع الصحي تحت السيطرة حتى الآن، وأغلب الحالات خفيفة ومتوسطة لا تظهر عليها أعراض خطيرة»، لكنه حذر في نفس الوقت من «قرب الشتاء وانخفاض درجات الحرارة مما يساعد الفيروس على الانتشار، ويعطي بقاءه مدة أطول وبذلك تزداد فرص انتقاله من شخص لآخر».
غير أن الكثير من المتابعين والمراقبين يشتكون من عدم تقيد سكان المنطقة بالإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي، مثل التحرك في أماكن مكتظة ضمن الأسواق والأماكن العامة والتجمعات الاحتفالية دون ارتداء الكمامات وأخذ التدابير المطلوبة، وأطلق نشطاء وفعاليات مجتمعية ومدنية هاشتاغات وحملات توعوية تدعو الأهالي إلى ارتداء الكمامة والحفاظ على مسافة أمان وعدم الخروج من المنزل إلا للحالات الضرورية والعمل والدراسة. وتسبب النزاع الدائر في سوريا منذ 9 سنوات في خسائر فادحة في أنظمة الرعاية الصحية، حيث دُمر الكثير من المستشفيات وخرج العديد من النقاط الطبية والعيادات عن الخدمة.
إلى ذلك، أنهت منظمة الصحة العالمية حملة تلقيح شلل الأطفال في بلدة عين العرب «كوباني» بريف حلب الشرقي، شملت 25 ألفاً من أبناء البلدة وريفها بالتعاون مع منظمة «الهلال الأحمر الكردي» وهي منظمة محلية طبية تعمل في مناطق الإدارة الذاتية. وذكر قائد فريق المنظمة عبدي العلي، أن الحملة استمرت خمسة أيام بدأت الأسبوع الماضي وانتهت أمس، «وشملت تطعيم الأطفال من عمر يوم واحد وحتى خمسة أعوام بلقاح ضد شلل الأطفال، حيث وصل 25 ألف جرعة ولقاح من منظمة الصحة العالمية».
وأوضح أن الحملة شارك فيها 60 متطوعاً وعضواً من الهلال الأحمر بالتعاون مع مديريات الصحة في البلدة وإقليم الفرات، ولفت إلى أن «شهر فبراير (شباط) الماضي قمنا بالتعاون مع الصحة العالمية بتوزيع الجرعة الأولى وشملت لقاح 25 ألف طفل آنذاك أيضاً، بعد توقف حملات التلقيح لعامين بسبب نقص اللقاحات والتوترات العسكرية الميدانية».
في السياق، بدأت هيئة التربية والتعليم ببلدة «كوباني» أمس، تطبيق نظام جديد للدوام المدرسي، يقوم على توزيع الطلاب في الشعبة الصفية على دوامين، حيث يرتاد الطلاب 3 أيام فقط ضمن الأسبوع خشيةً من تفشي الجائحة. وكانت الهيئة قد أصدرت مجموعة قوانين تنظيم العملية التربوية لهذا العام من بينها تحقيق قواعد التباعد الاجتماعي في المدارس للحفاظ على صحة الطلاب.
وأوضح مسؤولو الهيئة أن النظام التعليمي الجديد يهدف إلى تقليل الطلاب بالصف الواحد على ألا يتجاوز عددهم 18، وسيشمل كل المدارس سيما الفصول التي يجلس فيها نحو 30 طالباً أو أكثر، إلى جانب منع الدروس الترفيهية مثل الرسم والموسيقى ودروس الرياضة الصباحية، لإتاحة فرصة أكبر لتعلم المواد العلمية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.