حضور غير مسبوق لصور أسماء الأسد في حفل شعبي

مخلوف يطالب بالإفراج عن مبلغ تبرع به لمتضرري الحرائق

صورة ضخمة لأسماء الأسد على جدار ملعب في حمص مقتطعة من فيديو حفل العرين
صورة ضخمة لأسماء الأسد على جدار ملعب في حمص مقتطعة من فيديو حفل العرين
TT

حضور غير مسبوق لصور أسماء الأسد في حفل شعبي

صورة ضخمة لأسماء الأسد على جدار ملعب في حمص مقتطعة من فيديو حفل العرين
صورة ضخمة لأسماء الأسد على جدار ملعب في حمص مقتطعة من فيديو حفل العرين

في سابقة بتاريخ عائلة الأسد التي تحكم سوريا منذ عام 1970، ارتفعت صورة ضخمة لزوجة الرئيس السوري، أسماء الأسد، في الاجتماع السنوي الأول لمؤسسة «العرين» الإنسانية، الذي أقيم بملعب حي باب عمرو في مدينة حمص (الذي دمره النظام عام 2012)، حيث جلبت المؤسسة نحو عشرين ألف شخص، من مصابين وجرحى وذوي قتلى من قوات النظام.
وتعد هذه المرة الأولى التي ترتفع فيها صورة امرأة محسوبة على النظام السوري، في حفل شعبي، بحجم يعادل حجم صور رأس النظام، حيث احتلت صورة أسماء الأسد واجهة أحد الأبنية المطلة على ساحة الملعب، بينما ارتفعت على مبنى مجاور صورة للرئيس الأسد مع العلم الوطني.
مصادر متابعة في دمشق، رأت في هذا المنحى الجديد «إحدى الرسائل من أسماء الأسد إلى الحاضنة الشعبية للنظام، لجمعهم حولها في مواجهة رسائل رامي مخلوف ابن خال الرئيس، بعد انتصارها عليه واستبعاده من الواجهة الاقتصادية للنظام السوري». وقد لوحظت كثافة هذه الرسائل بعد إعلان مخلوف، في 13 من الشهر الحالي، التبرع بسبعة مليارات ليرة سورية (حوالي ثلاثة ملايين دولار). وهي جزء من أرباح مؤسسة «راماك» من أسهمها في شركة «سيرتيل».
يشار إلى أن أسماء الأسد قامت قبل أسبوعين بجولة إلى قرى الساحل المتضررة من الحرائق التي نشبت مطلع الشهر الحالي في منطقتي الساحل والغاب، وظهرت وحيدة في جولتها رغم تزامنها مع جولة الرئيس الأسد إلى المناطق ذاتها، فيما بدا، آنذاك، تقاسم أدوار داخل النظام، في الاقتراب من العائلات المتضررة والغاضبة من الإهمال والعجز الحكومي.
ورداً على تبرع مخلوف لضحايا الحرائق، أعلنت «الأمانة السورية للتنمية»، المنظمة غير الحكومية التي تشرف عليها أسماء الأسد، عن حملة تبرعات للمتضررين، وحسب بيان لها، السبت، فإن الحملة لاقت «تجاوباً كبيراً»، إذ بلغ حجم التبرعات خلال أسبوعين ستة مليارات ليرة سورية (ما يقارب مليونين ونصف المليون دولار أميركي).
في المقابل، لم يتأخر رد رامي مخلوف، الذي تم الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة لعدم تسديده مستحقات للدولة على شركة «سيرتيل»، وعبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، بالمطالبة، أمس الأحد، للمعنيين في النظام والحكومة، بتسهيل صرف المبلغ الذي تبرع به لمتضرري الحرائق التي حصلت مؤخراً في منطقتي الساحل والغاب، من أرباح شركة «سيرتيل»، لأن الحجز على أمواله وليس على الشركة. وقال مخلوف إن قانون الشركة ينص على أنه بإمكان 10 في المائة من المساهمين، الطلب لعقد هيئة عامة وتوزيع الأرباح، إذ يتوجب على شركة «سيريتل»، و«بقوة القانون»، دفع مبلغ ٧ مليارات تُصرف على «المتضررين من الحرائق». وشدد على ضرورة عدم التأخر في الصرف، لأن «الظروف الاقتصادية صعبة»، وهناك ما يقارب ٦٠٠٠ عائلة تنتظر توزيع أرباح الشركة بفارغ الصبر لتأمين لقمة العيش. وأن مبلغ المنحة ليس من المبالغ المحجوز عليها، كون الحجز على رامي مخلوف شخصياً، وليس على شركة «سيريتل»، ولا على شركائها، فليس هناك أي مشكلة بالدفع طالما أن المبلغ ليس لشخصه. وقد انتهز هذه المناسبة، ليؤكد، أن «شركة (سيريتل) ليست للدولة، وإنما تتقاضى الدولة من عائداتها، ٢٠ في المائة، أي ما يعادل 50 في المائة تقريباً من أرباحها، وهي شركة مساهمة عامة طرحت جزءاً من أسهمها للاكتتاب العام، وبموجبه، يملكها أكثر من ٦٠٠٠ مساهم».
وفيما بدا تحريضاً على النظام، تمنى مخلوف على المعنيين، أن «لا يحرموا أهلنا من هذه المساعدة فهم بأمس الحاجة لها، وألا يحاولوا خلق الأعذار، فكل الإجراءات قانونية ودستورية (....) فنحن خلقنا لنساعد بقوة من أعطانا الساعد».
رد مخلوف جاء بعد حفل، وصف بـ«الاستفزازي»، أقامته شركة الاتصالات «إيماتيل»، الخميس الماضي، لإطلاق هاتفiPhone12 & iPhone12» «Pro، بشكل «رسمي في سوريا بكفالة (إيماتيل)»، حسب إعلان الشركة التي أخذت اسمها من «إيما»، الاسم الشهير لأسماء الأسد فترة إقامتها في بريطانيا. وفي تحدٍ للعقوبات الدولية وقانون قيصر، أعلنت الشركة أنها «أول شركة سورية توفر الهاتف رسمياً في الشرق الأوسط، وحصرياً في دمشق، وذلك قبل البدء ببيعه رسمياً في المنطقة العربية، وبعد الإعلان عنه بعشر أيام فقط من شركة (آبل)». ورأت المصادر المتابعة في دمشق، أن الرسالة من هذا الحفل هي التأكيد على «قدرة النظام على التغلب أو التحايل على أعتى العقوبات الاقتصادية».
على المقلب الآخر للصراع حول السيطرة على اقتصاد سوريا بين أسماء الأسد وابن خال زوجها، تتواصل خيبات الأمل في أوساط الموالين، لا سيما الفقراء الذين يعانون من شتى أنواع الأزمات المعيشية، لتتوج بإهانة وإذلال منقطعي النظير، حيث أفادت وسائل إعلامية موالية وحسابات في مواقع «السوشيال ميديا»، لمشاركين في حفل مؤسسة «العرين الإنسانية الخدمية»، التي تعنى بجرحى ومصابي النظام، بأن الجمهور الذي حُمل بالباصات إلى ملعب باب عمرو وسط إجراءات أمنية مشددة، توقع حضور الرئيس الأسد، وفي أضعف الإيمان توزيع المساعدات عليهم، لكن بعد خمس ساعات من الانتظار تحت الشمس، والتصوير الجوي، رمي إليهم بزجاجة ماء وقطعة بسكويت، مع خطابات مختزلة لمسؤولين في مؤسسة «العرين»، آخرها طلب منهم إخلاء الملعب بهدوء!



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.