«تفكك العولمة» محور الدورة التاسعة لـ«الحوارات الاستراتيجية»

تنظم في باريس والرباط بمشاركة خبراء من البلدين

الوزيرة المغربية السابقة نزهة الشقروني تدير الجلسات
الوزيرة المغربية السابقة نزهة الشقروني تدير الجلسات
TT

«تفكك العولمة» محور الدورة التاسعة لـ«الحوارات الاستراتيجية»

الوزيرة المغربية السابقة نزهة الشقروني تدير الجلسات
الوزيرة المغربية السابقة نزهة الشقروني تدير الجلسات

ينظم «مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد» بالمغرب، و«مركز الدراسات الجيوسياسية» التابع لـ«المدرسة العليا للتجارة» في باريس، الدورة التاسعة من «الحوارات الاستراتيجية»، في موضوع «تفكك العولمة».
وسيتوزع تنظيم هذه الحوارات بين صباح يوم الثلاثاء المقبل في باريس وبعد الظهر في الرباط، فيما يمكن متابعتها على صفحات «مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد»، في «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب»، على أن يكون جدول الأعمال، على مستوى باريس، تحت عنوان «النماذج الجديدة للنظام العالمي: بين العولمة والحمائية»؛ إذ سيتضمن مداخلات كل من فرنسوا باروان، وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي السابق في موضوع «الأزمات المالية وعواقبها»؛ وباسكال شينوا، مدير «مركز الدراسات الجيوسياسية» التابع لـ«المدرسة العليا للتجارة» في موضوع «عصر الحمائيات الشرسة»؛ وهنري لوي فيدي، الباحث في «مركز الدراسات الجيوسياسية» التابع لـ«المدرسة العليا للتجارة»، في موضوع «عملية تفكك العولمة: واقع أم خيال؟»؛ وجيريمي غيز، الباحث في «مركز الدراسات الجيوسياسية» التابع لـ«المدرسة العليا للتجارة» في موضوع «نحو نظامين عالميين متنافسين؟»؛ وأوجين بيرغ، سفير فرنسي سابق، في موضوع «معركة المعايير».
ويتضمن جدول أعمال الحوارات بالرباط، التي تسيرها نزهة الشقروني، سفيرة ووزيرة مغربية سابقة، تحت عنوان «تفكك العولمة والأمن الاقتصادي في مواجهة تحديات (كوفيد19)»، مداخلات كل من محمد لوليشكي، السفير السابق للمغرب لدى الأمم المتحدة في موضوع «هل يمكن للتعاون المتعدد الأطراف أن ينقذ العولمة؟»؛ وفتح الله ولعلو، وزير الاقتصاد والمالية المغربي الأسبق في المغرب في موضوع «نحو إعادة أقلمة العالم؟»؛ والعربي الجعيدي المختص في الاقتصاد وعضو اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، في موضوع «السيادة الصناعية في فترة ما بعد (كوفيد19): سلاسل القيمة في مواجهة تحديات جديدة».
ويرى المنظمون أن العالم يجد نفسه اليوم، بعد مرور أكثير من 10 سنوات على الأزمة المالية العالمية، إزاء مستوى غير مسبوق من المديونية وحرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين، أثرت على التوقعات الاقتصادية العالمية. بالإضافة إلى ذلك، يلاحظ أن هناك تحولاً عميقاً في العولمة، وتدهوراً في العلاقات الاقتصادية الدولية؛ سواء على المستويات التجارية والمالية والأمنية. فيما أخذت الأزمة الصحية الناجمة عن «كوفيد19» أبعاداً جديدة، على نحو تغير معه النظام الاقتصادي العالمي بشكل جذري.
وفي أعقاب ذلك، يضيف المنظمون، باتت العولمة مهددة بالنظر إلى «انطواء كل دولة على نفسها قصد مكافحة انتشار هذا الفيروس؛ الشيء الذي بات يدعو إلى إعادة النظر في النظام الدولي الحالي»، بحيث ينعكس تفكك العولمة في «ظهور نظام تهيمن فيه التدابير المتخذة بشكل أحادي». ومع ذلك، «لا يوجد بلد واحد، مهما كانت قوته، بإمكانه حل المشاكل التي يواجهها العالم بمفرده». كما أن «بإمكان المخاطر الكبيرة التي تواجه الاقتصاد العالمي أن تعرض العلاقات الاقتصادية الدولية للخطر بكل سهولة». وهذا ما نتج، ولو جزئياً جراء «الإجراءات أحادية الطرف المتخذة من لدن بعض القوى العظمى»، مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة. وهو، أيضاً، نتاج «ظاهرة أوسع انتشاراً تتعلق بأشكال الحمائية والنزعة القومية التي تتبعها بعض الدول في سياستها الداخلية»، الشيء الذي ينقل إلى «وضع متناقض تزداد فيه التحديات العالمية ترابطاً أكثر فأكثر». فيما يبدو أن العلاقات متعددة الأطراف بين الفاعلين الحكوميين باتت «غير قادرة على توفير حلول مشتركة وعادلة وفعالة في مواجهة الرهانات المشتركة الحالية».
ولمقاربة كل هذه التحولات، يطرح المنظمون أسئلة محركة للنقاش، تتناول الأسباب المؤدية إلى تراجع العولمة، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على التجارة الدولية والنمو الاقتصادي، وكذلك الأمن الدولي والإقليمي، ومن هم الفاعلون القادرون على كتابة قواعد القرن الحادي والعشرين.
ودأب «مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد»، الذي أطلق في 2014 بالرباط بمشاركة نحو 40 باحثاً من دول الشمال والجنوب، منذ 2016، على تنظيم نسختين من «الحوارات الاستراتيجية»، كل سنة، بشراكة مع «مركز الدراسات الجيوسياسية» التابع لـ«المدرسة لعليا للتجارة» في باريس، بشكل يجعل منها منصة للتحليل وتبادل الأفكار تجمع ثلة من الخبراء والممارسين إلى جانب صناع القرار السياسي بهدف تحليل ومناقشة القضايا الجيوسياسية والأمنية الكبرى على المستوى الدولي، وكذا الإشكالات ذات الاهتمام المشترك لكل من أوروبا وأفريقيا. فيما يتمثل الغرض منها في «توفير بيئة موجهة أساساً نحو السياسات العمومية»، حيث يلتقي المشاركون في إطار تفاعلي وبنَّاء لمقارنة تحليلاتهم الخاصة وإثرائها. وينبع هذا التعاون من الشراكة التي أقيمت بين المؤسستين الفكريتين، بهدف تعزيز الحوار العلمي والحوار متعدد التخصصات والمساهمة في إنتاج تحليلات سديدة حول القضايا الرئيسية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».