إعلاميو ليبيا يشتكون تسلط «سيف الميليشيات على رقابهم»

TT

إعلاميو ليبيا يشتكون تسلط «سيف الميليشيات على رقابهم»

اشتكى صحافيون وإعلاميون ليبيون من «تغول» الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، والتضييق على عملهم في جميع الوسائل المقروءة والمرئية والمسموعة، وذلك على خلفية اعتقال رئيس المؤسسة الليبية للإعلام التابعة لحكومة «الوفاق»، محمد عمر بعيو.
وطالبت المنظمة الليبية للإعلام المستقل، في بيان، مساء أول من أمس، المجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج، بـ«كبح جماح المجموعات المسلحة التي تتبعه، وتحمل مسؤولياته في حماية العاملين في قطاع الإعلام من عمليات التهديد، والخطف والقبض غير القانوني»، بالإضافة إلى «إطلاق سراح الموقوفين فوراً، وبلا أي شروط»، مشيرة إلى أن «خطف المسؤولين والعاملين في المؤسسات الإعلامية نقطة سوداء تضاف إلى سجل (الرئاسي) في قمع حرية الإعلام».
وقال الصحافي وافي عبد الكريم، المقيم في جنوب ليبيا، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الصحافيين الليبيين يعملون «تحت ضغوط من التخويف والإرهاب، سواء من جانب المسلحين والمتأسلمين، أو حتى العسكريين، ويكتبون وسيف هذه المجموعات المسلحة مسلط على رقابهم»، مبرزاً أن الصحافي في جميع المدن الليبية «بات مطالباً بكتابة ما يُرضي هذه الأطراف، أو تسمح به فقط، وإذا تعدى الحدود الموضوعة له فإنه يتعرض للتهديد بالخطف أو الاعتقال، وهو ما حدث مع بعيو الذي عينه السراج».
وسبق لكتيبة «ثوار طرابلس»، بقيادة أيوب أبوراس، أن داهمت منزل بعيو، منتصف الأسبوع الماضي، واقتادته مع نجليه (تم إطلاق سراحهما لاحقاً) إلى أحد مقارها بالعاصمة، ونشرت صورة له بعد خطفه. كما داهمت الكتيبة ذاتها في الليلة نفسها منزل عائلة الإعلامية هند عمار، واقتادتها إلى أحد مقارها، وهو ما وصفته المنظمة الليبية للإعلام بأنه «تجاوز يوضح تغول المجموعات المسلحة في العاصمة طرابلس، وضربها بعرض الحائط كل القوانين».
كانت كتيبة «ثوار طرابلس» قد خطفت الصحافي طارق القزيري، الاثنين الماضي، مدير قناة «ليبيا الرياضية»، المكلف مؤقتاً بتسيير إدارة قناة «ليبيا الوطنية»، أثناء دخوله مبنى قناة «ليبيا الوطنية» بطريق الشط، ثم أطلق سراحه في اليوم التالي.
واستنكرت المنظمة ما سمته «صمت المجلس الرئاسي حيال الانتهاكات، التي ترتكبها هذه المجموعات المسلحة المشرعنة من قبله، وتتقاضى رواتبها من خزينة الشعب ضد الصحافيين والنشطاء والسياسيين، والمنتقدين للأوضاع في غرب البلاد»، كما استغربت المنظمة أيضاً «صمت المجتمع الدولي، وعدم اتخاذه أي خطوات لملاحقة مرتكبي هذه الانتهاكات، الذين يجولون بلدان العالم بكل حرية»، وطالبته بالقيام بدوره.
كان بعيو وهند عمار قد تعرضا لحملات تشويه كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما هدد القيادي بكتيبة «ثوار طرابلس» أيوب أبوراس، بعيو، عبر الهاتف، طالباً منه التراجع عن تعيينه لهند مديرة للبرامج في قناة «ليبيا الوطنية»، لكن بمجرد أن نشر بعيو التهديد عبر صفحته على «فيسبوك»، اقتحمت قوة مسلحة بيته، واقتادته هو ونجليه إلى مقر الكتيبة.
وبرغم الإدانات الدولية لخطف بعيو، ومطالبة البعثة الأممية لخاطفيه بسرعة إطلاق سراحه، إلا أنه لا يزال معتقلاً لدى ميليشيات «ثوار طرابلس»، وهو ما ولّد مخاوف إضافية لدى الصحافيين الليبيين.
وفيما تعدّ المنظمة عملية التهديد والاختطاف جرائم في حق الصحافة وحرية التعبير في ليبيا، فإنها تناشد وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق» بـ«التدخل العاجل للإفراج عن كل المختطفين بسبب آرائهم، أو توجهاتهم السياسية ومحاسبة الجهات، التي تحتجزهم بدون وجه حق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.