مهرجان الجونة يتجاوز أزمات دورته الرابعة بحفل افتتاح مبهر

3 أعمال عربية تشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة

أثناء تكريم الفنان الفرنسي جيرار ديبارديو (أ.ف.ب)
أثناء تكريم الفنان الفرنسي جيرار ديبارديو (أ.ف.ب)
TT

مهرجان الجونة يتجاوز أزمات دورته الرابعة بحفل افتتاح مبهر

أثناء تكريم الفنان الفرنسي جيرار ديبارديو (أ.ف.ب)
أثناء تكريم الفنان الفرنسي جيرار ديبارديو (أ.ف.ب)

تجاوز مهرجان الجونة السينمائي الأزمات التي واجهها قبيل انطلاق دورته الرابعة، ونظم حفلاً مبهراً في افتتاح فعاليات المهرجان مساء أول من أمس، بمدينة الجونة بمحافظة البحر الأحمر (جنوب شرقي القاهرة)، وشهد الحفل عدداً من الفقرات الفنية والغنائية والموسيقية التي تفاعل معها عشرات الفنانين المصريين والعرب الذين ظهروا بإطلالات أنيقة، رغم ارتدائهم أقنعة الوجه الطبية في قاعة الاحتفال، وسط إجراءات احترازية لمنع تفشي وباء «كورونا»، حيث تم تطبيق برنامج للتباعد الاجتماعي على غرار ما شهدته الدورة الأخيرة من مهرجان فينسيا. كما تجاوز المهرجان أزمة تكريم الممثل الفرنسي جيرار ديبارديو، رغم حملة رفض تكريمه التي شارك فيها عدد من الفنانين والنقاد المصريين بسبب إعلان ديبارديو عن دعمه الصريح وحبه لدولة إسرائيل، إذ تجاهل المهرجان كذلك بيان اتحاد النقابات الفنية المصري الذي صدر قبيل انطلاق حفل الافتتاح بنحو 48 ساعة، وشدد على الالتزام بقراره الصادر عام 1996، الخاص بعدم التعامل «مع الكيان الصهيوني وداعميه».
وأشاد فنانون مصريون وعرب بمستوى حفل افتتاح المهرجان، وقال السيناريست تامر حبيب لـ«الشرق الأوسط»: «إنه حفل استثنائي لدورة استثنائية، اتسمت فقراته بالإبهار والتنوع»، فيما أكدت المخرجة الفلسطينية نجوى نجار تميز الحفل، وروعة المكان الذي أقيم به.
وأقيم الحفل لأول مرة بقاعة المؤتمرات الجديدة المكشوفة بمدينة الجونة التي جمعت بين الأناقة والفخامة، في ظل إشراف طبي من وزارة الصحة المصرية. وافتتح الحفل بأغنية «دقي يا مزيكا» التي قدمها المطرب اللبناني رامي عياش، ودعا فيها إلى استعادة بهجة الحياة، بعد أشهر من إغلاق كورونا. وقال عياش: «لن نترك هذه السنة لتقضي على أجمل ما فينا، وسنأخذ حذرنا واحتياطاتنا باستمرار، ونصر على إرادة الحياة فينا»، وقدمت الحفل الإعلامية اللبنانية هيلدا خليفة.
وقدم المخرج البريطاني بيتر ويبر، مخرج مسلسل «ممالك النار» رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، جائزة «الإنجاز الإبداعي» للنجم الفرنسي جيرار ديبارديو، قائلاً: «اليوم، يتم تقديمي كشخصية خاصة، لكن هناك شخص آخر مميز قام بلعب أدوار مختلفة، منها أدوار الشر والخير، إنه الفنان الفرنسي جيرار ديبارديو»، ليظهر الفنان من كواليس المسرح موجهاً التحية بالعربية: «السلام عليكم»، ويلقي كلمة يؤكد فيها اعتزازه بالتكريم، وبزيارته لمصر، موجهاً الشكر لإدارة المهرجان، قائلاً: «مصر بلد الحضارة والتاريخ العريق والسينما التي تضم عدداً من كبار المخرجين، أمثال يوسف شاهين».
وقدم رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، مؤسس المهرجان، جائزة «الإنجاز الإبداعي» لمصمم المناظر أنسي أبو سيف، وعُرض فيلم قصير عن أبو سيف، تضمن شهادات عدد من السينمائيين، من بينهم داود عبد السيد ويسري نصر الله وخالد النبوي ومروان حامد، الذين أشادوا بتجاربهم الفنية معه. وعبر أبو سيف عن سعادته بالجائزة، قائلاً: «إنها جائزة لمطبخ السينما، أشكر المهرجان عليها، وأهديها إلى أستاذي ومعلمي المخرج الراحل شادي عبد السلام».
وقام الفنان خالد النبوي بتقديم جائزة «عمر الشريف» للفنان الفرنسي المغربي سعيد التغماوي الذي قال إنه «يشعر بالفخر لتكريمه بجائزة تحمل اسم عمر الشريف»، مشيراً إلى أنه «كان مفتوناً بهذا الفنان الكبير، على غرار أبويه اللذين كانا يشاهدان أفلام فريد الأطرش وفاتن حمامة أيضاً»، وأضاف في كلمته: «عمر الشريف كان يجلب لي الأمل في حياتي، وفي السينما، وكان شخصية عظيمة للشعوب العربية، ولم أتوقع لقاءه يوماً، لكن حدث ذلك وشاركته في تمثيل أحد الأفلام، وصرنا أصدقاءً».
وشهد حفل الافتتاح تقديم تحية إلى الفنانين العرب الذين رحلوا هذا العام، مستعرضاً صورهم ومشاهد من أفلامهم في فيلم قصير عرض على خلفية أغنية «قصة حب» التي قدمتها مطربة الأوبرا فرح الديباني، برؤية موسيقية جديدة من توزيع الموسيقار مصطفى الحلواني.
وقال المهندس سميح ساويرس، مؤسس مدينة الجونة، إن العام الحالي من أسوأ الأعوام التي مرت عليه في حياته، بعدما فقد خالد بشارة، الرئيس التنفيذي السابق لشركة (أوراسكوم)، وقدم هدية تذكارية لزوجته، وأعلن عن تخصيص جائزة باسمه لصناع السينما المستقلة.
بدوره، قال انتشال التميمي، مدير المهرجان، في كلمته: «رغم الصعوبات التي واجهتنا هذا العام على المستويات كافة، فإننا تجاوزنا كل العقبات بفضل وجود فريق قوي من الشباب المصريين صار يتعامل باحترافية كبيرة»، مضيفاً: «كانت لدينا صعوبات لوجيستية، وكان من المفترض أن يحضر عدد من الزملاء أمس، ولكن بسبب الظروف لم يستطيعوا الحضور».
وعرض فيلم الافتتاح «الرجل الذي باع ظهره»، للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، الذي توج بجائزتين خلال عرضه العالمي الأول في الدورة الأخيرة بمهرجان فينسيا السينمائي. ويرصد الفيلم رحلة الشاب السوري سام علي الذي هاجر إلى لبنان هرباً من الحرب في بلاده، ووافق على عرض غريب بالرسم على ظهره مقابل الحصول على تأشيرة للسفر إلى بلجيكا للقاء حبيبته. وكان الفيلم قد فاز كمشروع في مرحلة التطوير خلال الدورة الثانية لمهرجان الجونة.
ويشارك 16 فيلماً روائياً طويلاً في المسابقة الرسمية، من بينها 3 أفلام عربية، وهي: «200 متر» للفلسطيني أمين نايفة، و«الرجل الذي باع ظهره» للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، و«ميكا» للمخرج المغربي إسماعيل فروخي.
وفي السياق، عقد المهرجان ندوة لتكريم سعيد التغماوي، أمس، الذي أكد مجدداً أن عمر الشريف سيظل مثله الأعلى في التمثيل، مشيراً إلى أنه من الشخصيات الساحرة التي لا تنسى، وأنه أول ممثل تحقق أفلامه أكثر من مليون دولار عند عرضها، لا سيما بعد فيلم «لورانس العرب».
وكشف عن مواجهته صعوبات عدة في التعامل مع اللوبي اليهودي في هوليوود، كونه مسلماً من أصول عربية، فلم يكن الأمر سهلاً، بل أخذ وقتاً طويلاً حتى يثبت جدارته بصفته ممثلاً معتمداً على موهبته، ومعتزاً بأصوله المغربية، قائلاً إنه لا يستغني عن خلفيته المغربية، فـ«حينما نقوم بتصوير أحد الأفلام العالمية في المغرب، فإنني أعمل مرشداً».
واعترف التغماوي، خلال الندوة، بأنه يعشق رياضة الملاكمة، ويجد فيها فرصة للتنفيس عن حالات الغضب بداخله، لكنه اضطر للتخلي عنها لانشغاله بالفن، ولأنه وجد في التمثيل نوعاً آخر من التنفيس. ورغم ذلك، فإنه يواصل التدريب عليها من وقت لآخر.
وذكر التغماوي أن خاله أصيب بـ«كوفيد-19»، وتوفي ولم تستطع أمه الصلاة عليه، وقال: «إننا يجب أن نتعايش مع هذا المرض، مثلما فعل مهرجان الجونة، وأن نعيش معه بحماية كل إنسان لنفسه، وليس لكي نموت بسببه».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.