وزير الشؤون الاجتماعية لـ«الشرق الأوسط»: التأشيرة للسوريين ستمنح على المعابر الشرعية.. ولن نجبر أحدا على المغادرة

لا مؤشرات على أن دمشق ستعامل اللبنانيين بالمثل

طفل من مدينة صيدا جنوب لبنان يوزع المرطبات في أحد الأحياء احتفالا بالمولد النبوي الشريف قبل يومين (رويترز)
طفل من مدينة صيدا جنوب لبنان يوزع المرطبات في أحد الأحياء احتفالا بالمولد النبوي الشريف قبل يومين (رويترز)
TT

وزير الشؤون الاجتماعية لـ«الشرق الأوسط»: التأشيرة للسوريين ستمنح على المعابر الشرعية.. ولن نجبر أحدا على المغادرة

طفل من مدينة صيدا جنوب لبنان يوزع المرطبات في أحد الأحياء احتفالا بالمولد النبوي الشريف قبل يومين (رويترز)
طفل من مدينة صيدا جنوب لبنان يوزع المرطبات في أحد الأحياء احتفالا بالمولد النبوي الشريف قبل يومين (رويترز)

أوضح وزير الشؤون الاجتماعية في لبنان رشيد درباس أمس، أن القرار الذي أصدرته الحكومة اللبنانية لتنظيم دخول العمال السوريين إلى لبنان «لا يتطلب تأشيرة دخول إلى الأراضي اللبنانية من السفارة اللبنانية في دمشق»، بل «ستُمنح على المعابر الشرعية اللبنانية، على أن ينظم السوري وضعه القانوني خلال شهر، عبر الحصول على إقامة عمل لمدة عام، بموجب نظام الكفالة». وجدد درباس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» تأكيده أن الإجراء «تنظيمي»، مشددا على أن الحكومة اللبنانية «لن تجبر أيا من السوريين هنا على الخروج من لبنان»، وأنه «لن يُمسّ باللاجئين في لبنان».
وتبدأ السلطات اللبنانية اليوم، تطبيق قرارها الذي يفرض على السوريين، الحصول على سمة لدخول هذا البلد المجاور على المعابر البرية والجوية والبحرية، في خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات بين سوريا ولبنان الذي يستقبل حاليا أكثر من مليون لاجئ سوري. وتقوم الإجراءات الجديدة على «فرض السمة أو الإقامة» بالنسبة للعمال السوريين، والهادفة، بحسب مصادر وزارية معنية في الحكومة اللبنانية، إلى تمييز اللاجئ من غير اللاجئ، في ظل تأكيدات رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن «نحو 35 في المائة من العمال السوريين في لبنان، سجلوا أسماءهم في قوائم مفوضية اللاجئين على أنهم لاجئون هاربون من الحرب».
وتغيب أي مؤشرات تدل على أن دمشق ستتخذ الخطوة نفسها، على قاعدة «المعاملة بالمثل»، إذ أكدت مصادر رسمية معنية بالملف لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا معلومات حتى الآن عن أن دمشق ستتخذ إجراء مشابها»، مشيرة إلى غياب هذه الإشارة من تصريح السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، وفي ظل «عدم مناقشة الإجراء الحكومي اللبناني مع السلطات السورية أبدا». كما استبعدت مصادر وزارية معنية بالملف أن تتم المعاملة بالمثل «لأن القرار ليس رد فعل سياسي، بل هو جزء من خطة عمل اللجنة الوزارية اللبنانية المكلفة تنظيم وجود اللاجئين السوريين».
وكان سفير سوريا في بيروت، أعلن تأييده لإجراءات الحكومة اللبنانية المتعلقة بدخول وخروج السوريين. ورأى في تصريحات له أول من أمس، أن موضوع دخول السوريين وخروجهم «يحتاج تنسيقا وتكاملا بين الجهات المعنية في البلدين»، وأضاف أن «هذه الإجراءات هي معادلة لإيجاد عوامل تنظيمية نتيجة ضغوط كبيرة ربما ساهمت فيها سياسات سابقة، والأوضاع التي يعانيها لبنان، ونحن نقدرها ونتفهمها، ولكن موضوع دخول السوريين وخروجهم يحتاج تنسيقا وتكاملا بين الجهات المعنية في البلدين».
وكانت عملية التنقل بين البلدين اللذين يتشاركان بحدود تمتد بطول 330 كلم تتم من خلال إبراز الهوية الشخصية فقط، دون الحاجة إلى أي مستندات أخرى. وتشمل المعايير الجديدة المفروضة على السوريين أنواعا مختلفة من السمات والإقامة، هي السمة السياحية والإقامة المؤقتة وسمات أخرى للراغبين بالدراسة في لبنان، أو للسفر عبر مطاره أو أحد موانئه البحرية، أو للقادمين للعلاج أو لمراجعة سفارة أجنبية. ونصت المعايير الجديدة على حصر دخول السوريين بهذه الأسباب إلا «في حال وجود مواطن لبناني يضمن ويكفل دخوله، إقامته، سكنه ونشاطه، وذلك بموجب تعهد بالمسؤولية»، وهو إجراء يعني أن العمال السوريين يحتاجون إلى كفيل كي يصدروا إقامة عمل، وتتفاوت بين إقامة «درجة أولى» لرجال الأعمال ومالكي الأسهم في الشركات، إضافة إلى إقامة العمل العادية التي تجدد سنويا.
وقال درباس لـ«الشرق الأوسط» إن هذه المرحلة «هي الأولى من عملية بدء تطبيق قرار الحكومة بوقف اللجوء»، مشيرا إلى أنها «تبدأ بإجراءات صعبة نوعا ما، لتكفل حُسن التنفيذ»، مجددا تأكيده أنها تسعى «للتمييز بين اللاجئ السوري وغيره من المواطنين السوريين، كالعمال». وقال: إن بعض العمال «يعملون في قطاعات يمنع القانون على الأجنبي مزاولتها»، مجددا تأكيده أن الحكومة «لن تجبر أحدا على مغادرة البلاد، كما لن تمس التدابير الجديدة بالنازحين السوريين».
ويستقبل لبنان أكثر من مليون ومائة ألف نازح سوري، ما يشكل عبئا ضخما على هذا البلد الصغير الذي يعاني من توازنات طائفية هشة وموارد محدودة أبرزها السياحة، الأمر الذي تسبب بأعمال عنف وعدم استقرار أمني وأجبره على إقفال حدوده أمام اللاجئين بشكل شبه تام.
وقال درباس إن السلطات اللبنانية «تتساهل مع جميع اللاجئين، وتسمح لهم بالتجول في سائر المناطق اللبنانية، لأننا أكثر البلاد ضيافة لهم، وتتسم إجراءاتنا بالليونة»، مشيرا إلى أن هذه التدابير «لن تتبدل على اللاجئين في ظل القرار الجديد». وأكد أنه طلب من المديرية العامة للأمن العام بزيادة عدد الموظفين على المعابر الحدودية «لتسهيل المهمة وتوفير الوقت على العابرين إلى لبنان، وقد نُفذ ذلك بالفعل».
وأشار إلى أن الإجراء «سيُستتبع بالمرحلة الثانية من تطبيق الخطة الحكومية، التي تتمثل في إجراء دراسة تحدد مدى انطباق صفة اللجوء على المسجلين في قوائم مفوضية اللاجئين»، وذلك بهدف حصر الإنفاق باللاجئين فقط. ولفت إلى «تبادل قوائم سرية ضمن بروتوكول مشترك بين وزارة الشؤون الاجتماعية ومفوضية اللاجئين، تؤكد أن بعض اللاجئين لا تنطبق عليهم صفة اللجوء، وهو ما دفع المفوضية إلى شطب نحو 100 ألف اسم مسجل في قوائم اللاجئين خلال الشهرين الأخيرين».
وكانت السلطات اللبنانية طلبت في أكتوبر (تشرين الأول) من الأمم المتحدة وقف تسجيل النازحين القادمين من سوريا بعد أيام من قرارها الحد من دخولهم لبنان.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.