«البنتاغون» أقنع الجيش الإسرائيلي بقبول بيع أسلحة متطورة لدول عربية

بعد الإمارات والبحرين والسودان... مالي وتشاد والنيجر على الطريق

TT

«البنتاغون» أقنع الجيش الإسرائيلي بقبول بيع أسلحة متطورة لدول عربية

كشف مصدر عسكري رفيع في تل أبيب، أمس، أن «البنتاغون» أقنع وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، ومن خلاله أقنع رفاقه في قيادة الجيش، بالكف عن الاعتراض على بيع صفقات أسلحة أميركية جديدة متطورة لدول عربية. وقال المصدر إن الأميركيين أقنعوهم أيضاً بأن وجود أسلحة كهذه بأيدي العرب هو أفضل من وجود أسلحة شبيهة تباع لهم من دول أخرى مثل الصين أو روسيا.
وأكد المصدر أن ما لم يستطع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فعله مع قيادة جيشه، فعله الأميركيون. فهو كان قد اقتنع بموقف «البنتاغون» مسبقاً، ولذلك وافق أو على الأقل لم يعترض على بيع طائرة «إف 35» للإمارات. ولكنه فعل ذلك بالالتفاف على الجيش ولم يجرؤ على طرحه أمام القيادات الأمنية. ولم يبلغ حتى بيني غانتس، رئيس الوزراء البديل ووزير الأمن. وقد أبدت القيادات العسكرية، وغانتس في مقدمتها، تحفظاً علنياً على هذه الصفقة، وبادروا إلى مناقشة الموضوع مع الأميركيين، في سلسلة اجتماعات تمت بشكل يومي بين قادة الجيشين، وشارك في بعضها ممثلون عن شركات تصنيع الأسلحة. وقد زار غانتس الولايات المتحدة مرتين خلال الشهر الأخير، وفي يوم الأربعاء الأخير توصل إلى تفاهمات كاملة مع الولايات المتحدة حول الموضوع. ووقَّع على إعلان مشترك مع وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، تتعهد فيه الولايات المتحدة بضمان التفوق الإسرائيلي العسكري في الشرق الأوسط.
وتبين أن هناك دولاً عربية أخرى ستشتري أسلحة أميركية متطورة، بما في ذلك طائرة «إف 35» بمليارات الدولارات، وليس فقط الإمارات. وقد شرح الأميركيون لنظرائهم الإسرائيليين أن هذه الصفقات لا تلحق ضرراً أمنياً بهم. وحسب مصادر إسرائيلية فإن المنطق الأميركي في الموضوع كان على النحو التالي: «نحن نبيع الأسلحة للدول العربية الصديقة التي لا تخطط لخوض حرب مع إسرائيل. ولكن لنفترض أن هذه الدول غيَّرت سياستها، وقررت محاربة إسرائيل، أوليس من الأفضل لنا ولكم أن نكون على علم بماهية هذه الأسلحة؟ أليس ذلك أفضل من أن تتوجه تلك الدول للحصول على أسلحة صينية أو روسية أو حتى إيرانية، لا نعرف عنها شيئاً؟».
وقد نُشرت تصريحات في تل أبيب، أمس، على لسان مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع يقول إن «الدول العربية التي تقرر إقامة علاقات مع إسرائيل هي دول مميزة وتخوض صراعاً مع قوى الرفض العدائية، وتحتاج إلى أسلحة. وهي ستشتري هذه الأسلحة بشكل مؤكد، ومن مصلحتنا الأولى أن تكون الولايات المتحدة هي البائع. فهذا يضمن أن تكون هذه الدول قوية عسكرياً، وأن تكون جزءاً لا يتجزأ من دول التحالف مع الغرب، وبهذا يضعف المعسكر الآخر الذي يريد للمنطقة أن تغرق في الصراعات الحربية».
وحسب مقربين من غانتس، فإنه اتفق مع إسبر على شراء مزيد من طائرات «إف 35»، وعلى تخصيص مزيد من المساعدات الأميركية لتمويل شراء مروحيات شحن ونقل جنود كبيرة، وطائرات مقاتلة، وطائرات تزويد وقود في الجو، وذخيرة متطورة ومتنوعة، إضافة إلى مروحية عملاقة من طراز «V-22» من صنع شركة «بوينغ».
وكان السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، قد اعتبر إسرائيل والولايات المتحدة دولتين في خندق واحد من حيث المصالح. وأكد أن العلاقات بينهما هي علاقة مساندة متبادلة: الولايات المتحدة تحمي إسرائيل وإسرائيل تحمي مصالح الولايات المتحدة. ولكنهما بفضل الرئيس دونالد ترمب ونهجه المختلف، تعملان سوياً «مع قادة عرب حكماء يعرفون مصالح بلدانهم الحقيقية، ويعملون على رفاهية شعوبهم، ويبنون شرقاً أوسط جديداً». وقال إن 5– 10 دول عربية جديدة تنوي الانضمام إلى هذا الحلف، وإزالة التحفظات القديمة على إقامة علاقات مع إسرائيل.
وذكرت مصادر في تل أبيب أن فريدمان يقصد دولاً عربية وإسلامية أيضاً، وأن من بين الدول التي ستنضم إلى مسيرة السلام مع إسرائيل توجد ثلاث دول أفريقية، هي تشاد والنيجر ومالي.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.