«عجرفة» وزير تثير سخطاً شعبياً في الجزائر

إعلانات للترويج للاستفتاء على الدستور الجديد في العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ف.ب)
إعلانات للترويج للاستفتاء على الدستور الجديد في العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«عجرفة» وزير تثير سخطاً شعبياً في الجزائر

إعلانات للترويج للاستفتاء على الدستور الجديد في العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ف.ب)
إعلانات للترويج للاستفتاء على الدستور الجديد في العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ف.ب)

خرج عشرات الجزائريين، ليلة الخميس - الجمعة، إلى أحياء في العاصمة للتعبير عن سخطهم من تصريحات وصفت بـ«المستفزة» لوزير الشباب والرياضة سيد علي خالدي، في إطار حملة الاستفتاء على الدستور المرتقب في الأول من نوفمبر تشرين الثاني المقبل. ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بإقالة الوزير، كما عادت شعارات الحراك بقوة بمناسبة هذه الحادثة.
وجرت الاحتجاجات في حي القبة الشعبي بالضاحية الجنوبية للعاصمة، وبحي درارية بضاحيتها الغربية. كما تم اعتقال 15 شخصاً بمدينة سيدي بلعباس، غرب البلاد، أمس، بعد خروجهم للتعبير عن غضبهم من المسؤول الحكومي، بحسب النقابي المعروف قدور شويشة.
وقال خالدي، أول من أمس، في تجمع دعائي للدستور الجديد في العاصمة الجزائرية، إن الرئيس عبد المجيد تبون «دستر فيه أي الدستور الجديد بيان أول نوفمبر 1954 الذي ينص على بناء دولة ديمقراطية اجتماعية ذات سيادة في إطار المبادئ الإسلامية»، وكان يشير إلى وثيقة وضعها مخططو ثورة الاستقلال عشية اندلاعها، تحدد طبيعة الدولة والنظام السياسي المبتغى إرساؤهما بعد طرد الاستعمار الفرنسي.
وبنبرة انفعال، هاجم خالدي أشخاصاً لم يذكرهم، وقال: «نعم وضعنا بيان أول نوفمبر في الدستور، ومن لم يعجبه الأمر ما عليه إلا يبدل البلاد»، وأكد مرة ثانية على أن «من لم يعجبه الأمر ما عليه إلا يبدل البلاد»، أي أن يغير بلده. وكان يقصد بكلامه، بحسب متتبعين، الأحزاب التي دعت إلى مقاطعة الاستفتاء، وأخرى شجعت على التصويت بـ«لا». كما يرجح بأنه يقصد نشطاء الحراك الذين أطلقوا في نفس اليوم «مبادرة» تعبر عن رفضهم الدستور المقترح من السلطة وعن تمسكهم بمطلب الحراك الأساسي وهو «تغيير» النظام.
وانتشر هذا المقطع من خطاب الوزير الشاب بسرعة فائقة في فضاءات التواصل الاجتماعي، وعبر ناشطون وسياسيون عن استياء شديد مما وصفوه بـ«عجرفة الوزير»، واستذكروا حادثة شهيرة، وقعت قبل 6 سنوات خلال حملة الولاية الرابعة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. ففي ظرف انتخابي وسياسي مشابه، صرح وزير التجارة حينها، عمارة بن يونس، بأنه يدعم استمرار بوتفليقة في الحكم، بينما كان مريضاً منسحباً من المشهد وقتها، وأرفق خطاب الولاء بكلام جارح، إذ قال: «اللعنة على أبو من لا يحبنا». وفهم كلامه بأنه موجه لرافضي الولاية الرابعة. ويوجد بن يونس حالياً في السجن، ينتظر المحاكمة، لاتهامه في قضايا فساد.
وكتب عبد الرزاق مقري رئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، على حسابه بـ«فيسبوك»، متحدثاً عما سماها سقطة خالدي المدوية: «اللي ما عجبوش الحال يبدل البلاد!... كلام خطير لا يجب السكوت عنه. ها هي النتيجة: حينما تفبرك الساحة السياسية ويقذف فيها فوقياً، مسؤولون حكوميون تم تعيينهم بعيداً عن المنافسة السياسية النزيهة، ولاعتبارات نعرفها غير مقبولة، تحدث هذه الانزلاقات الكلامية الخطيرة. نفس المشهد الخطابي المبتذل، الذي رأيناه في العهد السابق، بل هو أخطر منه. من هذا الذي أعطى لنفسه الحق في طرد ملايين الجزائريين، اللي موش عاجبهم الحال؟».
وتساءل مقري غاضباً: «أي غرور هذا؟ أي جرأة هذه؟ إلى أين نتجه بهذه العقلية الإقصائية الاستكبارية، التي أخذت تتشكل من جديد وتتفاقم وتتوارث؟. من حق كل واحد موش عاجبو الحال، أن يقاضي هذا الوزير الذي تجاوز كل الحدود».
من جهته، دعا الناشط والمحامي البارز عبد الرحمن صالح، إلى متابعة خالدي قضائياً استناداً إلى القانون الذي يجرم خطاب الكراهية والعنصرية.
وتزامنت هذه الحادثة مع أخرى وقعت الأربعاء الماضي في وهران، كبرى مدن الغرب. فأثناء زيارة والي المنطقة مدرسة، دعته إحدى المعلمات بها إلى الاطلاع على طاولات مهترئة، تعود إلى العهد الاستعماري، بحسب ما قالت. فغضب الوالي من كلمة «الاستعمار»، فنهرها قائلاً: «قولي لي إنها قديمة ولا تقولي إنها من فترة الاستعمار». ثم أدار ظهره لها وغادر المكان مسرعاً وهو في غاية الحرج. وعرف هذا المشهد المصور بالفيديو، سخطاً شعبياً، وطالبت نقابات للتعليم بعقاب الوالي وحذرت من اتخاذ أي إجراء ضد المعلمة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».