محسن محيي الدين: معظم المنتجين المصريين لا يهتمون بالقيمة الفنية

قال إن البعد الإنساني لـ«صابر وراضي» وراء عودته إلى السينما

محيي الدين في لقطة من أحد أفلامه القديمة
محيي الدين في لقطة من أحد أفلامه القديمة
TT

محسن محيي الدين: معظم المنتجين المصريين لا يهتمون بالقيمة الفنية

محيي الدين في لقطة من أحد أفلامه القديمة
محيي الدين في لقطة من أحد أفلامه القديمة

قال الفنان المصري محسن محيي الدين إن معظم المنتجين المصريين باتوا يهتمون بتحقيق مكاسب مادية على حساب القيمة الفنية للأعمال السينمائية، وكشف في حواره مع «الشرق الأوسط» سبب اختياره فيلم «صابر وراضي» ليعود من خلاله إلى السينما بعد الغياب عنها سنوات طويلة، موضحاً أن البعد الإنساني والسيناريو المميز للفيلم وراء موافقته على المشاركة فيه مع الفنان أحمد آدم، خصوصاً بعد سيطرة أفلام الأكشن والعنف بشكل كبير على الساحة الفنية خلال السنوات الأخيرة... وإلى نص الحوار:

> ما سبب اختيارك لفيلم «صابر وراضي» لتعود به إلى السينما؟
- هو فيلم إنساني كوميدي، وفيه حالة مختلفة وجديدة على السينما المصرية في الوقت الحالي، حيث إننا نفتقد فكرة القيم والعادات والطباع الإنسانية، لا سيما أن أغلب الأعمال المقدمة تتضمن الكثير من مشاهد العنف والأكشن والضرب، أما العلاقات الإنسانية بين البشر فأصبح التعبير عنها قليلا للغاية، وفي النهاية نحن كفنانين نقدم أعمالنا لبشر، وفننا نابع منهم، وتدور قصة الفيلم حول رجلين أحدهما اسمه صابر والآخر اسمه راضي، كل منهما له طباع وشخصية مغايرة للآخر ويتعرفان على بعضهما ويغيران حياة بعضهما للأفضل ويكمل كل منهما الآخر، وقد اخترت هذا الفيلم لأعود به للسينما لأنني دوماً وطوال مشواري الفني أحب المشاركة في أعمال فنية تغوص في العلاقات الإنسانية، على غرار مسرحية «سك على بناتك» وفيلم «ليلة القبض على فاطمة» وأفلامي مع المخرج الراحل يوسف شاهين، وآخر مسلسلاتي أيضاً بمشاركة هاني سلامة في «قمر هادئ»، فالعلاقات الإنسانية هي حياتنا ولا بد أن تظهر على الشاشة. فنحن كمجتمع مصري حياتنا مليئة بكم مشكلات وتشابكات تملأ مجلدات، وتعد مصدر مهم للأفلام السينمائية، ومع ذلك فإن المعروض منها على الشاشة يعد قليلاً جداً.
> معنى ذلك أنك غير راض على الأعمال التي تعرض حالياً؟
- لا على الإطلاق، فيمكن وصف ذلك بأنه لا يناسب شخصيتي أو توجهاتي، لأن السينما في النهاية وجهة نظر تخضع لأصحابها، وكل نمط وله جمهوره ومحبوه.
> وهل تأثرت بالمخرجين الكبار الذين عملت معهم في بداياتك الفنية؟
- كل واحد من هؤلاء العمالقة كانت له بصمته الخاصة التي ساهمت في تكوين شخصيتي الفنية، مثل المخرج الكبير الراحل بركات الذي عملت معه في فيلم «ليلة القبض على فاطمة» مع الراحلة فاتن حمامة وهو عمل إنساني سياسي ومن الأعمال الرائدة في السينما المصرية، بجانب مدرسة الراحل يوسف شاهين الذي شاركته في أكثر من فيلم وحققوا نجاحاً كبيراً للغاية وخصوصاً خارج مصر، فكل منهم طبع أمراً بداخلي وأهمها أصول وأساسيات صناعة الفن والسينما واختيار الموضوعات القريبة من الناس وكيفية التعبير عن مشكلاتهم.
> الفنان أحمد آدم لم يحقق نجاحاً جماهيرياً في آخر فيلمين له... ألم تخش من مشاركته فيلمه الجديد؟
- لا على الإطلاق، لأنني لا أحسب الأمور بهذا المنطق أبداً، ونجاح السينما لا يقاس بحجم إيرادات شباك التذاكر، فمثلاً أفلام يوسف شاهين لم تجلب أي إيرادات عظيمة داخل مصر وكان الشعب المصري دائماً ما ينظر لها أنها نخبوية، عكس الخارج فعندما كانت تعرض في مهرجانات كانت تحقق نجاحاً منقطع النظير، وكثير من الأفلام العظيمة على مر التاريخ حققت نجاحات كبيرة عند عرضها في التلفزيون، فشباك التذاكر يكون مقياساً بالنسبة للمنتجين لأن كلا ما يهمهم بالدرجة الأولى هو المكاسب المادية، أما الفنان فعليه أن ينظر أولاً للقيمة الفنية.
> ولماذا أصبحنا لا نسمع في الوقت الحالي عن لقب «فتى الشاشة الأول» وغيرها من الألقاب؟
- لأن طبيعة المجتمع وطبيعة الفن كلها اختلفت، ففي الوقت الحالي يمكن أن نشاهد العمل مرة واحدة أو مرتين، عكس أفلام النصف الثاني من القرن الماضي، فقد كان العمل يشاهد مراراً وتكراراً، فبعد حرب الخليج الأولى تقريباً حدثت فجوة كبيرة بين الأجيال السينمائية، حيث تم استبدال كل الجيل القديم بجيل جديد، بفارق جيلين تقريباً وهذا أحدث فجوة كبيرة، ثم تطورت الأمور وأصبحت سريعة ومتلاحقة جداً، ولذلك لا يوجد الآن من يمكن وصفه بأنه فتى الشاشة الأول أو «الجان الأول» أو غيره، ولكن كله يأخذ وقته ويحل محله آخرون بسرعة كبيرة.
> وما سبب غيابك فنياً منذ مسلسل «قمر هادئ» عام 2019؟
شاركت في 15 حلقة من حكايات مسلسل «ليه لأ» والذي رأت شبكة MBC أنه من الأفضل عرضه على منصة «شاهد»، ولكن بعد «قمر هادئ» الظروف العامة هي التي فرضت الابتعاد، حيث جاءت «كورونا» وكثير من الأعمال توقفت وإلى الآن لا توجد عودة مستقرة، وأنا شخصياً كنت أجهز لمسرحية فنية ورغبت في عرضها أول العام الجاري، ولكن كورونا حالت دون ذلك.
> وما تعليقك على العقبات التي تواجه فيلم «التاريخ السري لكوثر»؟
- أنا حزين للغاية على مصير هذا الفيلم المهم، والذي أشترك في بطولته مع ليلى علوي وزينة ومن إخراج محمد أمين، فمع الأسف هذا الفيلم اشترك فيه منتجان ولكن اختلفا لأسباب مالية وتوقف الفيلم وإلى الآن لا أعلم مصيره رغم أنه يتبقى لنا يومان فقط وننتهي منه، ومع الأسف كثير من المنتجين ينظرون للأمور بوجهة نظر تجارية بحتة ولا تحركهم إلا المادة، ولا ينظرون للشق الفني أبداً.
> وما هو تقييمك للدراما التلفزيونية في مصر حالياً؟
- لا شك أن هناك تقنيات جيدة وتكنولوجيا حديثة دخلت بقوة ولكن مع الأسف كثير من الأعمال يعتمد على الفورمات الخارجية المستوردة وأغلبها لا يوجد فيه خصوصية المجتمع المصري بكل مشكلاته وهمومه، رغم أن مجتمعنا يضج بالقضايا التي يستوجب عرضها، فمع الأسف الكتاب والمؤلفون أصبحوا يستسهلون بقوة ويرغبون في تمصير أعمال أجنبية سواء تركية أو هندية، فضلاً عن النظام المتبع في الكتابة نفسها، حيث يبدأ تصوير المسلسل والممثل لا يملك سوى 5 حلقات منه فقط، ونفاجأ لاحقا بأخطاء في الخطوط الدرامية للعمل الواحد، والممثل يدخل المسلسل وهو لا يعلم خريطة دوره وتحدث مشكلات كثيرة بسبب هذا الأمر.



طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
TT

طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)

يرتبط اسم الشاعر طوني أبي كرم ارتباطاً وثيقاً بالأغنية الوطنية اللبنانية، وله تاريخٌ طويلٌ في هذا الشأن منذ بداياته. قدّم أعمالاً وطنية لمؤسسات رسمية عدة في لبنان. أخيراً وبصوت الفنان ملحم زين قدّم أغنية «مرفوعة الأرزة» من كلماته وألحانه، التي لاقت انتشاراً واسعاً، كون شركة «طيران الشرق الأوسط» اعتمدتها في رحلاتها خلال إقلاعها أو هبوطها.

الشاعر طوني أبي كرم ألّف ولحّن أكثر من أغنية وطنية

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يعدّ طوني أبي كرم أن كتابة الأغنية الوطنية يجب أن تنبع من القلب. ويتابع: «الجميع يعلم أنني أنتمي فقط إلى لبنان بعيداً عن أي حزب أو جهة سياسية. وعندما أؤلّف أغنية وطنية تكون مولودة من أعماقي. فأنا جزء لا يتجزّأ من هذا الوطن. وعندما ينساب قلمي على الورق ينطلق من هذا الأساس. ولذلك أعدّ الحسَّ الوطني حاجةً وضرورةً عند شاعر هذا النوع من الأغاني، فيترجمه بعفوية بعيداً عن أي حالة مركّبة أو مصطنعة».

أولى الأغاني الوطنية التي كتبها الشاعر طوني أبي كرم كانت في بداياته. حملت يومها عنوان «يا جنوب يا محتل» بصوت الفنان هشام الحاج، ومن ثم كرّت سبحة مؤلفاته لأغانٍ أخرى. حقق أبي كرم نجاحات واسعة في عالم الأغنية كلّه. وأسهم في انطلاقة عدد من النجوم؛ من بينهم مريام فارس وهيفاء وهبي، وتعاون مع إليسا، وراغب علامة، ورامي عيّاش، ونوال الزغبي وغيرهم.

في عام 2000 سجّل طوني أبي كرم الأوبريت الوطني «الصوت العالي» مع 18 فناناً لبنانياً. ويروي لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأغنية شاركت فيها مجموعة من أشهَر الفنانين اللبنانيين. وقد استغرقت تحضيرات طويلة لإنجازها تطلّبت نحو 6 أشهر. ورغبتُ في تقديمها لمناسبة تحرير الجنوب. وأعدّها تجربةً مضنيةً، ولن أعيدها مرة ثانية».

عدم تكرار هذه التجربة يعود إلى الجهد الذي بذله أبي كرم لجمع الـ18 فناناً في أغنية واحدة. «هناك مَن تردَّد في المشاركة، وآخر طالب بأداء مقطع غير الذي اختير له. أسباب عدة نابعة من الفنانين المشاركين أخّرت في ولادتها. وما سهّل مهمتي يومها هو الفنان راغب علامة. طلبت منه أن يرافقني إلى استوديو التسجيل لبودي نعوم، فوضع صوته على مقطع من الأغنية من دون أن أشرح له حقيقة الوضع. وعندما سمع الفنانون الآخرون أن راغب شارك في الأغنية، تحمَّسوا واجتمعوا لتنفيذها وغنائها».

أكثر من مرة تمّ إنتاج أوبريت غنائي عربي. وشاهدنا مشارَكة أهم النجوم العرب فيها. فلماذا يتردَّد الفنان اللبناني في المقابل في المشارَكة بعمل وطني جامع؟ يوضح الشاعر: «هذا النوع من الأغاني ينجز بوصفه عملاً تطوعياً. ولا يندرج على لائحة تلك التجارية. فمن المعيب أن يتم أخذ أجر مالي، فلا المغني ولا الملحن ولا الكاتب ولا حتى مخرج الكليب يتقاضون أجراً عن عملهم. فهو كناية عن هدية تقدّم للأوطان. ولا يجوز أخذ أي بدل مادي بالمقابل. ولكن في بلدان عربية عدة يتم التكفّل بإقامة الفنان وتنقلاته. فربما ذلك يشكّل عنصر إغراء يحثّهم على المشارَكة، مع الامتنان».

ويذكر طوني أبي كرم أنه في إحدى المرات فكّر في إعادة الكرّة وتنفيذ أغنية وطنية جماعية، فيقول: «ولكني ما لبثت أن بدّلت رأيي، واكتفيت بالتعاون مع الفنان راغب علامة وحده بأغنية من ألحانه (بوس العلم وعلّي راسك)».

يشير الشاعر طوني أبي كرم إلى أن غالبية الأغاني الوطنية التي كتبها وُلدت على خلفية مناسبة ما، ويوضح: «في أغنية (ممنوع اللمس) مع عاصي الحلاني توجّهنا إلى مؤسسة الجيش في عيدها السنوي. وكذلك في أغنية (دايماً حاضر) مع الفنان شربل الصافي لفتح باب التطوع في الجيش».

وعمّا إذا كان يختار صوت الفنان الذي سيؤدي الأغنية قبل الكتابة يقول: «لا، العكس صحيح، فعندما تولد الفكرة وأنجز الكلام، أختار الصوت على أساسهما. قد أقوم ببعض التعديلات بعدها، ولكنها تكون تغييرات قليلة وليست جذرية».

يستغرق وقت كتابة كلام الأغنية، كما يذكر الشاعر أبي كرم، نحو 15 دقيقة. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «لأنها تنبع من القلب أصبّ كلماتها بسرعة على الورق. فما أكتبه يصدر عن أحاسيسي الدفينة، وعن مشهد أو تجربة وفكرة عشتها أو سمعت بها. ولذلك تكون مدة تأليف الأغنية قليلة. فهي تخرج من أعماقي وأكتبها، وفي حال طُلب مني بعض التبديلات من قبل الفنان لا أمانع أبداً، شرط أن يبقى ثابتاً عنوانُها وخطُّها وفحواها».

وعمَّا يمكن أن يكتبه اليوم في المرحلة التي يعيشها لبنان، يقول: «أعدّ نفسي شخصاً إيجابياً جداً بحيث لا يفارقني الأمل مهما مررت بمصاعب. ولكن أكثر ما تؤذي الإنسان هي إصابته بخيبة أمل، وهي حالات تكررت في بلادنا وفي حياتنا نحن اللبنانيين. فكنا نتفاءل خيراً ليأتي ما يناقض ذلك بعد فترة قصيرة. وهو ما يولّد عندنا نوعاً من الإحباط. اليوم لا نفقد الرجاء ولكن لا يسعنا التوسّع بأفكار إيجابية. وعلى أمل عدم إصابتنا بخيبة أمل جديدة، سأتريث في الكتابة في هذه المرحلة».