الحريري يعد بتأليف «حكومة اختصاصيين» بسرعة

حصل على 65 صوتاً من دون «حزب الله» وأكبر كتلتين مسيحيتين

الحريري متحدثاً إلى الصحافيين بعد تكليفه أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري متحدثاً إلى الصحافيين بعد تكليفه أمس (دالاتي ونهرا)
TT
20

الحريري يعد بتأليف «حكومة اختصاصيين» بسرعة

الحريري متحدثاً إلى الصحافيين بعد تكليفه أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري متحدثاً إلى الصحافيين بعد تكليفه أمس (دالاتي ونهرا)

انتهت الاستشارات النيابية التي أجراها الرئيس اللبناني ميشال عون أمس لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة، بتكليف الرئيس سعد الحريري بعد حصوله على 65 صوتاً مقابل 53 لم يسموا أحداً من أصل 120 نائباً يتكون منهم البرلمان حالياً.
وشدّد الحريري بعد تكليفه على عزمه «تشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين» تكون مهمتها «تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية التي التزمت الكتل الرئيسية في البرلمان بدعم الحكومة لتطبيقها»، مشيراً إلى أنه «سينكب على تشكيل الحكومة بسرعة لأن الوقت داهم والفرصة أمام لبنان هي الوحيدة والأخيرة». وأكد عزمه «الالتزام بوعده المقطوع لهم بالعمل على وقف الانهيار الذي يتهدد الاقتصاد والمجتمع وأمنه» فضلاً عن إعادة إعمار ما دمره الانفجار في مرفأ بيروت.
ولفت رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد لقائه عون والحريري إلى أنّ «الجو تفاؤلي» بينهما، و«التشكيل سيحصل في وقت أسرع من المتوقع»، و«سيكون هناك تقارب بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر».
واعتبر رئيس «تكتل لبنان القوي» (يضم نواب التيار الوطني الحر) النائب جبران باسيل أنّ موقف التيار بعدم تسمية أحد معروف منذ فترة لأنه «مع حكومة إصلاح من اختصاصيين، مؤكداً أنّه «لا توجد خلفيات شخصية لعدم التسمية».
وشدّد عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان على أنّه إذا لم تشكل حكومة مستقلين من أصحاب اختصاص وإذا لم تطبق المداورة، فلن يخرج لبنان من الأزمة. والتجارب الماضية أظهرت أن «الطبقة القابضة على السلطة لم تتعلم شيئاً وهي أمام امتحان كبير»، قائلاً: «سنراقب ككتلة تأليف الحكومة».
وعلى خطّ عدم تسمية الحريري أيضاً، أشار عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» (تضم نواب «حزب الله») النائب محمد رعد إلى أنّ الكتلة «لم تسمِّ أحداً لرئاسة الحكومة، علّها تسهم بذلك في إبقاء مناخ إيجابي يوسّع سبل التفاهم المطلوب». واعتبر رعد أن «التفاهم الوطني هو الممر الإلزامي لحفظ لبنان وحماية سيادته ومصالحه».
وسمّى نوّاب كتلة «التنمية والتحرير» (تضمّ نواب حركة أمل) الحريري لتشكيل حكومة «تنفذ الورقة الإصلاحية»، ودعت الكتلة إلى «تشكيل حكومة إنقاذ بأسرع وقت يكون في سلّم أولوياتها تنفيذ البنود الإصلاحية الإنقاذية التي تضمنتها المبادرة الفرنسية، خاصة مكافحة الفساد وتنفيذ القوانين التي أصدرها مجلس النواب ولم تُنفَّذ»، في رد غير مباشر على الرئيس عون الذي تحدث أول من أمس عن القوانين التي لم يقرها المجلس.
وسمّت الحريري أيضاً كتلة «اللقاء الديمقراطي» (تضمّ نواب الحزب التقدمي الاشتراكي) وذلك في «محاولة لإنقاذ ما تبقى من البلد»، كما قال النائب تيمور جنبلاط. كما سمت الحريري كتلة نواب تيار «المردة».
وكان رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي أول المشاركين في الاستشارات؛ إذ تمنى على الرئيس عون أن «يكون حكماً كما ينص الدستور، وألا يكون طرفاً بأي شكل من الأشكال».
وفي الإطار نفسه، رأى الرئيس تمام سلام أنّ لبنان اليوم أمام محاولة جديدة في ظل متابعة ورعاية دولية، وخاصة من قِبَل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون» واعتبر سلام أنّ الحريري أمام «تحدٍّ كبير، وهذه قد تكون الفرصة الأخيرة؛ فإما لجم الانهيار، وإما الذهاب إلى الأسوأ».
بدوره، سمى النائب نهاد المشنوق الحريري لتأليف الحكومة الجديدة، متحدثاً عن أسباب عديدة دفعته إلى ذلك منها «تبنيه الكامل والعلني المبادرة الفرنسية الإصلاحية التي هي المبادرة الوحيدة المتاحة لنا الآن».
ودعا المشنوق إلى تأليف «حكومة اختصاصيين يبدأ على أساسها العمل بشكل جدي»، موضحاً أنّ «الخلاف مع الحريري سياسي والاتفاق أيضاً، وأتمنى أن يكون التأليف أقل تعقيداً مما أعتقد».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.