أميركا «تضبط إيقاع» حلفائها إزاء «ملفات» سوريا ومؤتمر اللاجئين

تشديد غربي وعربي على الحل السياسي وفق القرار 2254 و«مناقشات جوهرية» للجنة الدستورية

سوريون وسط الدمار في جبل الزاوية بإدلب شمال غربي البلاد (أ.ف.ب)
سوريون وسط الدمار في جبل الزاوية بإدلب شمال غربي البلاد (أ.ف.ب)
TT

أميركا «تضبط إيقاع» حلفائها إزاء «ملفات» سوريا ومؤتمر اللاجئين

سوريون وسط الدمار في جبل الزاوية بإدلب شمال غربي البلاد (أ.ف.ب)
سوريون وسط الدمار في جبل الزاوية بإدلب شمال غربي البلاد (أ.ف.ب)

سعى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى «ضبط الإيقاع» بين الدول الأعضاء في «المجموعة المصغرة» التي تضم دولا عربية وأوروبية رئيسية، إزاء عدد من «الملفات السورية» بينها العملية السياسية والمؤتمر الروسي للاجئين المقرر في دمشق منتصف الشهر المقبل، ذلك في آخر جهد قيادي أميركي قبل الانتخابات الأميركية بداية الشهر المقبل.
هذا الجهد الأميركي، يسبق زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسن إلى دمشق يومي السبت والأحد للقاء وزير الخارجية وليد المعلم ورئيس الوفد الحكومي في اللجنة الدستورية أحمد كزبري قبل تقديمه (بيدرسن) إيجازا إلى مجلس الأمن عن نتائج الجولات الثلاث السابقة لـ«الدستورية». كما تزامنت الاندفاعة الأميركية مع محادثات مكوكية روسية - تركية - إيرانية لـ«ضبط الإيقاع» بين «ضامني آستانة» إزاء اللجنة الدستورية وترتيبات عسكرية في حماة وإدلب وشرق الفرات.
وتضم «المجموعة المصغرة» (النواة) وزراء خارجية السعودية ومصر وفرنسا وألمانيا والأردن وأميركا وبريطانيا، حيث تؤكد المجموعة دعم «تسوية سياسية للأزمة السورية على أساس القرار 2254» وجهود بيدرسن، لحل سياسي يتضمن «سلامة ووحدة أراضي سوريا وسيادتها ويؤدي إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية التي دخلت سوريا بعد عام 2011».
وكان مسؤولون أميركيون أعلنوا أكثر من مرة ضرورة انسحاب جميع القوات الأجنبية بما فيها الإيرانية، من سوريا باستثناء الجيش الروسي الذي وقع اتفاقات مع نظيره السوري بعد الانخراط في سوريا في سبتمبر (أيلول) 2015. وتنخرط في سوريا حاليا جيوش 5 دول: أميركا، روسيا، إيران، تركيا وإسرائيل.
ويسود اعتقاد أن المدخل لتنفيذ 2254 هي اللجنة الدستورية الذي عقدت ثلاثة اجتماعات مع تقدم بطيء في عملها. ووجد بيدرسن صعوبة في الدعوة لجولة رابعة بسبب الخلاف بين وفدي الحكومة والمعارضة حول جدول أعمالها. وسيكون هذا بندا رئيسيا في محادثات بيدرسن مع المعلم وكزبري في دمشق الأحد المقبل. وحسب مسؤولين غربيين، فإن دول «المجموعة المصغرة» ستحث «على استمرار التعاون مع اللجنة لضمان إحراز تقدم على صعيد المناقشات المتعلقة بالدستور بما يتناغم مع مهام اللجنة وإجراءاتها» مع ضرورة أن تناقش الجولة الرابعة «قضايا جوهرية من أجل إنجاز تقدم حقيقي وخلق زخم لتعزيز جميع الأبعاد الأخرى للعملية السياسية، بما في ذلك نحو عقد انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة حسب القرار 2254».
وكانت دول غربية سعت إلى إقناع بيدرسن بالمضي قدما خطوة عبر تحمل أطراف معينة، خصوصا الحكومة، مسؤولية فشل اجتماعات «الدستورية» السابقة وعدم إحداث اختراق جوهري في عملها. لكن يبدو أن الاتجاه الحالي اكتفى بحث بيدرسن على «مناقشة قضايا جوهرية».
لكن الملف الحاضر - الغائب هو مؤتمر اللاجئين الذي دعت الحكومتان الروسية والسورية لعقده في دمشق يومي 11 و12 الشهر المقبل. وجاء في نص الدعوة الذي وجهته الخارجية السورية، وحصلت «الشرق الأوسط»، على نسخة منه، أن «عودة الأمن والاستقرار إلى مساحات واسعة من أراضي الجمهورية العربية السورية وكذلك عمليات إعادة إعمار وتجديد البنية التحتية، تمثل خطوة جوهرية لتوفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين والمشردين السوريين إلى مدنهم وقراهم لممارسة حياتهم الطبيعية».
وحسب إحصاءات «المفوضية لشؤون اللاجئين»، وصل عدد اللاجئين السوريين، في تركيا ولبنان والعراق والأردن ومصر، إلى 5.6 مليون لاجئ، بينهم 3.5 مليون في تركيا (63.8 في المائة) و952 ألفا في لبنان و673 ألفا في الأردن. يضاف إلى ذلك، نحو 7 ملايين نازح داخل البلاد.
وإذ أشارت الدعوة إلى قرارات عفو من دمشق لعودة اللاجئين وإلى أن «الخسارة الأعظم في الحرب الدائرة تتمثل في رحيل أبناء سوريا وكوادرها المؤهلة عن وطنهم، وهو ما يتطلب عدم ادخار أي جهود لتأمين عودتهم إلى وطنهم ومشاركتهم في جهود الإعمار»، حث ممثلو الدول الغربية والعربية والمنظمات الأممية للمشاركة في المؤتمر في دمشق يومي 11 و12 الشهر المقبل.
وتراهن دمشق وموسكو على أن مؤتمر اللاجئين سيضع الدول الغربية بين خيارين: المقاطعة والتعرض لاتهامات منهما في مجلس الأمن بأنها تتبع «معايير مزدوجة»، أو عودة شريحة من السوريين واستعمال ذلك للضغط على الدول المانحة كي تحول مساهماتها إلى دمشق بدل الدول المجاورة عبر مؤتمر الدول المانحة في بروكسل.
في المقابل، أبدت واشنطن وعواصم غربية التحفظ على هذا المؤتمر لأسباب كثيرة بينها «الإعمار» ذلك أن موقف الدول الأوروبية وأميركا يقوم على ربط المساهمة بالإعمار بـ«تنفيذ عملية سياسية ذات صدقية، في وقت قدر خبراء سوريون خسائر الاقتصاد السوري خلال 9 سنوات من الحرب بنحو نصف تريليون دولار أميركي».
وعليه، فإن «المجموعة المصغرة» تتبع لغة دقيقة إزاء ذلك، إذ إنها تشير إلى «معاناة عميقة» للشعب السوري بعد نحو 10 سنوات من الحرب وسط انتشار وباء «كورونا» وأزمة اقتصادية في سوريا، ثم تؤكد على أهمية «وصول آمن ودون أي عقبات للمساعدات الإنسانية أمام جميع السوريين» مع حث المجتمع الدولي على «الاستمرار في دعم اللاجئين السوريين والدول والمجتمعات المضيفة لهم، حتى يتمكن السوريون من العودة طواعية لوطنهم بسلامة وكرامة وأمن». وهناك إشارة إلى رفض «التغيير الديموغرافي القسري وعدم تقديم أي مساعدات لأي عملية توطين للاجئين سوريين لا تتوافق مع المعايير التي أرستها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين».
وحسب وثيقة من «المفوضية السامية لشؤون اللاجئين»، فإنه «يجب أن تتم عودة اللاجئين فقط كنتيجة لقرارهم الحر والمُعلن عنه بشكل فردي، على أساس المعرفة ذات الصلة والموثوقة فيما يتعلق بالظروف في سوريا بشكل عام وفي مناطق العودة المقصودة بشكل خاص». كما ذكر بعض المسؤولين، في اجتماع داخلي، بضرورة تجديد المطالبة بإلغاء القانون رقم 10 الذي يخص ممتلكات المهجرين والشرط الأخير الذي تضمن ضرورة تصريف السوري مائة دولار أميركي بالسعر الرسمي، لدى عودته إلى البلاد، إضافة إلى «ضمانات عدم الملاحقة وتوفر البيئة الآمنة». والتزام معايير «المفوضية» هو موقف جماعي بين الدول الأوروبية.
«الخلاصة» بالنسبة إلى دول «المجموعة المصغرة» التي تضم دولا غربية وعربية رئيسية «لا حل عسكريا» وأن بوابة الحل هي «التسوية السياسية بالتوافق مع القرار 2254» لأنها توفر ظروفا للعودة الآمنة والطوعية والكريمة للمشردين داخليا واللاجئين... ودعما للدول المضيفة للاجئين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.