نورلاند: لا أمل في انسحاب السوريين من غرب ليبيا إذا بقي مرتزقة «فاغنر» بشرقها

السفير الأميركي يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يتمنى بقاء السراج «لفترة أطول قليلاً»... ويعتبر أن حفتر وجيشه «يمكن أن يكونا جزءاً من الحل»

السفير ريتشارد نورلاند
السفير ريتشارد نورلاند
TT

نورلاند: لا أمل في انسحاب السوريين من غرب ليبيا إذا بقي مرتزقة «فاغنر» بشرقها

السفير ريتشارد نورلاند
السفير ريتشارد نورلاند

دافع سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، عن سياسة بلاده في هذه البلاد، نافياً دعمه طرفاً على حساب آخر، في رد على اتهامات تتكرر في ليبيا بأنه يدعم تيار الإسلام السياسي ويغض الطرف عن توسيع تركيا نفوذها في هذه البلاد في إطار جهوده لاحتواء النفوذ الروسي.
وقال نورلاند، في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط»، إن الليبيين «سئموا» من الحرب، مشيراً إلى «إجماع متزايد» بينهم على أن حل النزاع يجب أن يكون عبر الحوار السياسي وليس القوة العسكرية. وأشاد بقرار رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» في طرابلس، فائز السراج، التنحي من منصبه، واصفاً ذلك بالخطوة «الشجاعة وغير المسبوقة». لكنه قال إنه «يتمنى» بقاءه لفترة أطول حتى يصبح انتقال السلطة ممكناً.
وتحدث السفير الأميركي عن زيارته الأخيرة لكل من مصر وتركيا حيث قابل مسؤولين، بينهم قادة بارزون في أجهزة الاستخبارات، موضحاً أنه يريد «تشجيع» القاهرة وأنقرة على التشاور مباشرة «كوسيلة لتجنب الحسابات الخاطئة» في ليبيا.
وشرح اقتراح بلاده بخصوص جعل مدينتي سرت والجفرة منزوعتي السلاح، قائلاً إنه يعني «أن تتولى قوات شرطية مشتركة أو أفراد الأمن المدني، على الأرجح، البقاء في تلك المناطق» بعد إخلائها من السلاح، مضيفاً أن بقاء «أي جماعات مسلحة، بما في ذلك مجموعة فاغنر، لن يؤدي إلا إلى تقويض إجراءات بناء الثقة» بين حكومة «الوفاق» و«الجيش الوطني».
وتناول السفير الأميركي قضية انتشار مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية في ليبيا، قائلاً إن «ليس هناك شك في أن مجموعة فاغنر تتصرف نيابة عن الحكومة الروسية، وأن أنشطتها تساعد في زعزعة الاستقرار في ليبيا». وتابع أن «أولئك الذين يدعون إلى انسحاب المقاتلين السوريين وغيرهم من غرب ليبيا، على سبيل المثال، لا يمكنهم أن يأملوا في حدوث ذلك طالما استمرت مجموعة فاغنر في تعزيز وجودها في الشرق». ورفض إعطاء موقف من شرعية الاتفاق الذي وقعته حكومة «الوفاق» مع تركيا العام الماضي، قائلاً إن الخلاف بخصوص المياه الإقليمية في المتوسط يجب أن يُحل وفق القانون الدولي ومن خلال حوار بين الأطراف المعنية. لكنه زاد: «ما أفهمه هو أن حكومة الوفاق الوطني فعلت ما كان عليها فعله للنجاة من هجوم الجيش الوطني الليبي».
وفيما يأتي نص المقابلة:
> الأطراف الليبية منخرطة في حوار في المغرب وتونس ومصر وسويسرا وربما في أماكن أخرى. هل أنتم متفائلون بتحقيق تقدم نحو التوصل إلى تسوية؟
- لقد أحرز الليبيون تقدماً نحو تسوية سياسية. وساعدت عدة جولات من المحادثات في جنيف ومونترو، بالإضافة إلى مناقشات مفيدة لبناء الثقة جرت في مصر والمغرب، على تمهيد الطريق لمنتدى الحوار السياسي الليبي القادم (LPDF) بتوجيه من الأمم المتحدة والآن حان الوقت للتركيز على هذه العملية. أعلم أن العديد من الليبيين يرون أن هذا مجرد مؤتمر آخر يتحدث فيه السياسيون، وربما يعتقدون أنه سيفشل كما حدث في المحادثات السابقة. ومع ذلك، هناك العديد من الأشياء المختلفة هذه المرة. بادئ ذي بدء، لقد سئم الناس الحرب: وخلال مشاوراتي العديدة مع القادة الليبيين، لمستُ أن هناك إجماعاً متزايداً على أهمية الحوار السياسي - وليس القوة العسكرية لحل النزاع. وبالمثل، يرغب الليبيون بشكل متزايد في إعادة فرض السيادة الليبية وإخراج القوات الأجنبية المسلحة من البلاد. بالإضافة إلى ذلك، سيكون منتدى الحوار السياسي الليبي النسخة الأولى من المحادثات التي يجب فيها على المشاركين الإعلان عن عدم الترشح للمناصب السياسية في المؤسسات الجديدة التي سيتم إنشاؤها. ومن الجدير بالذكر أيضاً في نفس السياق، أن رئيس الوزراء السراج قد أشار إلى نيته التنحي في نهاية المطاف وتسليم مقاليد الحكم إلى السلطة التنفيذية الجديدة التي سيتم إنشاؤها في إطار منتدى الحوار السياسي الليبي وهذه خطوة شجاعة وغير مسبوقة تميز هذه اللحظة أيضاً عن المحاولات السابقة لإيجاد تسوية سياسية.
> شاركتَ أخيراً في اجتماعات حول ليبيا مع كل من المصريين والأتراك. هل توسطت في «هدنة ليبية» بينهما؟ وماذا تتوقع أن تفعل القاهرة وأنقرة لدفع الليبيين نحو عقد اتفاق؟
- لقد شجعتني مشاوراتي مع كبار المسؤولين في القاهرة وأنقرة في وقت سابق من هذا الشهر وفي أغسطس (آب)، تمشيا مع رغبة الوزير بومبيو في استخدام الأدوات الدبلوماسية الأميركية للمساعدة في تهيئة الظروف التي تؤدي إلى عملية سياسية ناجحة في ليبيا. وتشير المشاورات التي أجريتها إلى أن الولايات المتحدة ومصر وتركيا وشركاء دوليين آخرين يبحثون عن طرق عملية لدعم منتدى الحوار السياسي الليبي. وتساعدنا مثل هذه المشاورات على فهم المصالح المشتركة في إيجاد تسوية سلمية تفاوضية للنزاع بدلاً من تصعيد وزيادة زعزعة استقرار ليبيا والمنطقة. وبناء عليه، أود بالتأكيد أن أشجع مصر وتركيا على التشاور مباشرة مع بعضهما البعض كوسيلة لتجنب الحسابات الخاطئة وبناء التعاون من أجل مصلحتهما المشتركة في أن تكون ليبيا دولة مستقرة وآمنة.
> ما المقصود من اقتراحكم «بنزع السلاح» من مدينتي سرت والجفرة؟ وهل هذا يعني انسحاب مجموعة فاغنر منهما أيضاً؟
- ضمن سياستها المتبعة، دعت الولايات المتحدة باستمرار إلى رحيل جميع القوات الأجنبية بما في ذلك المرتزقة والقوات المتعاقدة من ليبيا. هذه الجماعات المسلحة الأجنبية لم تؤد إلا إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في ليبيا وتصعيد النزاع. فمجموعة فاغنر، وهي شركة تعاقدات مرتبطة بالكرملين، هي من بين تلك الأطراف الفاعلة. وعلى المدى القريب، ما أوصينا به هو إجراء ملموس لبناء الثقة من خلال نزع السلاح من سرت والجفرة، على أن تتولى قوات شرطية مشتركة أو أفراد الأمن المدني، على الأرجح، البقاء في تلك المناطق. ويجب أن يتفاوض الليبيون أنفسهم على التفاصيل الدقيقة لتفعيل هذه الفكرة. وقد تكون هذه خطوة أولى ملموسة تسهل اتخاذ خطوات إضافية نحو خفض التصعيد. إن بقاء أي جماعات مسلحة، بما في ذلك مجموعة فاغنر، لن يؤدي إلا إلى تقويض إجراءات بناء الثقة هذه.
> هل تعتقدون أن هؤلاء المرتزقة الروس لم يكن من الممكن نشرهم دون موافقة من أعلى السلطات في موسكو، أي الكرملين؟
- تعارض الولايات المتحدة أي تواجد عسكري أجنبي في ليبيا بما في ذلك تواجد مجموعة فاغنر. وكما رأيتم، فإن جيشنا، أي أفريكوم، قد فضح علناً الأنشطة العسكرية الروسية والحالات التي جلبت فيها روسيا أسلحة متطورة في انتهاك لحظر الأسلحة. وللأسف، ليس هناك شك في أن مجموعة فاغنر تتصرف نيابة عن الحكومة الروسية، وأن أنشطتها تساعد في زعزعة الاستقرار في ليبيا. أولئك الذين يدعون إلى انسحاب المقاتلين السوريين وغيرهم من غرب ليبيا، على سبيل المثال، لا يمكنهم أن يأملوا في حدوث ذلك طالما استمرت مجموعة فاغنر في تعزيز وجودها في الشرق.
> هل تعتقد أن روسيا تسعى لإقامة قاعدة لها في ليبيا، وماذا يعني ذلك إن كان صحيحاً؟
- أنا لا أدعي أنني أعرف النوايا الروسية، وهذا السؤال يوجه إلى موسكو. ما أعرفه هو أن الليبيين يبحثون عن وجود عسكري أجنبي أقل وليس أكثر في بلدهم. ونحن نشارك هذا التوجه ونرى أن منتدى الحوار السياسي الليبي هو أفضل أداة لمساعدة الليبيين على تحقيق ذلك.
> اشتكت روسيا مؤخراً من أنها عرضت الجلوس والتحدث معكم بشأن ليبيا، لكنكم رفضتم. لماذا؟
- لم أرفض قط إجراء محادثات مع روسيا. الولايات المتحدة لديها اتصالات منتظمة مع روسيا، بما في ذلك بشأن ليبيا. إن الحكومة الروسية على علم جيد بموقفنا من دور فاغنر في ليبيا، ودعمنا لمنتدى الحوار السياسي الليبي. أعتقد أن هناك تياراً داخل روسيا يدعم فعلياً حلاً سياسياً ليبياً ويدرك أن بإمكان روسيا تحقيق مصالحها المشروعة في ليبيا، مثل تعزيز الأعمال التجارية الروسية ومكافحة الإرهاب، من خلال الحوار السياسي. لكن الاستثمار العسكري الروسي في ليبيا يقوض هذا الموقف.
> لقد تعرضتم لانتقادات مستمرة من قبل خصومكم في ليبيا، الذين يزعمون أنكم تميلون أو حتى تدعمون الإخوان المسلمين في غرب ليبيا، وتتجاهلون التدخل العسكري التركي. فما ردكم؟
- نحن لا ندعم أي طرف في الصراع الليبي. من الناحية العملية، لم يكن من المحتمل أن يحدث التدخل العسكري التركي لو لم يُشرك الجيش الوطني الليبي مرتزقة فاغنر في هجومه على طرابلس. والتحدي الآن هو مساعدة جميع الليبيين - شرقاً وغرباً وجنوباً - على تهيئة الظروف لاستعادة سيادتهم وتمهيد الطريق لرحيل جميع القوات الأجنبية المقاتلة. وتنخرط الولايات المتحدة في دبلوماسية نشطة مع جميع الأطراف، وهو ما أطلق عليه البيت الأبيض انخراطاً دبلوماسيا كاملاً وتاماً (بدرجة 360)، من أجل دعم منتدى الحوار السياسي الليبي. إن الديناميكية العسكرية التصعيدية المستمرة محفوفة بخطر سوء التقدير ومستويات جديدة من العنف. ويجب أن يكون واضحاً للجميع أن تجدد الأعمال العدائية في ليبيا لن يُسفر عن منتصر، بل سيجلب المزيد من المجازر والمزيد من النشاط الإجرامي والمزيد من الهجرة غير الشرعية والمزيد من المشاكل للمواطن الليبي العادي - سواء كان ذلك من حيث انخفاض الدخل، أو تدهور الرعاية الصحية وقطاع الكهرباء. كما قلت، نحن نعارض أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا ولا نتسامح مطلقاً مع الإرهابيين. وستفتح التسوية السياسية في ظل منتدى الحوار السياسي الليبي الطريق أمام رحيل جميع القوات الأجنبية ويمكن أن تسهل حل المشكلات التي تزدهر في ظل حالة عدم الاستقرار التي يفرضها الصراع الليبي.
وبالمثل، سيتعين نزع سلاح الميليشيات أو تسريحها أو دمجها حيثما أمكن في الخدمات العسكرية أو الأمنية النظامية الخاضعة للسيطرة المدنية. وكيف يحدث ذلك بالضبط هو سؤال يقرره الليبيون أنفسهم. وستكون عملية القرار هذه أكثر فاعلية في ظل المؤسسات السياسية الجديدة في ليبيا ذات السيادة بعد تسوية سياسية في ظل منتدى الحوار السياسي الليبي.
> ما هو موقفكم من شرعية المعاهدة التركية مع حكومة الوفاق بخصوص التنقيب عن النفط في البحر المتوسط، وكذلك الاتفاقية الأمنية؟
- لا تتخذ الولايات المتحدة موقفاً بشأن النزاعات البحرية الثنائية التي تنطوي على مطالبات متنافسة على المياه الإقليمية - فهذه مسألة تخص القانون الدولي والمفاوضات بين الأطراف نفسها. ما أفهمه هو أن حكومة الوفاق الوطني فعلت ما كان عليها فعله للنجاة من هجوم الجيش الوطني الليبي.
> هل أوضح لك السيد السراج سبب عرضه الاستقالة نهاية الشهر الجاري؟ هل ما زلت تتوقع منه أن يفعل ذلك قريباً؟
- أريد فقط أن أثني على رئيس الوزراء السراج لإعلانه نيته التنحي. إن قراره التاريخي بالتنحي طواعية يظهر أنه مستعد لوضع مصالح الشعب الليبي فوق مصلحته الشخصية، ويستحق الاحترام. فيما يتعلق بالتوقيت الدقيق، يجب أن أقر بأنه في وقت إعلانه توقعنا أنه سيكون قادراً على تسليم السلطة إلى سلطة تنفيذية جديدة في نهاية أكتوبر (تشرين الأول). ومع ذلك، وبسبب جائحة فيروس كورونا وغيرها من التعقيدات في تنظيم الحوار، أشارت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى أن التوقيت الحالي لاجتماعات منتدى الحوار السياسي الليبي سيؤخر هذا الأمر إلى نوفمبر (تشرين الثاني). لذلك آمل وأتوقع أن يبقى في منصب رئيس الوزراء لفترة أطول قليلاً، على الأقل حتى يصبح انتقال السلطة هذا ممكناً. وأكرر قولي إنه من الواضح لي أنه ينوي التنحي.
> لمحت في إيجاز صحافي قبل شهور إلى أن البعض في مصر ربما دعموا الجانب الخطأ في ليبيا، في إشارة إلى المشير حفتر. هل لا يزال المصريون متمسكين به، وهل للأميركيين أي اتصال معه الآن؟
- إعلان القاهرة، الذي وسع المشهد السياسي للشرق، ودعم مصر لمنتدى الحوار السياسي الليبي بخطوات مهمة مثل استضافة محادثات الغردقة الأمنية، دليل على أن المصريين يستثمرون في الحل السياسي للصراع الليبي وليس الحل العسكري. لا أريد أن أتحدث نيابة عن المصريين، لكن في مشاوراتي مع كبار المسؤولين أشاروا إلى نهج براغماتي يعترف بأن التصعيد العسكري لا يؤدي إلا إلى زعزعة استقرار ليبيا ومن المحتمل أن يهدد المنطقة بشكل أوسع. وكجارة (لليبيا)، هذا هو عكس ما يريدون رؤيته تماماً. لذلك سأكرر هنا تقديري الحقيقي لخطوات مصر الملموسة في دعم منتدى الحوار السياسي الليبي.
فيما يتعلق بالجزء الثاني من سؤالك، لدينا اتصالات مع المشير حفتر والجيش الوطني الليبي، ونعترف بأنهما يمكن أن يكونا جزءاً من الحل إذا كانا على استعداد لاتباع المسار السياسي الخالص. لقد كانت إشارة جيدة من الجيش الوطني الليبي على أن إنتاج النفط يمكن استئنافه لصالح الليبيين. ونحن نتفهم أن ممثليهم يتخذون مقاربة بناءة في محادثات 5+5 هذا الأسبوع في جنيف. إن تواصلنا مع الجيش الوطني الليبي هو جزء من انخراطنا الدبلوماسي الواسع النطاق مع جميع الأطراف، ولا ينبغي الخلط بينه وبين الانحياز.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.