«كورونا» تكشف عن ظاهرة «الإنفاق الانتقامي» عند أثرياء العالم

عمال الرعاية الصحية خلال جولة بمعمل اختبار «كورونا» في ملبورن بأستراليا (إ.ب.أ)
عمال الرعاية الصحية خلال جولة بمعمل اختبار «كورونا» في ملبورن بأستراليا (إ.ب.أ)
TT

«كورونا» تكشف عن ظاهرة «الإنفاق الانتقامي» عند أثرياء العالم

عمال الرعاية الصحية خلال جولة بمعمل اختبار «كورونا» في ملبورن بأستراليا (إ.ب.أ)
عمال الرعاية الصحية خلال جولة بمعمل اختبار «كورونا» في ملبورن بأستراليا (إ.ب.أ)

إذا كنت ممن يعتقدون أن إجراءات الإغلاق التي اتُّخذت حول العالم من أجل مكافحة انتشار فيروس «كورونا» المستجد، قد تسببت في إلحاق الضرر بسلع الترف المختلفة، فإنك مخطئ وعليك إعادة النظر في اعتقادك.
وفى هذا الصدد، تقول وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن المبيعات في قسم الأزياء والمصنوعات الجلدية بشركة «لويس فيتون» الراقية، ارتفعت بنسبة 12 في المائة - من دون احتساب تحركات أسعار الصرف - خلال الربع الثالث من العام، وذلك بنسب لا تختلف كثيراً عن النسب التي كانت تحققها في فترة ما قبل تفشي جائحة «كورونا» العالمية.
وكان هناك إجماع بشأن توقعات المحللين في وكالة «بلومبرغ» للأنباء فيما يتعلق بأداء السوق خلال هذه الفترة، وهو تسجيل انخفاض في المبيعات بنسبة 9.‏0 في المائة، وليس ارتفاعها.
ويُظهر ذلك الأداء في المبيعات كيف عاد الطلب على السلع باهظة الثمن، والتي تتضمن حقائب اليد والساعات والسيارات، بمجرد تمكن المستهلكين الأثرياء من الخروج من منازلهم، كما يظهر حجم إنفاقهم جزءاً من الأموال التي ادخروها أثناء فترة الإغلاق.
يذكر أوروبا تعمل حالياً على تشديد القيود المفروضة على حركة المواطنين من جديد، في ظل تسجيل بعض الدول أعداد إصابات كبيرة مرة أخرى.
أما في الصين، التي من الممكن أن يمثل المستهلكون فيها نسبة 45 في المائة من زبائن الكماليات الفاخرة هذا العام، بحسب بيانات شركة «جيفريز»، فقد قام المتسوقون بتدليل أنفسهم، عندما أعادت المتاجر فتح أبوابها.
وقد انتشرت هذه الظاهرة، التي تحمل اسم «الإنفاق الانتقامي»، لتصل إلى الولايات المتحدة، وحتى أوروبا، حيث يقوم الأثرياء من الأفراد بإنفاق الأموال التي كانوا يعتزمون إنفاقها خلال فترة قضاء الإجازات في الخارج، وتناولهم الطعام داخل صالات المطاعم، في المحال الراقية، بحسب ما ذكرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.
وحتى وقت قريب، انتعشت أسواق البورصة بقوة، وهو الأمر الذي يعمل على تشجيع المستهلكين في الولايات المتحدة على الإنفاق. ونتيجة لذلك، يمكن أن تقدم النساء على شراء حقائب فاخرة تحمل اسم علامات تجارية راقية مثل «كريستيان ديور بوبي». أما الرجال، فقد ينفقون كثيراً من المال على شراء الساعات الثمينة.
وكانت مجموعة شركات «ساعات سويسرا» الشهيرة التي تقوم ببيع الساعات والمجوهرات بالتجزئة في المملكة المتحدة، أعلنت مؤخراً تحقيق مبيعات أفضل مما كان متوقعاً.
إلا إن تلك الإحصاءات غير المتوقعة لا تقتصر فقط على بيوت الأزياء وشركات الساعات الثمينة.
فمن ناحية أخرى؛ أعلنت شركة «دايملر إيه جي» المالكة شركة «مرسيدس بنز»، في الأسبوع الماضي، تسجيل تدفق نقدي صناعي حر، بلغت قيمته المذهلة 1.‏5 مليار يورو خلال الفترة ربع السنوية الممتدة من يوليو (تموز) وحتى سبتمبر (أيلول) الماضيين.
ويبدو أن عملاء الشركة من ذوي الوظائف الإدارية، كانوا أقل تأثراً بالجائحة من قطاع الخدمات الأكثر تضرراً. وقد أصبحت السيارات سهلة الاستخدام أيضاً في حال كان هناك قلق بشأن استخدام وسائل النقل العام، أو إذا كانت هناك حاجة إلى الانتقال من المدينة إلى الريف، بحسب ما ذكرته «بلومبرغ».
يذكر أن انتشار «مرسيدس بنز» بصورة كبيرة في الصين - حيث ارتفعت المبيعات بنسبة 23 في المائة على أساس سنوي خلال الربع الثالث من العام - كان له ميزة كبيرة أيضاً.
من ناحية أخرى؛ قد يكون هناك في المستقبل القريب مستفيد آخر من ذلك الانتعاش الذي شهدته حركة البيع، وهو شركة «أبل»، التي صار هاتفها الأفضل مبيعاً «آيفون 12 برو»، متاحاً للطلب المسبق يوم الجمعة الماضي.
وبعد توفير بعض المال أثناء فترة الإغلاق، قد يكون المستهلكون أكثر استعداداً للتفاخر من خلال حملهم هواتف جديدة أغلى ثمناً، حيث يبلغ سعر هاتف «آيفون 12 برو ماكس» 1199 دولاراً، بينما يبلغ سعر هاتف «آيفون 12 ميني» 649 دولاراً.
إلا إن هناك أسباباً تدعو إلى توخي الحذر، حيث إن انتعاش سوق مبيعات الكماليات الفاخرة، قد لا يجري بتوزيع متساو في مختلف شركات الصناعة.
فإذا كان المستهلكون بصدد القيام بعملية شراء خاصة، فمن المحتمل أن يقوموا بالشراء من إحدى أشهر العلامات التجارية.
وذكرت «بلومبرغ» أنه عندما يتعلق الأمر بالساعات، فإن أشهر العلامات التجارية في الوقت الحالي هي «رولكس»، و«باتيك فيليب» و«أوديمار بيجيه»، وكلها شركات مملوكة للقطاع الخاص.
كما تعدّ الساعات وحقائب اليد والمجوهرات من الأغراض التي تستعمل في الظروف العادية، أما المنتجات الأخرى المرتبطة بأحدث صيحات الموضة، مثل فساتين المناسبات الرسمية والأحذية ذات الكعب العالي، فقد تتأثر بصورة أكبر بسبب قلة الفعاليات التي يجب أن تُرتدى خلالها.
وفي الوقت نفسه، فإنه مع ازدياد القلق بشأن تسجيل خسائر اقتصادية نتيجة لتداعيات تفشي الجائحة، فقد يتضاءل الحماس بشأن الإنفاق، كما أن هناك أضراراً قد تنتج بسبب حدوث موجة ثانية من إصابات فيروس «كورونا» في أوروبا، وبسبب حالة عدم اليقين بشأن الانتخابات الأميركية، لدرجة تجعل حتى المستهلكين الأثرياء قد يفضلون ادخار أموالهم بدلاً من إنفاقها.
وفي الوقت الحالي، عاد الإنفاق على السلع الفاخرة بقوة، مما يتيح للشركات المصنعة انتهاز فرصة تحقيق أقصى استفادة ممكنة من وراء الإقبال المتزايد على منتجاتها.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».