دولار بيروت يبدل اتجاهه على إيقاع كلمة عون

أحد محلات الصرافة في بيروت (رويترز)
أحد محلات الصرافة في بيروت (رويترز)
TT

دولار بيروت يبدل اتجاهه على إيقاع كلمة عون

أحد محلات الصرافة في بيروت (رويترز)
أحد محلات الصرافة في بيروت (رويترز)

فرضت كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون إيقاعها على تداولات العملات في أسواق بيروت الموازية، في ظل تناقض المواقف بشأن مضمونها وتأثيرها على الملف الحكومي. وتمدد التأثير نسبياً إلى البورصة وأسواق سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) المتداولة محلياً وخارجياً.
ورصدت «الشرق الأوسط» ترقبات ملتبسة لدى الصرافين في السوق السوداء، ما دفع سعر الدولار صعوداً ليبلغ عتبة 7700 ليرة في تداولات محدودة ومتوترة قبيل إلقاء الخطاب ظهراً، بضغط من سريان معلومات عن موقف تصعيدي. ثم انقلب الوضع تماماً وتدحرج السعر المتداول خلال أقل من ساعتين إلى مستوى يقارب 7200 ليرة، ليراوح لاحقاً بين 7300 و7400 ليرة، بعدما تأكد أن الرسالة الرئاسية لم تتضمن إشارات يمكن أن تعيق مسار تكليف الرئيس سعد الحريري بتأليف الحكومة.
وظلت بورصة بيروت خارج نطاق التفاعل مع التطورات المستجدة، نظراً لتزامن توقيت الخطاب مع انتهاء الدوام اليومي ظهرا، وحافظت بالتالي على نمط التداولات الضيقة والمركزة على أسهم شركة سوليدر (عقارات وسط بيروت)، حيث جرت نحو 13 عملية فقط، بإجمالي مبالغ لم تتجاوز 110 آلاف دولار لنحو 26.5 ألف سهم من ضمنها عملية شملت 20 ألف سهم لأحد البنوك. علما بأن القيمة الرأسمالية المجمعة للأسهم تقارب 6.5 مليار دولار.
بالتوازي، لوحظ أن القعر غير المسبوق الذي بلغته أسعار بعض شرائح سندات الدين الدولية المتداولة في أسواق مالية دولية، لم يشكل حافزاً لعمليات شراء أو مضاربة توخياً لتحسن الأسعار في حال تقدم الملف الحكومي والالتزام المسبق للرئيس المكلف بتسريع المفاوضات المجمدة مع إدارة صندوق النقد الدولي وتفعيل وعود المبادرة الفرنسية بعقد مؤتمر جديد وحشد الدعم الدولي لتقديم العون الإغاثي والتمويلي.
وأفاد مصرفيون على صلة بمستثمرين خارجيين بأن قناعة «عدم اليقين» لا تزال تسيطر على قرارات المهتمين في الأسواق الخارجية بالأوراق الحكومية اللبنانية، التي فقدت كامل حيويتها عقب إقدام حكومة تصريف الأعمال الحالية على تعليق دفع مستحقات الأصول والفوائد لكامل شرائح محفظة السندات الدولية الذي تربو قيمته على 32 مليار دولار. وهذا ما أدى تباعاً إلى خسائر حادة في الأصول وصلت إلى حدود تسعير السند بين 15 و16 سنتاً من كل دولار.
وزاد في الترقبات السلبية أن الحكومة لم تبذل جهوداً كافية للتواصل، خلال الأشهر التالية لوقف الدفع، مع حاملي السندات المحليين الذين يحوزون نحو 11 مليار دولار من المحفظة، ولا مع الخارجيين الذين يخزنون نحو 15 مليار دولار من السندات. علماً بأن مصرف لبنان يحمل أيضاً نحو 5 مليارات دولار من اليوروبوندز، ويواظب على احتسابها بسعر الإصدار ضمن احتياطه من العملات الصعبة.
ومن الواضح أن التعاملات في الأسواق المالية، بحسب المصرفيين، ستبقى محكومة حتى إشعار آخر بشروط التقدم الفعلي في المعالجات، بعدما فقد لبنان الجزء الأعظم من مخزون الثقة بإمكانية التوافق الداخلي على خطة تعافي متكاملة تكفل انتشال قطاعاته المالية والنقدية من الانهيارات المتدحرجة التي ضربت أغلب ركائز الاقتصاد وتسببت بفقدان أكثر من 300 ألف وظيفة في القطاع الخاص وفي الإخلال بتوازن التركيبة الاجتماعية مع توسع حزام الفقر ليشمل نحو 60 في المائة من المقيمين.
وفقاً لهذا التقييم، يجمع الخبراء على أهمية تتبع المسارات الداخلية والمناخات الدولية في المرحلة المقبلة. ويمنحون ثقلاً نوعياً لمجرى المفاوضات حول ترسيم الحدود مع إسرائيل وسرعة تقدمه، كونه المؤشر الأبرز والأقوى الذي سترتكز إليه الترقبات المستقبلية والشاملة للشروع باستكشاف ثروة النفط والغاز المأمولة جنوب البلاد، وذلك من دون إغفال تأثير انسياب المستجدات الداخلية على «فرملة» التدهور وإمكانية حصول إيجابيات في السوق النقدية، خلال الأيام القادمة، في حال ظهور مؤشرات جدية تؤدي إلى تسهيل تأليف الحكومة بعد التكليف.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.