الرئيس اللبناني يرفع سقف المواجهة مع معارضيه

TT

الرئيس اللبناني يرفع سقف المواجهة مع معارضيه

رفع خطاب الرئيس اللبناني ميشال عون سقف الاشتباك السياسي مع جميع القوى السياسية، ولم يوفر مجلس النواب تلميحاً من خلال سؤاله عن اقتراحات قوانين الإصلاح وغيرها، وسط أسئلة من المعارضة عن توقيت هذا الخطاب الذي «جاء من دون مناسبة أو حدث مهم عادة ما يواكبه رئيس الجمهورية بخطاب موجه للبنانيين»، رغم الاعتراف بأنه «حق دستوري له»، لكنه يمثل، بحسب أوساط معارضة، «سابقة في الخطابات الرئاسية التي تأتي قبل الاستشارات النيابية».
وفي حين لم تعلق أوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري على الخطاب، كما لم تعلق أوساط الرئيس سعد الحريري، رأت مصادر معارضة أن خطاب عون أشّر إلى معركة سترافق تأليف الحكومة، بعد خسارة معركة التكليف، ووضع خريطة واضحة للتأليف ستشهد صراعاً سياسياً.
وقالت مصادر سياسية معارضة لـ«الشرق الأوسط» إن عون «من حقه أن يوجه رسالة للبنانيين، لكنه اختار توقيتاً بين تأجيل الاستشارات في الأسبوع الماضي، وعشية الموعد الجديد للاستشارات النيابية الملزمة» المزمع إجراؤها اليوم، قائلة إن التأجيل السابق «كان بغرض إبعاد الحريري عبر الرهان على سحب اسمه من التداول، وهو ما لم يجرِ، ولم يكن للتأجيل أي فعل سلبي».
وإذ توقفت عند مضمون الخطاب الذي لم يأت فيه عون على ذكر المبادرة الفرنسية أو المفاوضات مع إسرائيل لترسيم الحدود، واكتفى بالإشارة إلى المبادرات الدولية، قالت المصادر إن عون «غسل يديه من المشكلات ورماها على الآخرين؛ ومن ضمنهم مجلس النواب»، مشيرة إلى أن حديثه «يُفهم منه أنه يعترف بعدم تحقيق أي تغيير في تأجيل الاستشارات». وإذ رأت المصادر أنه في حثه النواب على الخيار في الاستشارات فإنه «وضع شروطاً عليهم»، قالت: «الرسالة من الخطاب أنه خسر معركة التكليف، والآن يراهن على معركة التأليف، وهو رهان النائب جبران باسيل لإعادة تعويمه أيضاً»، استناداً إلى «الحصار المفروض على باسيل الذي خسر معركة التكليف أيضاً».
ومن جملة الردود على عون، سأل عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب فيصل الصايغ: «أين نحن من رئيس للجمهورية يطرح حلولاً لمشاكل اللبنانيين ويقود عملية إصلاحٍ تنقذهم من حالتهم المزرية، بدل الشكوى من واقعٍ شارك في الوصول إليه ويساهم في تأزيمه؟ وأين نحن من صهر عاث في الدولة فشلاً وتطرفاً وفساداً وتهرباً من تحمل المسؤولية؟».
ورأى عضو «تكتل الجمهورية القوية»، النائب وهبي قاطيشا، أن «جلجلة رئيس الحكومة سعد الحريري ستبدأ بعد التكليف في ظلّ الشروط ‏التي يفرضها عليه كل من الثنائي الشيعي و(التقدمي الاشتراكي)»، متوقعاً مشاركة «تكتل لبنان القوي»؛ (كتلة التيار الوطني)، ‏في عملية التأليف رغم معارضته تكليف الحريري.
وتعليقاً على كلمة رئيس الجمهورية، غرد النائب المستقيل نديم الجميل، عبر حسابه على «تويتر»: «إن كلام رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم، يؤكد فشله وعجزه في إدارة البلاد والأزمة، فهو قال ذلك بصراحة»، لافتاً إلى أن «الفراغ الرئاسي الذي نعيشه اليوم هو الأخطر في ظل تسليم البلاد كاملة إلى محور إيران وأزلامه وحاشية الرئيس».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.