ميليشيات موالية للسراج تحرج «الوفاق» بخطف مسؤول

TT

ميليشيات موالية للسراج تحرج «الوفاق» بخطف مسؤول

في تطور لافت يضع حكومة «الوفاق» في موقف حرج، أقدمت ميلشيات مسلحة موالية لها على خطف محمد بعيو، مدير مؤسسة الإعلام الرسمية، واثنين من أبنائه، كما اقتحموا مقر المؤسسة.
وجاءت هذه التطورات قبل وصول السراج رفقة وزیر خارجیته محمد سیالة إلى العاصمة الإیطالیة روما، للاجتماع برئیس الوزراء الإیطالي جوزیبي كونتي، تزامناً مع زيارة رسمية لفتحي باشاغا وزير داخلية «الوفاق» أيضا، حيث أجرى أمس محادثات مع وزیرة الداخلیة الإیطالیة، لوتشانا لامورجیزي، حول مكافحة الهجرة غیر المشروعة.
وأعلن بعيو أمس عن خطفه مساء أول من أمس، وقال إن من وصفهم بـ«المجرمين الإرهابيين هاجموا بيته في طرابلس». وهتفت مجموعات مسلحة بشعار «لا تفاوض لا حوار... والشرعية للثوار»، وأصدرت بيانا من أمام مقر مؤسسة الإعلام وسط طرابلس بعد السيطرة عليه، وخطف مديرها الذي لم يمر على تسلم منصبه سوى أسابيع فقط.
كما اعتقلت ميليشيات تابعة لحكومة «الوفاق» الإعلامية هند عمار، التي تم تكليفها قبل يومين فقط بمنصب مديرة البرامج في قناة الوطنية، بعدما قامت بخطفها من منزلها، بينما أجبرت مجموعات مسلحة الموظفين بقناة «ليبيا الرسمية»، الممولة من الدولة، على إعادة شعار «بركان الغضب» يسار الشاشة بعد إزالته في وقت سابق، واستبدال وسم إعلام السلام به.
ولم يصدر على الفور أي بيان رسمي من حكومة «الوفاق»، أو أجهزتها الأمنية بشأن الواقعة، التي تعيد إلى الأذهان مجددا «التدخل السافر» للميليشيات في قرارات السلطة الحاكمة، بينما دعت عائلة بعيو البعثة الأممية للتدخل لإطلاق سراحه، بعدما خطفته عناصر من ميليشيات كتيبة «ثوار طرابلس» من منزله هو وأبنائه، قبل أن تطلق سراحهما لاحقا.
وفى إعلان ضمني عن تبينها عملية الاختطاف، ظهر بعيو بعد ساعات من اختطافه مرتديا زيا منزليا داخل مقر الكتيبة، بينما بدا مبتسما وخلفه شعارها، وقد أدان المركز الليبي لحرية الصحافة واقعة خطفه.
وقال البيان الذي صدر باسم كتيبة «ثوار طرابلس» إنها «لن ترضى أن يحكم الإعلام شخص دون مبدأ، ولن تضيع دماء الشهداء»، علما بأن أيوب أبوراس، آمر الكتيبة، استبق عملية الخطف بتوجيه تهديدات لبعيو، تداولتها وسائل إعلام محلية.
وأعلن محمد عماري، عضو المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، اتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة للطعن فيما وصفه بالقرار غير الشرعي، الذي أصدره السراج بشأن تكليف بعيو، واعتبر أن وصف «جريمة العدوان على طرابلس» بـ«الحرب الأهلية» هو «تزوير للحقائق وطعن في شرعية المعركة، التي خاضتها حكومة الوفاق، وإهانة لقياداتنا العسكرية وشهدائنا الأبرار».
كما طالب عبد السلام كاجمان، نائب السراج، في خطاب رسمي من ديوان المحاسبة، وعدد من الجهات الرسمية بعدم اعتماد قرار السراج بتعيين بعيو لأنه صدر بالمخالفة للاتفاق السياسي، المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015.
بدوره، بارك ناصر اشطيبة، آمر قوة حماية غريان، المحسوب على تنظيم الإخوان، عملية خطف بعيو، وقال إن تعيين أحد الأذرع (جماهيرية القذافي) هو عين الخطأ، وما فعله من تنصيب إعلاميين مؤيدين للعدوان على العاصمة كارثة عظمى.
وكان بعيو قد أحال سليمان دوغة، مسؤول قناة تلفزيونية محلية تابعة لـ«الإخوان»، وتتلقى دعما من قطر وتبث من تركيا، إلى التحقيق لاتهامه بتبديد واختلاس 35 مليون دينار ليبي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.