سنة «نوبل» والمتاحف الجديدة والمعارض الكبرى

أحداث 2014 الثقافية في فرنسا

ميراي ماتيو تعود إلى الغناء في باريس و كتاب عنصري  لإريك زمور يحقق أعلى المبيعات و الفائز بـ«نوبل» باتريك موديانو
ميراي ماتيو تعود إلى الغناء في باريس و كتاب عنصري لإريك زمور يحقق أعلى المبيعات و الفائز بـ«نوبل» باتريك موديانو
TT

سنة «نوبل» والمتاحف الجديدة والمعارض الكبرى

ميراي ماتيو تعود إلى الغناء في باريس و كتاب عنصري  لإريك زمور يحقق أعلى المبيعات و الفائز بـ«نوبل» باتريك موديانو
ميراي ماتيو تعود إلى الغناء في باريس و كتاب عنصري لإريك زمور يحقق أعلى المبيعات و الفائز بـ«نوبل» باتريك موديانو

جاء فوز الروائي الفرنسي باتريك موديانو بجائزة «نوبل في الأدب»، خريف العام الحالي، ليتوج سنة من النشاط الثقافي الذي كاد يخلو من أحداث كبرى أو معارك تتداولها الصحف، إلا إذا اعتبرنا الرواج الكبير لكتاب الصحافية فاليري تريرفيلر خبطة هزت عالم النشر. لقد روت تفاصيل علاقتها مع الرئيس فرنسوا هولاند وصدمة خيانته لها، فصارت مليونيرة بين ليلة وضحاها، يتصدر كتابها واجهات المكتبات، وتتجاوز مبيعاته مبيعات الروائيين المكرسين الذين تحظى كتبهم بانتشار واسع بين صفوف القراء.
لم يكتشف الفرنسيون موديانو، كما هي الحال خارج فرنسا، فهم يعرفونه ويقتنون رواياته ويحبون أُسلوبه الخافت النبرة في الكتابة والعيش، لكنهم تعرفوا أكثر على الرجل، في البرهة الإعلامية القصيرة التي أعقبت الفوز، ووجدوا كاتبا يرتبك في الكلام ويتلعثم في الرد على أسئلة الصحافيين وكأنه تورط بـ«نوبل». لقد أجبرته الجائزة على الخروج من عزلته المختارة ودأبه في الابتعاد عن وهج الإعلام، وبعدها عاد إلى شرنقته. أما الاكتشاف الأدبي الحقيقي لعام 2014، فكان الكاتب الجزائري كامل داود وروايته «ميرسو تحقيق مضاد» التي نافست بقوة وجدارة على جائزة «غونكور»، أرفع مكافآت الروايات الفرنسية. ورغم أن الجائزة ذهبت إلى الكاتبة ليدي سالفير عن روايتها «لا بكاء»، فإن المدائح التي كيلت لداود والمقالات النقدية، والمراجعات التي نشرت عن روايته، فاقت ما كتب عن رواية سالفير، كما أنها ألقت الضوء على جزائري يكتب بالفرنسية، يقيم في بلاده وينشر فيها ويتناول في رواياته أفكارا متجددة بلغة ذكية.
هناك دائما، في فرنسا، أحداث هامشية تتحول إلى قضايا مركزية تتداولها وسائل الإعلام، منها هفوة لا تغتفر لوزيرة الثقافة فلور بيلران التي كانت صريحة إلى حد الاعتراف بأنها لم تقرأ روايات مواطنها الفائز بـ«نوبل»، بل ولم تقرأ خلال السنتين الماضيتين أي كتاب أدبي. إن فرنسا، مثل غيرها من بقاع العالم، تعيش في مرحلة غريبة يختلط فيها الاستعراض (الشو) بالأصيل من النتاجات. وبهذا فإن فضيحة أدبية هنا أو هناك قد تنفع في تسويق الصحف التي ما عاد يمكن التمييز بينها أو تصنيفها ما بين رصينة وشعبية. فمجلة من نوع «النوفيل أوبزرفاتور»، صحيفة النخبة الفكرية والسياسية، عمدت إلى اختصار اسمها إلى «لوبز» واعتماد إخراج جديد يعتمد على الصور الكبيرة والموضوعات المثيرة بشكل يكاد يدفعها في اتجاه «باري ماتش». وفي السياق نفسه تقلصت البرامج الثقافية في قنوات التلفزيون الفرنسي كافة، ونفيت إلى ساعات متأخرة من الليل، ولم يبق سوى برنامج واحد يجري بثه في ساعة المشاهدة الكثيفة، أي بحدود الثامنة مساء.
حتى الكتب التي تتناول ظواهر اجتماعية وفكرية لافتة، كالعنصرية وتقدم اليمين المتطرف و«الإسلاموفوبيا» أو تفشي الخوف من الإسلام بين الفرنسيين العاديين، حتى هذه الكتب دخلت حلقة التشويق والفضيحة أملا في الحصول على قارئ بات عصفورا نادرا في طريقه إلى الانقراض؛ لذلك فإن أكثر كتاب «فكري» يتصدر قوائم المبيعات، منذ أشهر، هو «الانتحار الفرنسي» للصحافي المثير للجدل إريك زمور، وفيه يلعب الكاتب على الوتر الحساس للهجرة وما يمكن أن تشكله من حبل يلتف على عنق فرنسا، حسب رأي المؤلف.
على صعيد مواز، كانت سنة 2014 سنة مميزة للمتاحف الفرنسية التي جدد بعضها شبابه، واستضاف البعض الآخر معارض مهمة استقطبت مئات الآلاف من الزوار. فقد أُعيد افتتاح متحف «بيكاسو» بعد طول أخذ ورد، كما شهد ربيع العام الحالي افتتاح صالات جديدة في متحف «اللوفر» الطامح لأن يكون الأكبر في العالم. واستقبلت الصالات الجديدة مجموعات من الأثاث الفرنسي والتحف العائدة للحقبة الملكية، من لويس الرابع عشر وحتى لويس السادس عشر. وكعادتها خلال العقود الأخيرة، اعتمدت إدارة المتحف في تطويره على تبرعات كبار الأثرياء وعلى المساهمات الصغيرة لجمعية «أصدقاء اللوفر».
حدث مهم آخر تمثل في تدشين متحف فريد من نوعه للفن المعاصر، في غابة بولونيا المحاذية لباريس، يضم الأعمال الثمينة التي اقتناها رجل الأعمال برنار آرنو، صاحب المجموعة الاستثمارية التي تملك شركة «فويتون» للصناعات الجلدية والحقائب. وقيمة المتحف تكمن في مبناه الحداثي الذي يشكل تحفة معمارية حملت توقيع المهندس الأميركي فرانك غيري. ومع هذا المتحف الجديد الذي يضاف إلى عدة متاحف للفن المعاصر، لم تعد باريس تخفي طموحها في أن تصبح عاصمة الفنون الحديثة في العالم، وتنافس نيويورك على هذا اللقب.
ضمن هذا السياق، جاء معرض جيف كونز في مركز «بومبيدو» في باريس ليشكل أول معرض شامل لأعمال هذا الفنان الأميركي المثير للجدل. وعلى مساحة زادت على 2000 متر مربع عرضت أكثر من 100 قطعة للنحات والرسام الذي يتعامل مع الفن بعقلية رجل الأعمال. كما أنها واحدة من المرات القليلة التي يحتفي بها المركز الذي يعد المتحف الوطني الفرنسي للفن الحديث، بفنان ما زال على قيد الحياة، وقد جمع الملايين في سنوات قلائل من بيع أعمال تبدو أشبه بفقاعات دعائية جرى إنتاجها في ورشة تضم 100 عامل.
على صعيد الغناء، كانت عودة ميراي ماتيو إلى الغناء في باريس، هي الحدث الأبرز، بعد غياب سنوات عن الغناء في بلدها والاكتفاء بالجولات الخارجية. وقدمت ماتيو (68 عاما) 3 حفلات على مسرح «أولمبيا» العريق، مستعيدة جمهورا زحف البياض على رؤوسه لكنه ذهب ليستمع إليها ويتذكر فترات الشباب وزمن الأغنية «العاقلة». كما ظل مغني «الروك» جوني هاليداي صامدا في الساحة وقادرا على ملء أكبر الصالات في استعراضات غنائية مرهقة، رغم تجاوزه الـ70، وأصدر أسطوانة رقمية جديدة بعنوان «البقاء حيا»، وبدأ جولة عالمية منطلقا من لوس أنجليس. ويبدو أن «عواجيز» الغناء الفرنسي ينافسون الأصوات الشبابية فعلا، فقد احتفت الصحافة بالأسطوانة المشتركة لكل من المغنيين ألان سوشون ولوران فولزي، اللذين تجاوزا زمن الشاب لكن موسيقاهما ونصوصهما ترتقي بالفن الغنائي إلى مراتب رفيعة.
كان للثقافة العربية نصيب من عام 2014، تمثل في إقامة معرض عن الحج، نظمته مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالتعاون مع معهد العالم العربي، وافتتحه الرئيس فرنسوا هولاند. ومن خلال إلقاء الضوء على شعيرة أساسية من شعائر الدين الإسلامي، وعلى مدينة مكة التي يقصدها ملايين الحجاج والمعتمرين كل عام، سعى المعرض لتبيان الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية للتواصل المعرفي بين الثقافات وإرساء قيم العدل والسلام والاحترام بين الشعوب. ولم يكد صيف 2014 ينقضي حتى استضاف معهد العالم العربي معرضا كبيرا آخر، عن المغرب هذه المرة، يقدم للجمهور الفرنسي، ولعرب عاصمة النور، طائفة واسعة من العروض التشكيلية والمسرحية والموسيقية، والندوات الأدبية التي تعكس حيوية بلد يقع على الضفة المقابلة للمتوسط ويشكل الشباب عماد سكانه.
الحضور العربي في الثقافة الفرنسية جاء أيضا في بادرة قدمتها دولة الإمارات العربية لترميم المسرح الإمبراطوري في قصر «فونتنبلو». وبفضل منحة كريمة قدرها 10 ملايين يورو، أُعيد في أبريل (نيسان) افتتاح الصالة التي كانت قد شيدت في عهد نابليون الثالث ثم تدهورت أبهاؤها وظلت مغلقة طوال 150 عاما. وعلى عادة المؤسسات الثقافية في إطلاق أسماء كبار المانحين على المرافق التي يساهمون في إحيائها، فقد بات المسرح يحمل اسم رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.



مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).